تغير المناخ والأسماك.. الأحجام تتقلص
الأسماك، المأكولات المفضلة لأغلب البشر في مواجهة التغيرات المناخية.
هناك في شرق آسيا تقع اليابان التي تشتهر بمأكولاتها البحرية الغنية، لعل أشهر ما وصلنا منها وجبة السوشي التي نالت شهرة واسعة في وطننا العربي، ولأنّ اليابان دولة جزرية، تحيطها المياه من جميع الجوانب؛ فمن المتوقع أنّ إنتاجيتها من الأنواع البحرية كبيرة مقارنة ببقية مناطق العالم، خاصة عند ساحلها الشرقي الذي يحده المحيط الهادئ. الأمر الذي دفع مجموعة بحثية من جامعة طوكيو في اليابان إلى إجراء دراسة؛ للبحث في مدى تأثر الكائنات البحرية بآثار التغيرات المناخية. ووجدوا أنّ أوزان الأسماك تناقصت خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية «فيش آند فيشيريز» (Fish and Fisheries) في 21 فبراير/شباط 2024.
نضج أسرع وحجم أصغر
قاعدة عممتها الأبحاث السابقة، وهي ارتباط سرعة النمو بارتفاع درجات حرارة البيئة المحيطة. وهذا ما يحدث مع الأسماك التي تتغير درجات حرارة المياه التي تعيش فيها. لذلك، راح مؤلفو الدراسة يقييمون بيانات أوزان 4 أنواع من الأسماك بين عامي 1978 - 2018، وبيانات 13 نوعًا بين عامي 1995 - 2018. لاحظوا انخفاضًا واضحًا في الوزن خلال ثمانينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
لأسباب مختلفة
أرجع الباحثون أنّ الانخفاضات الحاصلة في أوزان الأسماك ثمانينيات القرن العشرين إلى زيادة أعداد السردين الياباني، ما تسبب في زيادة المنافسة مع الأنواع الأخرى على الغذاء. لكن في أثناء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان العامل الرئيسي في انخفاض أوزان الأسماك هو ارتفاع متوسط درجات حرارة المياه؛ خاصة عند السطح؛ إذ تُشير التقديرات إلى زيادة موجات الحر البحرية بمعدل يزيد عن 50%، ما جعل البيئة مثالية لحياة بعض الأنواع غير المرغوب فيها مثل قناديل البحر، وحدثت بعض التغييرات في المغذيات المتاحة؛ إذ انتشرت العوالق النباتية صغيرة الحجم، وصارت كمية المغذيات التي تعتمد عليها الأسماك أقل من قبل.
تُمثل هذه الدراسة دليلًا على تأثر منطقة من أهم مصايد العالم بآثار التغيرات المناخية، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي في الحياة البحرية؛ خاصة في المحيطات التي تُمثل موطنًا لما يتراوح بين 500 ألف حتى 10 ملايين من الأنواع البحرية. وعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن ترتفع درجات حرارة المحيطات ما بين 1 إلى 4 درجات مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة بحلول عام 2100. يرجع ذلك إلى أنّ المحيطات تمتص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتخزنها بداخلها، ما يؤدي أيضًا إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني، وبالتالي زيادة حموضة المياه. كل هذا يعود بالسلب على صحة الحياة البحرية.