السينما تزدهر في مدينة "أبرد شتاء على وجه الأرض"
البعض يطلق على ياكوتيا اسم "ساخاوود" على وزن "هوليوود"، وذلك من باب الدعابة للإشارة إلى نمو قطاع السينما فيها.
تشتهر مدينة ياكوتيا في أقاصي سيبيريا بأنها ذات أبرد شتاء على الأرض، لكن ذلك لا يبدو أنه حائل دون ازدهار قطاع السينما فيها وظهور أفلام بدأت تجذب انتباه المهرجانات الروسية والأجنبية.
وإذا كانت موسكو حاضرة ثقافية وفنية، فإن ياكوتيا التي تعرف عادة بشتائها القارس وحيوانات الرنة وإنتاج الألماس، صارت مركزا لنصف الأفلام الروسية المنتجة خارج العاصمة وسان بطرسبرج.
ويطلق البعض في أوساط السينما على ياكوتيا اسم "ساخاوود" على وزن "هوليوود"، إذ إن هذه المنطقة لها اسم آخر هو ساخا، وذلك من باب الدعابة للإشارة إلى نمو قطاع السينما فيها.
ويقول المخرج أليكسي رومانوف، الذي ترك عمله المرموق كمخرج في سان بطرسبرج ليعود ويقيم في هذه المنطقة التي ينحدر منها: "الكلّ هنا يريد أن ينتج أفلاماً، لدينا أفلام بميزانيات متواضعة، لكنها أكثر نجاحاً في صالات السينما الروسية من أفلام هوليوود".
وحين عاد رومانوف إلى ياكوتيا، وهي أرض شاسعة مساحتها تقارب مساحة الهند ولا يعيش فيها إلا مليون نسمة، كانت صناعة السينما محدودة جدا، وتقتصر على مصوّرين اثنين فقط.
لكن الحال تغيّر اليوم، وصار الناس يتزاحمون على الكاميرات لإنهاء أعمالهم قبل حلول الشتاء وحرارته التي تنخفض إلى 50 درجة تحت الصفر، ويقول رومانوف إن الفيلم الذي يصوّر هناك يكلّف ما بين 35 ألف يورو و70 ألفا، ويوافق الممثلون على العمل مجاناً على أمل أن يجنوا المال من شباك التذاكر فيما بعد.
ورغم هذا التواضع في العمل، صارت الأفلام المنتجة في ياكوتيا تتمتع بشهرة واسعة بدأت تتخطى الحدود الروسية.
ففي العام الماضي، حقق فيلم "السيد نسر" عن عجوزين يعيشان مع نسر في الغابة، أول جائزة في مهرجان موسكو الدولي للسينما.
وحضرت 10 أفلام من ياكوتيا في مهرجان بوسان في كوريا الجنوبية عام 2017، وهو من أهم المهرجانات الآسيوية.
وتتركّز الأفلام المنتجة هناك غالباً على الأراضي البكر والأساطير الشعبية والتقاليد المحلية، لكنها لا تقتصر على هذه المواضيع دون سواها.
فمن بين الإنتاجات الأخيرة فيلم من فئة الخيال العلمي يتحدّث عن فيروس محبوس في الطبقات الجليدية يتحرر منها بفعل الذوبان الناجم عن التغير المناخي، ويسفر عن ظهور أشباح، وصدر أخيراً فيلم عن بطل ذي شارب أخضر يشارك في مهرجان للموسيقى الإلكترونية.
ويفسّر أليكسي رومانوف، وهو أحد مؤسسي شركة "ساخا فيلم" للإنتاج، ازدهار السينما في هذه الجمهورية الروسية بتقاطع الثقافات فيها، ويقول "نحن آسيويون من جهة وقطبيون شماليون من جهة أخرى".
ويروي أن أستاذه سيرجي جيراسيموف (1906-1985) أحد أركان السينما الروسية قال له: "لا تخترع شيئاً، صوّر ما تعرف، ولا تقلّد أحداً، هذا ما نعلّمه اليوم للسينمائيين الشباب".
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز