عملية القرصنة التي احتجزت بها طهران ناقلة نفط بريطانية كانت تعبر مضيق هرمز، باتهامات نعلم جميعا ألا أساس لها من الصحة.
في الوقت الذي تعمل فيه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة القيادات الرّشيدة منها، على زرع قيم التّسامح والسلام بين شعوبها، وتحسين الصّورة المغلوطة عن الدّين الإسلامي وسماحته، تواصل إيران تعزيز مصطلح "الإسلاموفوبيا" عالميا، عبر سلوكياتها الدّاخلية والخارجيّة، ومنذ صعود نظام الملالي سعت طهران لزرع الكراهيّة داخل شعبها، وشيطنة الآخرين، تحت عباءة الإسلام وعمامة الأيديولوجية المتطرّفة الرافضة لوجود الآخر وحقّه في الحياة.
لقد دقّت نواقيس الخطر، وحان وقت اجتثاث النّظام الإيراني من جذوره، نظام تحدّي القوانين والأعراف الدّوليّة، ولم يعطها قيمة ولا وزنا، وحتى الاتفاقيّة النووية لم يلتزم بها، ولا لوم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا إدارته حين أعلن تخلّيه عن هذه الاتفاقيّة.
ابني الصّغير الذي لا يعرف عن إيران شيئا، ولم يسمع عنها من قبل، والذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، اتّصل بي اليوم خصّيصا لا ليسأل عن أخباري، أو يطلب لعبة كالعادة، بل ليخبرني عن احتجاز ناقلة النّفط البريطانيّة، وأنّه قلق جدّا من قيام حرب، وأن هذا الأمر يؤرقه ولا يمكنه النّوم، حاولت طمأنته ضاحكة عبر اتّصالنا الهاتفي، وأخبرته أنّ إيران دولة عمدت إلى استعمال هذه الأساليب منذ نهاية السبعينيات، فأجابني بتلقائيّة قائلا: إذا إيران هي التي بدأت الحرب العالمية الجديدة بعد نهاية الحرب العالميّة الثّانية.
بين تعبي وسهري وأوراقي لم أجد ما أطمئن به صغيري غير أسهل السّبل، التّي اعتقدت أنها "تصبيرة" قد تقنعه لبعض الوقت، وكان جوابي: إنّ إيران بعيدة جغرافيّا عن بريطانيا، وإن أي تصعيد أو حرب لن يرى نيرانها أو يسمع دويّها.
شكرني طفلي الذي أحسست أنّه لم يقتنع بإجابتي، وانتفض ضميري وفكري ليطرح مسألة لم تخطر على بالي من قبل، وهي أطفالنا في المنطقة، وكيف يتقبّلون هذه الأخبار، وشباب منطقتنا ومواقفهم من الخطر الإيراني الذي تحوّل من خطر أيديولوجي إلى خطر حقيقي عبر ممارسات طهران المتهوّرة، الّتي كان آخرها احتجاز ناقلة النّفط البريطانيّة كرد فعل على احتجاز ناقلتها النّفطيّة في جبل طارق الأسبوع الماضي من طرف البريطانيين.
لقد دقّت نواقيس الخطر، وحان وقت اجتثاث النّظام الإيراني من جذوره، نظام تحدّي القوانين والأعراف الدّوليّة، ولم يعطها قيمة ولا وزنا، وحتى الاتفاقيّة النووية لم يلتزم بها، ولا لوم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا إدارته حين أعلن تخلّيه عن هذه الاتفاقيّة.
طهران التي تسعى لصناعة صورة بطولية لتبدو أمام شعبها ومناصري فكرها أنّها أقوى من القانون، والتي لم تصلها رسالة حضارة الزّمن الذي نعيش، وهي أن القانون عماد العالم وأنّ من لا يلتزم به ينهار.
نظام الملالي الذي تعود على رفض الآخر، والخروج عن القانون، ورأى في هذه السّياسة صورا "بطولية" حوّلت تطرّفه واختراقه للقوانين الدّولية إلى ما وصفته في مقالي الأسبوع الماضي بـ"عربدة" أراها اليوم عودة إلى الجاهليّة.
عملية القرصنة التّي احتجزت بها طهران ناقلة نفط بريطانيّة كانت تعبر مضيق هرمز، باتهامات نعلم جميعا ألا أساس لها من الصّحة، وأنّ القرار الإيراني اتخذ أساسا في ردّ على احتجاز البريطانيين لناقلة النّفط الإيرانية في جبل طارق، والتي اخترقت بشكل واضح العقوبات الموجّهة ضدّ حكومة الأسد.
وقد أثار التّصرف الإيراني غضب الأمريكان الذين اعتبروا الموقف تصعيدا نحو حرب شاملة، فيما رأى البريطانيون أن الحل قد يكون عبر التّفاوض الذي قد ينتهي بالإفراج عن النّاقلة الإيرانيّة المحتجزة في جبل طارق، وهذا ما لا نتمنّى أن نراه لأنه سيشجع نظام الملالي على التّمادي في خرق القوانين الدّوليّة، والتّوسع الأيديولوجي في المنطقة.
حان وقت المواجهة واقتلاع الورم الإيراني من جذوره.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة