ماكرون وشيراك وطرد الأمن الإسرائيلي.. مشهد تكرر بعد 24 عاما
موقف ماكرون يستحضر معه المشهد نفسه للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك خلال زيارته للكنيسة نفسها قبل 24 عاما الذي ترك بصمته حتى الآن
أعاد طرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للأمن الإسرائيلي من كنيسة "سانت آن" الفرنسية بالقدس للأذهان واقعة مماثلة للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك منذ 24 عاما.
ففي أولى زيارات ماكرون للأراضي المحتلة خلال ولايته، بمناسبة إحياء ذكرى الـ75 من خروج اليهود من المعسكرات النازية في "أوشفيتز"، أجرى زيارة إلى كنيسة "سانت.آن" الواقعة تحت السيادة الفرنسية، وخلال تزاحم قوات الأمن الإسرائيلية لـتأمين ماكرون، ثار الرئيس الفرنسي قائلاً باللغة الإنجليزية:" لا أحد يجب أن يستفز أحدا".
وذكرت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية، أنه بالقرب من كنيسة "سانت.آن" في القدس التي تم بناؤها عام 1856، وقع صدام بين ماكرون والأمن الإسرائيلي، حيث دخل أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية إلى الكنيسة ثم خرج بعد لحظات".
ووفقاً للعديد من الصحفيين الحاضرين خلال الزيارة، حاول الأمن الإسرائيلي الدخول إلى الكنيسة مرة أخرى، لكن تم طرده من أعضاء الحراسة الفرنسية المرافقين لماكرون.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن تلك التصريحات المدوية الغاضبة للرئيس الفرنسي، دفعت وسائل الإعلام الفرنسية إلى استحضار نفس المشهد للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك خلال زيارته للكنيسة نفسها قبل 24 عاما، والذي ترك بصمته حتى الآن.
وأضافت" لكسبريس" أنه خلال زيارة شيراك إلى القدس في أكتوبر/تشرين الأول 1996، اشتبك مع قوات الأمن الفرنسية، وعنف أحد ضباط الجيش الإسرائيلي خلال عمليات تأمينه قائلاً: "هل تريدني أن أعود إلى طائرتي وأرحل".
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن شيراك منع عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي (الذي كان موجودا لتأمينه) أن تخطو قدم أيٍّ منهم "الأراضي الفرنسية" الواقعة في إسرائيل المتمثلة في كنسية "سانت. آن. دي كرواسي" والتي تعتبر أحد أبرز المعالم التاريخية المسيحية في القدس.
وكان شيراك غاضبا من الانتشار المكثف لقوات الجيش والشرطة الإسرائيليين، التي عطلت زيارته للأحياء العربية في القدس، وقام بتوبيخ مسؤول الأمن، ثم أعرب عن احتجاجه رسميا على سلوك الشرطة الإسرائيلية، قائلاً: "إنه استفزاز غير مقبول".
وأمام كنيسة "سانت آن" في القدس، التي تحتلها قوات الأمن الإسرائيلية، انتهز الرئيس الفرنسي الفرصة ليعلن: "القدس مدينة يجب أن تظل مفتوحة. ستكون القدس مدينة السلام هذه، في انفتاح وانتماء للجميع، في قلب منطقة سلام"، بحسب ما نقلت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية في عددها الصادر عام 1996.
وأثار ذلك الموقف حفيظة سلطة الاحتلال الإسرائيلي، آنذاك، وقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتذاره، معتبراً أن شيراك أساء فهم قوات الأمن الإسرائيلية التي أرادت تأمينه، كما برر تلك التجاوزات قائلاً: "إنها ضرورة لحماية صديق"، مشيراً إلى عملية اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين.
وتزامنت زيارة شيراك في ذلك الوقت، مع تقدم المباحثات بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين حول تنفيذ إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في الخليل في الضفة الغربية.
وعادت "لكسبريس" قائلة: "إنه من المفارقة أن يقع الحدثان تحت حكم بنيامين نتنياهو الذي لا يزال في منصبه منذ ذلك الحين".
وكان شيراك يحمل دائماً مكانة مميزة في قلبه للفلسطينيين، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى تسمية أحد شوارعها في رام الله باسمه.
وبعد 24 عاما، يعود ماكرون ليكرر الموقف نفسه عبر طرد عناصر من الأمن الإسرائيلي من كنيسة "سانت آن" في البلدة القديمة من القدس الشرقية.
وقال الرئيس الفرنسي لعناصر الأمن الإسرائيلي في مدخل الكنيسة التي زارها، الأربعاء: "نحن جميعا نعلم الأصول، وأنا لا أقبل ما قمتم به أمامي.. اخرجوا من هنا.. أنا آسف.. لكننا نعرف الأصول أنه لا يجب منع أحد".