اقتصاد السودان.. ضبابية المشهد السياسي تعوق النمو
استبعد خبراء استقرار الاقتصاد في السودان على المدى المتوسط، وأرجعوا ذلك للأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وقالوا إن بوصلة الاقتصاد معطلة ولا تشير إلى تحسن يلوح في الأفق، كما أكدوا على أن صلاح الاقتصاد يبدأ بالاستقرار السياسي الذي يدفع فيما بعد نحو التعافي والازدهار.
ويذكر أن الحياة بالسودان شبه منعدمة بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة حيث ساهم التضخم في قفزات متتالية بالأسعار.
تدهور الأوضاع
أوضح الخبير الاقتصادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، أن أحداث 25 أكتوبر/تشرين الأول عمقت تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، حيث ساهمت فقط في حماية قوى رأس المال.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهد السودان منعطفا في المرحلة الانتقالية بإعلان القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء واعتقال قيادات المكون المدني الذي شارك في الحكم.
وقال خلف الله لـ"العين الإخبارية" إن قوى رأس المال حريصة على السيطرة على موارد وثروات البلاد، وهو النهج الذي كرسته سياسات الإنقاذ الخاطئة.
ويرى خلف الله أن تلك السياسات في الأساس تتناقض مع اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير ومقررات المؤتمر الاقتصادي التي كان من أشد المدافعين عنها وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم والمكون العسكري.
هيكل الضرائب
ولفت إلى أن جوهر الأزمة ما يزال أساسه تجنب سياسات تعبئة الموارد الذاتية وزيادة وتنمية المصادر الإيرادية بإعادة النظر في هيكل الضرائب وتوسيع قاعدته واتباع مبدأ الضرائب التصاعدية واستيعاب الأنشطة الطفيلية ضمن هياكله لا سيما في العقارات وما يعرف بالاتجار في العملات الأجنبية.
ومضى الخبير الاقتصادي بقوى الحرية والتغيير، قائلا: "إن تحميل هذه القوي أعباء الإصلاح الاقتصادي الانتقالي عوضًا عن تحميلة لذوي الدخل المحدود والمنتجين الصغار، ليكون امتدادًا متوازيًا مع السيطرة على النقد الأجنبي من خلال حوكمة قطاعي الصادرات والواردات التي يتقدمها إنهاء سيطرة الشركات على موارد الخزانة العامة بما فيها صادرات الذهب والمعادن والمحاصيل والحبوب الزيتية".
مكافحة التهريب
وطالب خلف الله بضرورة مكافحة صارمة لقوى التهريب والتحايل النافذة في هذا المضمار التي أعاقت حتى الآن قيام بورصات الذهب والمعادن والمحاصيل والثروة الحيوانية، رغم تكرار الوعود بإنشائها من الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل وغيره.
ويتابع الخبير حديثه أما الجانب الآخر للتدهور المعيشي والاقتصادي فقد تلازم مع الركود الاقتصادي والتضخم الذي أدى إلى خروج العديد من المنشآت الإنتاجية في قطاعي الزراعة والصناعة وارتباط ذلك بزيادة معدلات البطالة وتراجع المنتجات الوطنية التي يتعمد متبنو هذه السياسات بغمر الأسواق المحلية بالسلع والخدمات المستوردة من الخضر والفواكه والألبان ومشتقاتها مرورًا بالزيوت والحلويات إلى السلع الرأسمالية ومعدات الإنتاج الزراعي والصناعات التحويلية ومدخلاتها.
الاستقرار السياسي
بدوره قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير لـ"العين الإخبارية"، إن استقرار الاقتصاد السوداني لن يتحقق إلا بعد الاستقرار السياسي والأمني الذي يتطلب وفاقا تاما لكافة أطراف الصراع السياسي.
لافتاً إلى أن الحديث عن الاقتصاد نفسه تراجع للوراء ولم يعد في صدارة المشهد.
أيضًا في ظل الظروف السودانية التي تحمل المواطن فاتورة إضافية غير التي تحملها في العام الماضي ٢٠٢١ التي تمثلت في تنفيذ روشتة البنك الدولي كرفع الدعم عن المحروقات التي ألقت بظلالها على كافة الأسعار لجميع السلع الضرورية وغير الضرورية، بجانب ارتفاع الدولار الجمركي من ثلاثة عشر جنيهًا إلى أربعمائة وثلاثين جنيهًا.
المواطن يتحمل
وحمل "الناير" الحكومة ما ترتب من آثار تجاه المواطن، لأنه وحده تحمل عبء الاقتصاد بعيدًا عن الدولة التي لم تساعده بشيء حتى الشرائح الضعيفة لم تقدم لها أي مساعدات.
وأشار إلى أن الحكومة فاجأت المواطن السوداني في مطلع العام الجاري بزيادة كبيرة في فاتورة الكهرباء.
مؤكدًا أن الحكومة لم تدرس مآلات قرار زيادة الكهرباء والآثار التي تخلفها في كافة المجالات سواء كانت صناعية أو زراعية أو إنتاج حيواني فضلًا عن القطاع الخدمي بكافة أنواعه.
ظواهر غير مألوفة
وأشار "الناير" إلى أن تلك القرارات سوف تضمن حصيلة أكبر من النقد الأجنبي، لكنها أيضا ستزيد أعداد الفقراء.
وأفاد بأن الاقتصاد يعيش ظواهر غير مألوفة كدخول عام جديد والسودان بلا ميزانية بجانب سير الحياة بلا حكومة.
وحذر الناير من التباطؤ في عملية التوافق التي يجب أن تسرع الخطى من أجل تكوين حكومة كفاءات مستقلة والعمل على إجازة الموازنة بجانب العمل على تخفيف آثار المعيشة للشرائح الضعيفة وتهيئة المناخ لانتخابات في العام المقبل إذا لم يدفع ذلك الاقتصاد السوداني إلى الهاوية.
ويمر السودان بأزمة اقتصادية طاحنة، إذ يؤدي انخفاض الاحتياطيات في كثير من الأحيان إلى نقص الوقود والأدوية الأساسية، فضلًا عن غلاء المعيشة نتيجة لارتفاع أسعار السلع.
وقد بلغ سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني اليوم السبت 15 يناير 2022 لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء) 460 جنيهًا للشراء و465 جنيهًا للبيع.
أما سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني لدى بنك السودان المركزي صباح السبت فسجل نحو 436.28 جنيه للشراء، و439.55 جنيه للبيع.
aXA6IDMuMTQ3LjEzLjIyMCA= جزيرة ام اند امز