زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تتصادف مع احتفالات الدولتين بمرور 35 عاماً على تأسيس العلاقات الثنائية.
تستعد جمهورية الصين الشعبية اليوم لاستقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "رعاه الله"، في زيارة دولة، بعد قبوله دعوة فخامة الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، التي ستشهد تكريماً لسموّه وترحيباً بحضوره الرفيع.
وتصادف الزيارة الرابعة لسمو ولي العهد إلى الأراضي الصينية مرور عام على استقبال دولة الإمارات العربية المتحدة لفخامة الرئيس شي جين بينغ بالعاصمة أبوظبي، في زيارته التاريخية التي جرت بتاريخ 21 يوليو 2018، وأسفرت عن الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين من الاستراتيجية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وما تمخض عنها من اتفاقيات ومذكرات تفاهم، رسمت من خلالها أشكالاً جديدة للتنسيق والتعاون بين القيادتين، وحملت رسالة عالمية مفادها أن الحكومتين تحملان رؤى تنموية عالمية وقيما إنسانية مشتركة.
كما تصادف الزيارة احتفالات الدولتين بمرور 35 عاماً على تأسيس العلاقات الثنائية، وهي مناسبة تحمل خصوصية وقيمة عاليتين لدى الجانبين، لما تمثله تلك العلاقة من انسجام في الرؤى والاستراتيجيات الاقتصادية وتناغم في المواقف السياسية المبنية على إرساء السلام والاستقرار العالمي، وتحقيق التنمية المستدامة والانفتاح.
وبناءً على تلك الشراكة ومخرجاتها، ننظر من جانبنا بتفاؤل وترقب لمخرجات الزيارة الحالية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "حفظه الله"، التي تحتوي أجندتها على محادثات رسمية مع فخامة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" ومع الرموز السياسية والاقتصادية في جمهورية الصين الشعبية، كما ستتخلل الزيارة اجتماعات بين رجال الأعمال والاقتصاديين من كلا البلدين لمناقشة سبل التعاون واستكشاف مجالاته الجديدة.
لقد عرفنا أن التعاون بين البلدين اختزلته مجموعة كبيرة من الاتفاقيات المبرمة سابقاً وما أضيف لها في الصيف الماضي من اتفاقات ومذكرات تفاهم شملت قطاعات مختلفة كالطاقة والفضاء والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والتصنيع والثقافة والسياحة وغيرها، كما تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة محطةً مهمةً للأعمال والتجارة الصينية، حيث تعد بوابة العبور لـ60٪ من الصادرات الصينية إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتخذ نحو 4200 شركة صينية من إمارات الدولة مقراً لممارسة أنشطتها التجارية، إضافة إلى أكثر من 300 ألف مواطن صيني يقيمون ويعملون في الإمارات العربية المتحدة، كما يشهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعاً تصاعدياً حيث من المتوقع أن يتجاوز في العام المقبل 2020 نحو 70 مليار دولار.
العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين في أفضل حالاتها نظراً لمجموعة كبيرة من الأسباب؛ أهمها الأسس التي أرسيت عليها دعائمها المتمثلة في جهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيّب الله ثراه"، الذي أدرك ببصيرته وبُعد نظره أهمية هذا البلد مستقبلاً فمنحه اهتمامه وزيارته التاريخية
وعلى المستويين الثقافي والتعليمي أبرمت المنظومتان التعليميتان في كلا البلدين، على مستوى القطاعين العام والخاص مجموعة من الاتفاقيات في مجال التبادل الأكاديمي والمعرفي، إلى جانب العديد من النشاطات الثقافية المتبادلة التي توالت طيلة السنوات السابقة بهدف تحقيق التقارب بين الثقافتين والشعبين، بالإضافة إلى التطور الذي طرأ على القطاع السياحي بين الدولتين والذي تأثر إيجاباً وبشكل ملحوظ بعد قرار إعفاء مواطني دولة الصين من شرط الحصول على التأشيرة في عام 2016، حيث تجاوز عدد الزوار الصينين مليونا و100 ألف زائر سنوياً، كما وصل عدد الرحلات الأسبوعية لشركات الطيران في البلدين إلى 150 رحلة.
ومن ناحية أخرى، فإن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين في أفضل حالاتها نظراً لمجموعة كبيرة من الأسباب؛ أهمها الأسس التي أرسيت عليها دعائمها، المتمثلة في جهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيّب الله ثراه"، الذي أدرك ببصيرته وبُعد نظره أهمية هذا البلد مستقبلاً فمنحه اهتمامه وزيارته التاريخية، وأوصى بالحفاظ على علاقات طيبة معه تستند إلى الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، ما يفسر اهتمام القيادة الرشيدة بهذه العلاقات المتمثل بالزيارات المتبادلة على أعلى المستويات.
ومن خلال كل تلك المعطيات يمكننا الجزم بأن هذه الزيارة التاريخية ستنقل العلاقات الإماراتية-الصينية إلى آفاق جديدة تخزّن فيها الصين مجالات جديدة ومتنوعة للتعاون، لا سيما أن العالم مقبل على واقع جديد تحكمه تقنيات وعلوم متطورة، ستتمخض عنها صناعات ومنتجات حديثة تختلف عن التي يستخدمها العالم اليوم، وترتبط بشكل أساسي بالعالم الرقمي والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء، التي تسعى الصين لأن تكون من روادها، ما يتطلب وجود شركاء لها على درجة عالية من الكفاءة والثقة كقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتخذ من الابتكار نهجاً لإدارة الدولة ومن الخير والتسامح أسماءً لأعوامها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة