اقتصاد
السؤال الذي يحير السودانيين.. الدولار المستقر مرض أم عرض؟
لأكثر من شهرين ظل سعر صرف العملات الأجنبة مقابل الجنيه السوداني مستقراً رغم التوترات السياسية، ما أثار الحيرة حول سر هذا الثبات.
وتباينت آراء الخبراء بشأن استقرار سعر الصرف سواء للدولار أو بعض العملات، فبعضهم يرى أن ذلك نتاج لحالة الركود وتوقف عمليات الاستيراد، ما قلل الطلب على العملات الحرة، فيما يعتقد آخرون أن هذا الثبات يعكس مؤشراً للتعافي الاقتصادي ونجاحا للسياسات التي تبنتها الحكومة الانتقالية.
وظل الدولار الأمريكي في حدود 453 جنيها في السوق السوداء، ونحو 436 للشراء و439 للبيع في الجهاز المصرفي المحدد من قبل البنك المركزي.
شملت الإصلاحات التي طبقها السودان بإشراف صندوق النقد الدولي تعويما جزئيا للجنيه (مرن مدار) ورفع الدعم الحكومي عن المحروقات والخبز، وخفض الدعم الموجه للخبز، وإلغاء ما يسمى الدولار الجمركي.
وأشارت إحصاءات حديثة إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد السوداني، حيث انخفض معدل التضخم، مسجلاً 339.58% لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بـ350.84% خلال أكتوبر/تشرين الأول، كما انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 41% خلال العام الماضي.
مع ذلك، يشير الخبير الاقتصادي كمال كرار إلى أن استقرار سعر الصرف في السودان لم يكن مؤشرا لتعاف اقتصادي، وإنما هو نتاج لحالة الركود التي تشهدها البلاد بفضل توتر الأوضاع السياسية في الدولة.
ويقول كرار لـ"العين الإخبارية" إن هذه الحالة الركودية تعكس واقع اقتصاد على حافة الهاوية، لقد توقفت الصادرات والواردات، وهو ما يعني تعطيل المصانع وعملية الإنتاج في البلاد.
أضاف "استقرار سعر الصرف يعكس حالة مرض اقتصادي، فعدم وجود طلب على النقد الأجنبي كان سبباً رئيسياً في عدم تغير أسعاره في المصارف والسوق الموازية".
ويؤكد عدم وجود أي مؤشرات تعكس تحسن الاقتصاد السوداني، متوقعاً حالة من الانفلات ستشهدها أسعار العملات الحرة بمجرد عودة الاستقرار السياسي.
وعلى النقيض، يرى الخبير الاقتصادي أحمد خليل أن استقرار سعر الصرف رغم مساهمة الركود فيه إلا أنه نتاج لنجاح الإصلاحات التي طبقها السودان خلال العام الماضي في جانبها الخاص بالتعويم الجزئي لقيمة العملة الوطنية "الجنيه".
ويقول خليل لـ"العين الإخبارية" إن مزادات النقد الأجنبي التي يجريها البنك المركزي أسهمت في توفير العملات المطلوبة للاستيراد، فبالتالي تناقص الطلب عليها في السوق السوداء، ما أدى إلى استقرار سعر الصرف.
ويشير إلى أن البنك المركزي تمكن من بناء احتياطات معقولة من النقد الأجنبي عبر عائد صادرات الذهب وغيرها، بجانب تدفق تحويلات المغتربين عبر الجهاز المصرفي الرسمي.
وبحسب تقديرات غير رسمية فإن صادرات الذهب السوداني خلال العام المنقضي فاقت المليار دولار أمريكي، بعد أن تمكنت البلاد من تصدير نحو 30 طنا من المعدن النفيس عبر القنوات الرسمية.
وفي العام الماضي، رفعت الإدارة الأمريكية كافة القيود المصرفية عن السودان بعد أن أسقطت اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما سمح باستئناف التحويلات البنكية من وإلى الخرطوم.
ويتفق المحلل الاقتصادي علي إبراهيم مع "خليل" حول تحسن في مؤشرات الاقتصاد السوداني قادت إلى استقرار سعر الصرف، وهو نتيجة طبيعية للإصلاحات التي تمت خلال فترة الحكومة الانتقالية.
لكن إبراهيم يتخوف من أن تؤدي التوترات السياسية إلى تراجع اقتصادي برز مؤشراته خلال المدى القريب، ويقول لـ"العين الإخبارية": "حالة الركود الحالية وتوقف حركة الإنتاج قد تقود إلى انتكاسة جديدة وعودة للوراء، خاصة في ظل توقف المساعدات الدولية وتعهدات أصدقاء السودان".
ويعيش السودان توترا سياسيا حادا جراء خلافات شركاء الحكم الانتقالي، والتي قادت إلى قرارات قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي قضت بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حال الطوارئ في البلاد.
ومع بداية الأسبوع الجاري بلغت تعقيدات المشهد ذروتها، حيث قدم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك استقالته بعد شهرين من توتر سياسي .
وعبر خطاب مطول للسودانيين، قدم حمدوك استقالته، شارحا خلاله تداعيات الأزمة والأسباب التي دفعته لمغادرة المنصب والتي من بينها عدم قدرته على التوصل لتوافق سياسي لتكملة الفترة الانتقالية.
تلك التعقيدات قد تقود إلى مزيد من التراجع الاقتصادي خاصة أن البلاد بالفعل بدأت تشهد ارتفاعا مطردا في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات ونقصا في الخبز والغاز.
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA=
جزيرة ام اند امز