قيادة دولة الإمارات يسجل لها أنها قد انتبهت إلى الأهمية الاستراتيجية للصين في السياسة الدولية مبكراً.
الصين التي تحتفل اليوم باليوم الوطني الحادي والسبعين على تأسيس جمهوريتها الشعبية، تضع دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن دائرة اهتمام سياستها الخارجية وذلك إدراكاً من قيادتها للمكانة التي تتمتع بها الإمارات إقليمياً، وما تمتلكه من بينة أساسية تستطيع من خلالها الانطلاق إلى باقي دول العالم.
ومع أن زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، للدولة عام 2018 يعتبرها الكثيرون نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين؛ لأنها مهدت لانفتاح كبير في مجالات التعاون الثنائي خاصة وأن تحركات القيادة الصينية عادة تكون مدروسة وليست عشوائية، وبالتالي فهي محل متابعة من المراقبين في العالم لقراءة نهج بلادها الخارجي، إلا أن قيادة دولة الإمارات يسجل لها أنها قد انتبهت إلى الأهمية الاستراتيجية للصين في السياسة الدولية مبكراً، و في لحظة تاريخية كان الآخرون غير مدركين لمستقبلها وذلك عندما زارها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه- مؤسس الاتحاد، عام 1984 معلناً بذلك تدشين علاقات استراتيجية مع الصين، فالذاكرة السياسية الصينية لا يمكن أن تنسى ذلك، خاصة وأن تلك الزيارة شهدت تأسيس "مركز الشيخ زايد" لتعليم اللغة العربية في بكين.
مثلت جائحة كورونا التي تجتاح العالم اليوم، مدخلا جديدا للتعاون الثنائي بين البلدين منذ بدايتها في مارس الماضي، إلى أن وصل الأمر حالياً إلى تطوير لقاح إماراتي-صيني لخدمة الإنسانية. ويشهد العالم للدولتين تعاوناً كبيراً مع جهود منظمة الصحة العالمية في السيطرة على فيروس "كوفيد19"، خاصة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والصحية إلى باقي دول العالم، فالدولتين كانتا الأكثر نشاطاً وتفاعلاً، كما لا يمكن تجاهل حجم التعاون الثنائي في الاستراتيجية الصينية الاقتصادية المعروفة بـ"بطريق الحرير"، فدولة الإمارات بما تمتلكه من علاقات دولية متنوعة وبنية لوجستية مهمة هي محل اهتمام لدى الصينيين.
الشيء المميز في العلاقة بين البلدين أنها متنوعة و شاملة، بين علاقات سياسية، واقتصادية وتجارية حيث تمارس العديد من الشركات الصينية أنشطتها في الدولة، كما أن الجالية الصينية في الإمارات تقدر بـ(270 ألف شخص)، هذا غير عدد السياح الصينيين الذين يقدر عددهم بمليون زائر في العام الواحد.
أضف إلى ذلك الجانب الثقافي حيث يتم تدريس اللغة الصينية في عدد من مدارس الإمارات، وهو أمر لا يخلو من النظرة الاستراتيجية الإماراتية لحالة الصعود الصيني الذي يبهر العالم في كل المجالات. السياسية والاقتصادية والتكنولوجية وبالتالي يكون مهماً ومن الحنكة التمهيد للتغيرات المستقبلية.
غالباً ما تكون المناسبات الوطنية فرصة لاستذكار طبيعة العلاقات بين الدول وتقييمها، لاسيما إذا كانت هناك مشتركات واقعية تدعمها الإحصائيات والأرقام والمواقف، كما هو الحال في العلاقات الإماراتية- الصينية التي تنتقل من مرحلة إلى أخرى بثبات، لأن الرغبة لتطوير تلك العلاقة مشتركة.
الرئيس الصيني - شي جين بينغ - هو واحد من أهم منظري الاستراتيجية الصينية الجديدة والقائمة على الانفتاح على العالم دون ضجيج، وقد استطاع أن يحقق الكثير من قصص النجاح لبلاده وأثبت للعالم أن الصين تسير باتجاه الدول الأكثر تأثيرا في العالم بدبلوماسية هادئة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة