يتزامن احتفال الصين بيومها الوطني الـ71 تقريباً مع مرور 36 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين في نوفمبر 1984.
تحتفل الصين في الأول من أكتوبر من هذا العام بالذكرى الـ71 لتأسيسها، ففي هذا اليوم من عام 1949، أعلن الزعيم الصيني ماوتسي تونغ عن ميلاد الصين الحديثة، التي استطاعت أن تنتقل من دولة نامية يعاني أغلب سكانها من الفقر والحرمان إلى دولة تنافس بقوة على مكانة الاقتصاد الأكبر عالمياً، في حين تؤكد بعض التقارير الدولية أنها أصبحت بالفعل كذلك بحسابات القوة الشرائية.
وتمتلك الصين الكثير من المقومات التي ستدعم مكانتها العالمية في المستقبل، سواءً بعدد سكانها الضخم الذي يتجاوز الـ1.4 مليار شخص، أو بمواردها الضخمة، أو بخططها الطموحة، وعلى رأسها مبادرة "الحزام والطريق" التي ستعمل على ربط الصين بالعالم عبر سلسلة من الطرق البحرية والبرية، أو عبر الاستثمار المكثف في التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي الذي سيعزز حتماً من مكانتها العالمية، حيث تعد الصين في الوقت الحاضر الدولة الأولى عالميا من حيث حجم الإنفاق على البحث العلمي والتكنولوجي، وخصوصاً الأبحاث الأساسية، والذي وصل في سنة 2019 إلى 291 مليار دولار.
وقد أثبتت الصين بالفعل من خلال إدارتها الحاسمة والناجحة لأزمة وباء "كوفيد-19" أنها دولة كبرى مسؤولة، فلم يقتصر نجاحها فقط على السيطرة على هذا الوباء وتحجيمه بصورة كبيرة، ولكنها سارعت إلى تقديم المساعدة والدعم للدول الأخرى التي عانت من انتشار الوباء فيها، سواء كانت نامية أو متقدمة، حتى أن منظمة الصحة العالمية اعتبرتها نموذجاً في إدارة هذا الوباء. وهذا الأمر جعل بعض الباحثين يتحدثون عن نظام عالمي جديد تتمتع فيه الصين بمكانة ودور أكبر، إن لم يكن يخضع لهيمنتها.
ويتزامن احتفال الصين بيومها الوطني الـ71 تقريباً مع مرور 36 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين في نوفمبر 1984، وهو الحدث الذي شكل الأساس الذي انطلقت منه هذه العلاقات لتحقق قفزات كبرى، بفضل حرص قيادتي البلدين الصديقين على الوصول بهذه العلاقات إلى أعلى المستويات بما يخدم مصالح شعبيهما وطموحاتهما في التنمية والرخاء. وتوجت هذه العلاقات بإعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين عام 2012، لتصبح الإمارات أول دولة عربية خليجية تقيم مثل هذا الإطار المؤسسي مع الصين. ثم تعززت بصورة أكبر بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في أبوظبي في يوليو 2018، أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للإمارات، بحيث أصبحت هذه العلاقات تتسع لمختلف مجالات التعاون الممكنة، السياسية والاقتصادية والمالية، وكذلك التعليمية والتكنولوجية، ومجالات الطاقة والمياه والثقافة، فضلاً عن المجالات العسكرية وإنفاذ القانون والأمن.
وترجمة لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة هذه، أصبحت دولة الإمارات تمثل الشريك التجاري الأهم والأكبر للصين في العالم العربي، حيث تساهم بـ28% من إجمالي التجارة غير النفطية بين الصين والدول العربية، فيما قدر حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2019 بنحو 198 مليار درهم. ويحمل المستقبل آفاقاً أكثر رحابة أمام تعزيز العلاقات القوية بين الجانبين، ولاسيما مع انخراط البلدين في العديد من مشاريع التعاون المستقبلية الطموحة سواء في إطار مبادرة "الحزام والطريق" أو على المستوى الثنائي. ولعل التعاون الكبير حالياً بين البلدين في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والتكنولوجيا إضافة إلى التعاون المثمر والناجح في مجال تطوير لقاح "كوفيد-19" يمثل مؤشرات لذلك.
إن مشاركة دولة الإمارات للأصدقاء في الصين احتفالهم بعيدهم الوطني الـ71، يمثل مبادرة ورسالة صداقة وحب وتعاون بين البلدين والشعبين الصديقين، وتأكيداً واضحاً على قوة علاقات الشراكة الاستراتيجية التي تربطهما، والتي تعزز التفاؤل بالمستقبل المشرق لهذين البلدين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة