موازنة السودان 2022.. هل تنجح أولى خطوات المرحلة الانتقالية؟
أسدل مجلس الوزراء السوداني، الأربعاء، الستار على إجازة موازنة العام 2022، التي تعتمد على الموارد الذاتية للدولة السودانية.
وقالت اللجنة الفنية المكونة لإجازة الموازنة، عبر بيان حصلت عليه "العين الإخبارية"، إن الهدف من إجازة الموارنة تحقيق استقرار اقتصادي للوصول إلى معدل نمو مستدام، بجانب خفض معدلات التضخم، وتحسين معاش السودانيين.
ووجهت اللجنة في بيان أصدرته الأربعاء، بزيادة حجم الإنفاق على الصحة والتعليم. وتضمنت الموازنة العديد من التوجيهات أبرزها تحقيق مُتطلبات ولاية وزارة المالية على المال العام وتحديد وانتخاب مشروعات قومية وولائية متوسطة وقصيرة المدى.
واستمدت الموازنة مرجعيتها من الوثيقة الدستورية الانتقالية والبرنامج الثلاثي للاستقرار والتنمية الاقتصادية (٢٠٢١-٢٠٢٣)، فضلاً على مخرجات سلام جوبا والبرامج المتفق عليها مع مؤسسات التمويل الدولية وأهداف التنمية المُستدامة ومخرجات المؤتمر الاقتصادي والورقة الاستراتيجية لمكافحة الفقر والخطة التنفيذية لأولويات الفترة الانتقالية.
انتقادات لموازنة 2022
يرى مراقبون اقتصاديون سودانيون أن الموازنة لن يكتب لها النجاح إلا إذا شارك في وضعها الوزراء حتى يتمكنوا من صرفها فيما تحتاجة وزاراتهم خلال العام.
وقال الخبير الاقتصادي كمال كرار لـ"العين الإخبارية" إنه من الناحية القانونية لا يوجد مجلس وزراء ولا مجلس تشريعي يجيز موازنة يقدمها له مجلس الوزراء.
وأضاف: أجيز مشروع موازنة ٢٠٢٢ في ١٢ يناير/كانون الثاني من لجان فنية يترؤسها وكلاء وزارات، لا صلاحيات لهم بإجازة موازنة أو تقديمها لأي جهة.
وتساءل كرار قائلا: أين المجلس التشريعي الذي سيعتمد الموازنة ويحولها لقانون؟.. وبادر بالإجابة.. لا يوجد، بالتالي هنالك معضلة.
وأردف: أي قرارات أو زيادات سيقررها هؤلاء ستكون غير قانونية ويمكن الطعن فيها.
ولفت إلى أن البيان الصادر به عبارات وجمل حول أهداف للموازنة مستنسخة من الموازنات "الفاشلة" السابقة، على حد تعبيره، مضيفا: ورغم أن البيان ألمح إلى تحسين الأجور وتأهيل القطاعات الإنتاجية إلا أنه لم يفصح عن الكيفية.
وكشف كرار أن البيان أشار إلى الالتزام بالاتفاقيات التي تم توقيعها مع مؤسسات التمويل الدولية، وهذا يعني مواصلة السياسات السابقة، مثل رفع الدعم والتعويم مما يعني المزيد من الضغوط المعيشية.
زيادة العجز
أبدى كرار امتعاضه من البيان، كونه لم يذكر أي رقم، مشيرا إلى تعمد إخفاء العجز، لكن من المؤكد أن العجز سيكون كبيرا وسيحاولون تغطيته بفرض المزيد من الضرائب وزيادة الأسعار والاستدانة من البنك المركزي.
وأضاف أنه لا يمكن معالجة الأسعار ما لم يكن هناك سياسة لخفض التضخم وهذا لم يشر إليه البيان.
وتوقع أن يصل العجز ٥٠% بعكس توقعات صندوق النقد قبل الانقلاب بأن يكون العجز في حدود ٢٥%.
طريقة اعتماد موازنة 2022
أما الخبير الاقتصادى محمد محمود الجاك، فقد استنكر الطريقة التي اعتمدت بها موازنة العام ٢٠٢٢.
وقال الجاك لـ"العين الإخبارية" إن إجازة الموازنة كانت معيبة ولم تأت بجديد، كما أن كل ما جاء عقب إجازتها عموميات لا ترتقي إلى موازنة منزل، ناهيك عن موازنة دولة يفترض أن تكون محترمة وتحترم شعبها.
وأضاف أنه كان على السلطة الحالية ألا تعد مشروع موازنة تقديرا للظروف التي يمر بها السودان.
وتابع ما حدث اليوم من إجازة مشروع الموازنة يجب أن يتم إلغائها فوراً، منوهاً إلى أن الموارد الذاتية التي سوف تعتمد عليها الدولة لا تفي بأي متطلبات للدولة، قائلا: "لو كانت الموارد تفي لما دخل الاقتصاد منذ أعوام في نفق مظلم وماحدث اليوم معيب".
موارد وثروات السودان
أما المحلل الاقتصادي د. حسين عبدالوهاب قال: يمتلك السودان موارد وثروات متنوعة ومتجددة وغير قابلة للنضوب، فقط ينقصها التخطيط وحسن الإدارة بما يتضمنه من وضع يد الحكومة عليها لتنظيمها وفقا لقواعد الولاية على المال العام.
وأوضح أن معظم هذه الثروات تقع خارج نطاق ولاية الوزارات المختصة وتحت قبضة شركات ومؤسسات حكومية مترهلة النظم وغير مواكبة للتطور ولا يوجد بينها تنسيق يجعلها تصب في الناتج العام لميزانية الدولة.
هروب رأس المال
وأضاف عبدالوهاب لـ"العين الإخبارية" أن عدم ضبط سعر صرف العملات الأجنبية وفوضوية الأسعار وعدم قدرة الدولة السيطرة على الأسعار وتنظيمها يجعل الاقتصاد في مهب الريح، مضيفا من المستحيل وضع سياسة تسعير منضبطة في ظل اضطراب سعر صرف الجنيه السوداني مقابل سعر العملات الأخرى.
وأشار إلى أن ذلك يؤدي بالضرورة إلى هروب رأس المال الوطني، ناهيك عن جذب مستثمرين أجانب فالاستثمار يتطلب استقرار اقتصادي وقوانين صارمة لحماية المستثمر وتشجيعه على وضع أمواله في اقتصادنا، لافتا إلى التخبط في التشريعات، وعدم تهيئة البيئة للاستثمار.
وقال المحلل الاقتصادي: يجب صياغة مبادئ وقواعد قانونية لا تستثني جهة أو مؤسسة خاصة أو عامة أو تضعها في حصانة من سيادة حكم القانون أو قواعد الشفافية والمنافسة ومنع الاحتكار.
موازنة 2021
كانت الموازنة السابقة قد حددت حجم مصروفات التنمية بنحو 115.5 مليار جنيه، بعجز بلغ 83.5 مليار جنيه، وهو ما يعادل 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تقديرات وزارة المالية.
كما استهدفت الموازنة خفض معدل التضخم إلى حدود 95% بداية عام 2021، عوضا عن 250%، بجانب تحقيق معدلات نمو 1.7%.
وأبقت الموازنة سعر الصرف الرسمي للدولار في حدود 55 جنيها دون أي تعديل، حسبما كان متوقعا، تنفيذا لسياسة التدرج في تحرير العملة الوطنية السودانية.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg جزيرة ام اند امز