كنيسة القديسة مريم في دبي.. أيقونة التسامح
خلف باب كنيسة العذراء مريم في عود ميثاء بدبي تدرك أن للصمت صوتاً لا يسمعه سوى قلبك تقف بين يديها الطاهرة خاشعاً متأملاً باكياً
الكنيسة إلى جانب المسجد، على هذا الحال تعاهد المبنيان المتجاوران على الود والحب وقبول الآخر في دولة الإمارات العربية المتحدة التي اختارت التسامح منهج حياة.
وبمجرد دخول منطقة عود ميثاء بمدينة دبي، يرتسم هذا المشهد في ذهنك وتتباطأ خطواتك لتأمل ذلك المشهد المهيب، الذي لا يمكن أن يمضي مرور الكرام، فها هو التسامح يتجلى في الأجواء، يرنم في
كنيسة القديسة مريم، وينصت لمهابة صوت الأذان.
مواجهة المبنيين لبعضهما لا يمكن أن تراها سوى وحالة من العناق الحميم قد شملت كافة أرجاء منطقة عود ميثاء.
وحين تقف وسط الساحة الكبيرة لكنيسة "القديسة مريم" تدرك سريعاً أن هناك حالة احتفالية خاصة سيطرت على الأجواء، فها هي صورة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، تتوسط الساحة، ليطل عليك بسماحته وابتسامته التي لا تفارق ملامح وجهه.
كما سرعان ما تتسرب إليك تلك الأصوات الهامسة لمرتادي الكنيسة، التي أجمعت على الإحساس بالفخر والاعتزاز بأن دولة الإمارات تحتضن تلك الزيارة العظيمة لقداسة البابا فرنسيس وسط علاقات من المودة والاحترام المتبادلين.
وتجد الجدران التاريخية للكنيسة العتيقة التي تحكي حكايتها التي بدأت في عام 1967، أي منذ أكثر من ٥٠ عاما، وكان الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم قد منح الأرض لبناء الكنيسة، وتقام الصلوات فيها بأكثر من خمسين لغة".
ومنذ ذلك التاريخ افتتحت بجانب الكنيسة مدرسة سانت ماري الكاثوليكية العليا، التي تعتبر واحدة من أفضل المدارس الإنجليزية في منطقة الخليج، وهي تابعة لجامعة لندن، ومرخصة لإصدار شهادات المستوى المتقدم، حيث يتلقى جزء كبير من الشباب في دبي تعليماً في مدارس البعثات التي تحظى باحترام كبير في الإمارات.
خلف باب كنيسة القديسة مريم في عود ميثاء في دبي تدرك أن للصمت صوتاً لا يسمعه سوى قلبك، تقف بين يديها الطاهرة خاشعاً متأملاً باكياً أمام تمثالها المهيب الذي يتوسط قاعة كنيستها، نسمة هواء لا تسائل حتى نفسك من أين قَدمت إليك تلاطف وجهك وتلمس قلبك، فقط عليك الاستسلام.
وداخل الكنيسة تجد الأيقونات التي تحمل صورة السيدة العذراء محتضنة طفلها بين حنايا قلبها، لتسرد لنا مراحل حبهما وكفاحهما عبر حياة ليست بطويلة على الأرض.
مشاهد كثيرة تتراءى أمامك عندما تقع عيناك على تمثال السيد المسيح معلقا على الصليب، ذلك التمثال الذي يشد أنظار الجميع إليه في كنيسة السيدة العذراء مريم، لا تملك أمام هذا المشهد المؤثر الراسخ في العقيدة المسيحية سوى أن تتخيل الـ١٤ مرحلة التي مر بها السيد المسيح سالكاً درب الآلام في أرضه المقدسة فلسطين.
"أم النور" ستنا الملائكية، ها هي ترى وليدها وفلذة كبدها معذباً متألماً، يحمل ما لا يحمله بشر، تحتضنه أمه العذراء وتشد من أزره وسط الجماهير الغفيرة التي أتت لتنظر إلى بؤسه.
ها هو يسير في دربه، نازفاً جريحاً في مشهد لا تحتمله النساء الواقفات، وبصوت ضعيف لا يكاد يكون مسموعاً يقول لهن المعذب "لا تبكين عليّ بل ابكين على أولادكن".
ها هو جسد المسيح مسمراً على الصليب يتوسط كنيسة السيدة العذراء مريم، تمثال يجسد المشهد الأليم، تستطيع عندما تتأمله جيداً أن تسمع صوت السيد المسيح وقد رفع رأسه شامخاً ليقول كلمته الأخيرة بعد رحلة من العذاب والألم "يا رب بين يديك أستودع روحي".
ويوجد في دولة الإمارات حاليا 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة، حيث تبرعت الدولة لبعضها بأراض لإقامتها، وتأسست أول جمعية مسيحية في الإمارات في عام 1968.