في الماضي لم تكن الدول منكشفة على الخارج، بيد أن المجتمعات اليوم أضحت متواصلة وقد أزالت تكنولوجيا التواصل المعاصرة حاجز الحدود.
لماذا يسهل على القوى الخارجية اختراق المجتمعات التي تتسم بغياب السلم المجتمعي؟ سؤال ليس من السهل الإجابة عنه، بيد أن التاريخ الماضي والمعاصر يكاد يوصل هذه القاعدة إلى درجة القانون الإنساني. أما القاعدة الثانية فهي هجرة العقول المفكرة من المجتمعات الديكتاتورية إلى الأراضي ذات السلم الاجتماعي التي يعرف كل إنسان فيها حقه ويلتزم به.
لا يوجد أشد قسوة على الإنسان من ظلم ذوي القربى له، لأنه في تلك الحالة يعيش صراع المحبة الفطرية التي يكنها لهم في صدره، والآثار السلبية للظلم، عندها يكون الإنسان بصدد القرار الحازم. ألا وهو إما الانتقام أو الصبر وتحمل الانتحار البطيء، نفس المشهد يتكرر على المجتمعات، فعندما يعيش الإنسان في مجتمع لا يجد فيه حقوقاً واضحة له، يمر أهل هذا المجتمع بنفس المنعطف الذي سبق أن سردناه على البشر كأفراد.
في الماضي لم تكن الدول منكشفة على الخارج، بيد أن المجتمعات اليوم أضحت متواصلة وقد أزالت تكنولوجيا التواصل المعاصرة حاجز الحدود الجغرافية المتعارف عليها بين الدول، مما سهل عملية الاختراق المنسق للعناصر التي تهدد السلم المجتمعي في أية دولة. وتبدأ العملية بالإعجاب بما عند الغير، ثم تمني تحققه في مجتمعك. وهنا تأتي عوامل التواصل الافتراضية أو الحقيقية التي تلعب دورها منظمات، رفعت شعار الإنسانية، تدخل هذه المنصات لُتفرّق بين الإنسان ووطنه تحت شعارات براقه مثل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان. وفي غالب الأمر ترحب التجمعات السرية بمثل هذه المنظمات، والتي تعد معها العدة لتنظيم العديد من الفعاليات، التي قد يبدو ظاهرها الرحمة لكن باطنها فيه هلاك الدول وخراب المجتمعات.. هذا هو السيناريو الأول للدول التي لم تحقق السلم المجتمعي.
السيناريو الثاني هو هجرة العقول المفكرة من تلك المجتمعات، التي تتسم بالظلم وغياب العدالة، لأن العقل البشري يبحث عن الحرية التي تسمح له في حدود القانون بالتعبير الحر عن رأيه. وأكبر مأساة تعيشها العقول المفكرة تتلخص في استنساخ عقل غيرها، أو تبني فكرة غير مقنعة لها، لذلك تبحر هذه العقول مولية ناصيتها شواطئ تعدها بأن تنال مكانتها وتحقق رسالتها. وهل هناك خسارة أكبر من أن تكون المجتمعات حاضنة لعقول غير مفكرة، وتجمع بين ضفافها غثاء يحركه الماء إلى حيث الفناء.
من تأمل في حال بعض الدول العربية اليوم يجد مصداقية للكلمات السابقة، مع وجود بعض الاستثناءات المباركة لدول ينعم أهلها بالسلم الاجتماعي، مما جعل مؤامرة الخارج لا تجد لها صدى يُذكر في الداخل. وهنا يتحقق الإنجاز، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، هذا الأسبوع: «الإمارات لا تمتلك خياراً تنموياً آخر غير التفوق والاستمرار، التراجع ليس خياراً»، جاء هذا تعليقا من سموه على نتائج التنافسية العالمية حيث حققت الإمارات المستوى الأول عالميا في121 مؤشراً، والأولى في 479 مؤشراً عربياً، فتحية لقيادة تستثمر في البشر وتعمر الحجر.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة