التغير المناخي وجائزة نوبل.. إنجازات دون الطموحات
رغم فوز الكثيرين حول العالم بجوائز نوبل لجهودهم في مكافحة التغير المناخي، إلا أن حجم الاستفادة من تلك الإنجازات كان دون الطموحات.
كما أن قلة عدد الفائزين أيضا لجهودهم في هذا الصدد، يعكس تضاؤل الاهتمام الواجب إيلاؤه لتلك الظاهرة الخطيرة، التي تعد تهديدا وجوديا.
ويمكن إدراك خطورة هذا التهديد، بمعرفة آثار تغير المناخ التي تعد واسعة النطاق، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية.
ومن هنا تكمن أهمية القيام باتخاذ إجراءات جذرية على مختلف الأصعدة، لتفادي ارتفاع درجة الحرارة بصورة خطرة، في وقت يتجه العالم فيه نحو ارتفاع في درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
ومنذ وقت مبكر برزت جهود الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ في هذا الصدد، وهو هيئة دولية معنية بتقييم الموضوعات العلمية المتعلقة بتغير المناخ. وقد أسسه كلّ من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 1988 لتزويد صانعي السياسات بتقييمات عادية للأساس العلمي لتغير المناخ، وآثاره، ومخاطره المستقبلية، وخياراته المتعلقة بالتكيف مع ظاهرة المناخ والتخفيف من آثارها.
نوبل للسلام 2007
وتتويجا لجهوده، قررت لجنة نوبل النرويجية أن يتم تقاسم جائزة نوبل للسلام لعام 2007 بالتساوي بين الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ وآل جور نائب الرئيس الأمريكي الأسبق لما بذلاه من جهود لزيادة ونشر المعرفة حول التغير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان ووضع أسس الإجراءات اللازمة لمكافحة هذا التغير.
وجاء التكريم في رسالة إلى العالم لإعطاء المزيد من الاهتمام بهذه القضية.
رشح آل جور لهذه الجائزة بفضل فيلمه الوثائقي "حقيقة غير مريحة"، الذي حذر من عواقب الاحتباس الحراري، وكان قد منح جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي، كما أنه فتح باب المناقشات في الولايات المتحدة الأمريكية حول قضية المناخ.
أما الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية، فتضم حوالي 3 آلاف عالم وخبير اقتصادي وخبراء في علم المحيطات، وتعنى بشكل خاص بمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وآثارها.
ورغم أن التكريم كان بمثابة تشجيع لجهود مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري المؤدية لارتفاع درجة حرارة الأرض، إلا أن تلك الجهود ظلت دون الطموحات.
نوبل في الاقتصاد 2018
وفي 2018، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم فوز الأمريكيين ويليام دي. نوردهاوس وبول إم. رومر بجائزة نوبل للعلوم الاقتصادية لعام 2018، وذلك تقديرا لأبحاثهما التي ساهمت في بناء نماذج اقتصادية لشرح العلاقات المتبادلة بين التغيرات المناخية والتطور التكنولوجى وتأثيراتهما على متغيرات الاقتصاد الكلي والنمو الاقتصادي في المدى الطويل.
وأوضحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أن الباحثين الأمريكيين ويليام دي. نوردهاوس وبول إم. رومر استحقا جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية لعام 2018، التي حصلا عليها مناصفة، لجهودهما في "تصميم أساليب لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحا: النمو المستدام الطويل الأمد في الاقتصاد العالمي ورفاهية سكان العالم".
وقام نوردهاوس بتطوير نموذج يساعد في توضيح التفاعل بين الاقتصاد والمناخ.
وأوضحت الأكاديمية أن "بحث ويليام نوردهاوس أظهر كيف يتفاعل النشاط الاقتصادي مع الكيمياء والفيزياء الأساسية للتسبب في التغير المناخي"، أما بحث رومر بشأن التقدم التكنولوجي فقد أظهر كيف أن تراكم الأفكار يقود إلى نمو اقتصادي على المدى الطويل.
وأكد بول رومر تفاؤله بشأن إمكانية خفض الانبعاثات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
وتابع: "من الممكن تماما أن ينتج البشر كميات أقل من الكربون، وهناك بعض المقايضات، ولكن بمجرد أن نبدأ ونحاول ونقلل انبعاثات الكربون، فإننا سنندهش بأن الأمر لم يكن صعبا كما تصورناه".
وجاء منح الجائزة ليؤكد مجددا أن مكافحة التغير المناخي أصبحت من القضايا الأكثر إلحاحا على الأجندة الدولية للتنمية المستدامة. ومن ثم، فإن منح الجائزة في هذا المجال إنما يعكس وبصورة كبيرة حجم التهديدات التي تشكلها التغيرات المناخية لمستقبل النمو الاقتصادي العالمي.
الفائزون بنوبل 2019.. دعوات للتحرك
وفي 2019، أكد 3 من الفائزين بجائزة نوبل، أن هناك حاجة ملحة إلى التحرك بشأن التغير المناخي.
وقالت إستر دوفلو، إحدى الفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2019 لجهودهم في مجال مكافحة الفقر: "في المستقبل القريب، يمكن أن يعرض ارتفاع درجة حرارة الأرض أغلب المكاسب التي جرى تحقيقها ضد الفقر في مختلف أنحاء العالم للخطر".
وأشارت دوفلو إلى أن التغير المناخي يضر بالأشخاص في نصف الكرة الجنوبي "على نحو متناسب. وبالتالي تقع علينا في العالم الغني مسؤولية كبح الاستهلاك لتجنب ذلك".
وقال مان ستانلي ويتنجهام، وهو واحد من 3 فازوا بجائزة نوبل في الكيمياء، لعملهم في تطوير: "بطاريات ليثيوم أيون، التي تستخدم في أجهزة عدة مثل الهواتف المحمولة، إنه الوقت المناسب لحل قضية المناخ".
وأكد ديديه كيلوز، أحد الـ3 الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء، أن الإنسان "أحد الأنواع التي تطورت ونمت من أجل هذا الكوكب. لسنا مؤهلين للعيش على أي كوكب آخر".
ونال كيلوز الجائزة لجهوده في اكتشاف كوكب خارج المجموعة الشمسية.
نوبل في الكيمياء 1995
وفاز العالِم المكسيكي الراحل ماريو مولينا، بجائزة نوبل للكيمياء عام 1995، عن اكتشافاته المتعلقة بالأضرار التي تلحق بطبقة الأوزون في الغلاف الجوي للأرض.
وكان مولينا يحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء والكيمياء من جامعة كاليفورنيا، وكان من أول الباحثين في العالم في مجال كيمياء الغلاف الجوي.
ونشر مع الأمريكي فرانك شيروود عام 1974 مقالاً استبق فيه توسّع "ثقب" طبقة الأوزون بسبب انبعاثات بعض الغازات الصناعية، وقد نال عن اكتشافاته هذه جائزة نوبل عام 1995 مع الهولندي بول كروتزن.
وأسهمت أبحاثه في التوصل إلى بروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون والذي منع انبعاثات العديد من المواد الضارّة أو حدّ منها.