البابا فرنسيس.. صوت ضمير العالم لحماية الأرض من التغيير المناخي

يعتبر البابا فرنسيس من أبرز الشخصيات التي تركت بصمة لا تُمحى في مجالي الكرامة الإنسانية وحماية البيئة.
طوال فترة قيادته للكنيسة الكاثوليكية، كان صوتًا قويًا في التحذير من خطر التغير المناخي وأهمية اتخاذ تدابير حاسمة للحد من تأثيراته السلبية. منذ عام 2015، أطلق البابا الوثيقة الشهيرة "لاوداتو سي" ("كن مسبِّحاً")، التي أصبحت محركًا رئيسيًا للمناقشات العالمية حول التحديات البيئية. في هذه الوثيقة، دعَا البابا إلى التوحد لمواجهة التغيرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض، مُشددًا على ضرورة حماية البيئة باعتبارها من الحقوق الإنسانية الأساسية.
وثيقة "لاوداتو سي": إعلان لضرورة حماية البيئة
اختار البابا فرنسيس اسمه البابوي استلهامًا من القديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226 ميلادي)، الذي كان معروفًا بتعاطفه العميق مع الفقراء واهتمامه الكبير بالطبيعة. من خلال تبنيه لهذا المفهوم، دعا البابا فرنسيس إلى حماية البيئة على اعتبارها جزءًا أساسيًا من "العائلة العالمية". وفي الوثيقة التي نشرت عام 2015، تضمَّنت "لاوداتو سي" 6 فصول و73 فقرة، ناقش فيها الحاجة الملحة للتصدي للتغير المناخي وتحمل مسؤوليات كل الأمم في الحد من تأثيراته.
في الفصل الأول من الوثيقة، شدد البابا فرنسيس على أن علامات التغير المناخي أصبحت واضحة بشكل لا يمكن تجاهله. وتطرَّق إلى الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، التي وصفها بأنها "مرض صامت" يهدد المجتمعات حول العالم، لا سيما في الدول الأكثر فقرًا وضعفًا.
القيادة الروحية لتوعية العالم بآثار التغير المناخي
واصل البابا فرنسيس دعوته العاجلة إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب من الجميع - ولا سيما الدول الكبرى - التحلي بالصدق والشجاعة والمسؤولية. أكد البابا أنه إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة للحد من ارتفاع درجات الحرارة، فإننا قد نواجه كارثة بيئية تشمل ذوبان الأنهار الجليدية في غرينلاند والقطب الجنوبي. وتنبأ البابا بأن هذه التغيرات قد تؤدي إلى تهجير سكان مناطق بكاملها نتيجة للظروف البيئية القاسية التي قد تشهدها.
دعوة لتحولات مناخية حقيقية
في مؤتمر "كوب 28" الذي انعقد في دبي في نوفمبر / تشرين الثاني 2023، شدد البابا فرنسيس على ضرورة أن تكون المفاوضات المناخية حاسمة في مواجهة التغير المناخي. ودعا إلى الانتقال السريع إلى الطاقات النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل آمن للبيئة.
كما بعث البابا برسالة إلى مؤتمر "كوب 29" في باكو / أذربيجان في نوفمبر / تشرين الثاني 2024، والتي ركزت على ضرورة إقامة هيكلية مالية دولية ترتكز على المبادئ الإنسانية للعدالة والمساواة. أكد البابا أن التنمية الاقتصادية يجب أن تتم دون المساس بحقوق الضعفاء أو تدمير البيئة.
رسائل ستظل حية حول المناخ
في زيارة له إلى إندونيسيا في سبتمبر / أيلول 2024، شدد البابا فرنسيس على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التغير المناخي. أثناء لقاءه مع إمام إندونيسيا نصر الدين عمر في مسجد الاستقلال في جاكرتا، دعا البابا إلى ضرورة توحد جميع الدول والشعوب لمواجهة أزمة المناخ.
قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سايمون ستيل، "البابا فرنسيس كان بطلًا عالميًا في العمل المناخي"، حيث جسد روح القيادة الملتزمة بحماية الفقراء وكوكب الأرض.
مع مرور الزمن، تظل رسائل البابا فرنسيس الحية والمستمرة حول العدالة المناخية وحماية البيئة مصدر إلهام للإنسانية في مواجهة التحديات البيئية المستمرة.
aXA6IDE2MC43OS4xMDkuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز