المظاهرات تعطل برنامج الإصلاح الاقتصادي بالسودان
توقع خبراء اقتصاد أن تؤدي حالة الغليان السياسي وتوقف قروض ومنح صناديق التمويل الدولية في السودان لمحو مكاسب البلاد الأخيرة من الإصلاح.
وأدى برنامج الإصلاح للمرة الأولى في تاريخ البلاد إلى إيقاف تدهور سعر الصرف والتضخم.
ويرى الاقتصاديون أن العصيان المدني سوف يؤثر على العملية الاقتصادية بصورة كبيرة.
وقال المحلل الاقتصادي السوداني عبدالوهاب جمعة: يقترب الاقتصاد السوداني من إكمال 90 يوما على حل رئيس مجلس السيادة الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكد جمعة لـ"العين الإخبارية"، دخول الاقتصاد في نفق مظلم نتيجة لانسداد الأفق السياسي بينما ظلت البلاد من دون وزراء ويدير الوزارات وكلاء الوزراء المكلفون وهم ليس من صلاحيتهم اتخاذ القرارات المصيرية.
وأضاف: ألقت المواكب السلمية والمظاهرات بظلالها على الاقتصاد السوداني، مؤكدًا أن العصيان المدني والإضراب السياسي تسبب في "شل" مكتسبات الاقتصاد السوداني خلال الفترة المقبلة بعد بدء أكبر عملية إصلاح اقتصادي في تاريخ السودان والمدعومة بصناديق التمويل الدولية.
وتابع: توقفت صناديق التمويل الدولية من ضخ الأموال للمشروعات التي بدأت منذ بدء عملية الإصلاح الاقتصادي وهو الأمر الذي أدى إلى تآكل احتياطي بنك السودان المركزي من العملات الأجنبية.
وأشار إلى أن توقف الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يُعد ثالث مورد للعملة الصعبة بعد تدفقات صناديق التمويل الدولية وتحويلات المغتربين السودانيين في الخارج.
وقال: بدأ تأثير انسداد الأفق السياسي خصوصًا بعد استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك يظهر على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مشيرًا إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية مبتعدًا عن السعر الرسمي وهو عكس ما حدث خلال الفترة من شهر يوليو إلى نوفمبر الماضي.
اختلال الميزان
ولفت إلى أن هذا الوضع اضطر بنك السودان المركزي إلى إجراء مزادين خلال اقل من 10 أيام لضخ العملات الأجنبية في السوق لتلافي ارتفاع سعر الدولار.
وتابع، إذا لم يتوصل فرقاء السودان السياسيون والمكون العسكري إلى تسوية فان الاقتصاد السوداني سيدخل دائرة "الأزمة الاقتصادية المركبة" وهي تشمل تدهور سعر الصرف وارتفاع التضخم والمزيد من اختلال الميزان التجاري لصالح المستوردات وبالتالي توقف الاستقرار الاقتصادي الذي حدث في الفترة السابقة.
تعقيدات
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي عمر على محمد بأن الاقتصاد السوداني لا يتحمل أي ضغط فهو في أسوأ حالاته، فالعصيان المدني سوف يعقد العملية الاقتصادية أكثر وسوف يؤدي التعقيد للمزيد من التضخم ومن ثم مواصلة تصاعد الأسعار لكافة السلع.
وقال عمر لـ(العين الإخبارية)عملية التصعيد لها آثار اقتصادية على الجميع، مشيرًا إلى أن الثوار يدركون ذلك إلا أن الخسارة في الاقتصاد لا تتساوى بخسارة الأنفس التي لا تقدر بثمن.
وواصل عمر حديثه قائلا: مشكلة الاقتصاد السوداني تعتبر سياسية من الدرجة الأولى ولا نتوقع الانفراج في الأزمة الاقتصادية إلا في حدوث استقرار سياسي حقيقي، غير ذلك ستتفاقم الأزمة أكثر.
وقال: أتوقع المزيد من ارتفاع العملات الأجنبية ومزيد من التضخم، بجانب الأحجام عن الاستثمارات الأجنبية التي تضخ عملات أجنبية يمكن أن أعمل استقرار سعر الصرف في سقف محدد.
السوق غير محفز
واشتكى التجار من ضعف المبيعات في الفترة السابقة بسبب تذبذب سعر الصرف الذي بدأ في التصاعد بصورة أدت إلى أحجام كبار التجار من عمليات البيع والشراء.
وقال التاجر في سوق السجانة بالخرطوم للحديد ومواد البناء، مازن رحمة، لدينا أكثر من عشرة أيام نحن في حالة ترقب لما تؤول إليه أسعار الصرف لأنها سبب أساس في تجارتنا.
وأكد مازن لـ(العين الإخبارية) توقفه عن البيع والشراء لأن الوضع الاقتصادي عاد مجددًا للتدهور فضلًا على الارتفاع الكبير في سعر العملات الأجنبية.
صندوق النقد
المراجعة الأولى للبرنامج الإصلاحي في السودان جاءت إيجابية حيث وافقت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي على النتائج الأولية لتقييم لبرنامج لكنها دعت إلى إصلاح سعر الصرف الجمركي في إطار زمني معقول لزيادة الإيرادات والقدرة التنافسية وطالبت بالمزيد من الشفافية بشأن المشاريع المملوكة للدولة لتخفيف المخاطر على المالية العامة وجلب المزيد من الإيرادات للميزانية.
بيان صندوق النقد الذي أعلن في مارس/آذار 2021، كشف أن السلطات السودانية حققت تقدما ملموسا نحو تسجيل أداء قوي لتنفيذ السياسات والإصلاحات وهو شرط رئيسي لإعفاء السودان من الديون في نهاية المطاف.