توقعات صادمة.. التغيرات المناخية سبب انتشار آلاف الفيروسات بحلول 2070
ربما يساهم تغير المناخ في انتشار آلاف الفيروسات الجديدة بين أنواع الحيوانات بحلول عام 2070.
ومن المرجح أن يزيد ذلك من خطر ظهور الأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر.
تداعيات تغير المناخ
بينما يعيش الأفراد في جميع أنحاء العالم حياة أطول وأكثر صحة مما كانوا عليه قبل نصف قرن فقط؛ جاءت أزمة تغير المناخ لتُهدد بإفساد هذا التقدم؛ حيث يؤدي تغير المناخ إلى نزوح حوالي 20 مليون شخص كل عام -الأشخاص الذين يحتاجون إلى السكن والرعاية الطبية والغذاء والضروريات الأخرى التي تضع ضغوطًا على الأنظمة الهشة بالفعل أكثر من أي وقت مضى- هذا، وتتحرك أيضًا الحيوانات -المُحملة الأمراض- لاستيعاب تغيرات المناخ. وهم ليسوا وحدهم: فالجراد، والبعوض، والبكتيريا، والطحالب، وحتى الفطريات تتحرك، وتغير أو توسع نطاقاتها التاريخية للتكيف مع الظروف المناخية التي تتطور بوتيرة غير مسبوقة.
هذه التغييرات لا تحدث من فراغ؛ حيث تتسبب أنشطة إزالة الغابات والتعدين والزراعة والانتشار الحضري في القضاء على المناطق البرية المتبقية في العالم، مما يساهم في فقدان التنوع البيولوجي الذي يحدث بمعدل غير مسبوق في تاريخ البشرية.
كل هذه العوامل تخلق ظروفًا مهيأة للإصابة بالأمراض؛ حيث أصبحت الأمراض القديمة والجديدة أكثر انتشارًا بل إنها تظهر في أماكن لم يتم العثور عليها من قبل.
من هذا المنطلق، بدأ الباحثون في تجميع مزيج من الأدلة التي تسلط الضوء على التهديد الهائل الذي تشكله الأمراض الناجمة عن المناخ حاليًا على صحة الإنسان - ونطاق المخاطر القادمة. ومن جانبه، أوضح "نيل فورا"، الطبيب في منظمة Conservation International غير الربحية في تصريحات لوكالة أسوشييتد برس: أن تداعيات تغير المناخ هذا ليس مجرد شيء سيحدث في المستقبل، بل إن تغير المناخ هنا، والأفراد يعانون ويموتون الآن.
تغير المناخ وانتشار الأمراض
بدأت الحيوانات -مُحملة بالأمراض- في الانتقال إلى المرتفعات الأعلى والأكثر برودة للهروب من ارتفاع درجات الحرارة في نطاقاتها الأصلية، وهذا يشكل تهديدًا للأشخاص الذين يعيشون في تلك المناطق، كما أنه يؤدي إلى اختلاط خطير بين الحيوانات الوافدة الجدد والأنواع الموجودة.
على سبيل المثال، عدوى أنفلونزا الطيور، قد انتشرت بسهولة أكبر بين الحيوانات البرية؛ حيث إن ارتفاع مستوى البحار وعوامل أخرى دفعت بهجرة بأنواع مختلفة من الطيور واصطدامها بأنواع أخرى. ولن تتوقف العدوى بين الطيور عند ذلك الحد؛ حيث تميل الأمراض التي تنتقل بين الطيور إلى أن يكون لها وقت أسهل في النهاية في تحقيق قفزة للبشر.
علاوة على ذلك، تسمح فصول الشتاء الأكثر برودة والخريف والأكثر اعتدالًا بنقل مسببات الأمراض على سبيل المثال، الجراد والبعوض والبراغيث، والبقاء نشيطين لفترات أطول من العام. فقد شهدت منطقة شمال شرق الولايات المتحدة انتشارًا هائلاً للجراد ذي الأرجل السوداء الحاملة لمرض لايم على مدار العقد الماضي، حيث لعب الشتاء دورًا حاسمًا في هذا الاتجاه.
كما تخلق أنماط الطقس غير المنتظمة، مثل فترات الجفاف والفيضانات الشديدة، ظروفًا لانتشار الأمراض. على سبيل المثال، تنشط الكوليرا، وهي بكتيريا تنتقل عن طريق المياه، خلال موسم الرياح الموسمية في دول جنوب آسيا عندما تلوث الفيضانات مياه الشرب، خاصة في الأماكن التي تفتقر إلى بنية تحتية جيدة للصرف الصحي.
وأيضًا حمى الوادي، من مسببات الأمراض التي تنتقل عن طريق الفطريات والتي تنمو في التربة في غرب الولايات المتحدة، وتزدهر خلال فترات هطول الأمطار. فضلًا عن أن الجفاف الشديد الذي يتبع فترات هطول الأمطار في هذا الجزء من العالم، قد يؤدي إلى ذبول الجراثيم الفطرية، مما يسمح لها بالانتشار بسهولة أكبر في الهواء عند أدنى اضطراب.
التأثيرات الناجمة على صحة الإنسان
تضاعفت حالات المرض المرتبطة بالبعوض والجراد والبراغيث ثلاث مرات في الولايات المتحدة بين عامي 2004 و2016، وفقًا لمراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها. يمتد التهديد إلى ما هو أبعد من الأمراض المنقولة بالنواقل المعترف بها بشكل عام؛ حيث تُظهر الأبحاث أن أكثر من نصف مسببات الأمراض المعروفة بأنها تسبب المرض للإنسان يمكن أن تتفاقم بسبب تغير المناخ.
هذا، وتتفاقم المشكلة مع مرور الوقت، وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه بين عامي 2030 و2050، ستؤدي مجموعة من التهديدات المرتبطة بالمناخ، مثل الملاريا وانعدام الأمن المائي، إلى مقتل ربع مليون شخص إضافي كل عام.
ومن جانبه، أشار "كولين كارلسون"، عالم بيولوجيا التغير العالمي بجامعة جورج تاون، إلى أنه في حين أنه تم ربط النقاط بين الأمراض التي تنقلها الجراد وتغير المناخ، وهو مسعى علمي مباشر نسبيًا، بالتالي يجب أن يُدرك المجتمع العلمي وعامة الناس أن آثار الاحتباس الحراري على المرض يمكن أن تظهر أيضًا في العديد من الطرق الأخرى الأقل وضوحًا. فعلى سبيل المثال، يُعُد وباء كوفيد-19 COVID-19 مثالًا على مدى سرعة انتقال المرض عبر سكان العالم ومدى التعقيد الذي يمكن أن تتسبب به استجابة الصحة العامة لمثل هذه التهديدات.
وأضاف أن هناك الكثير ما يدعو للقلق فيما يتعلق بتهديدات الأوبئة والجائحة؛ حيث يمتلك العالم الأدوات -شبكات مراقبة الحياة البرية، واللقاحات، وأنظمة الإنذار المبكر- للتخفيف من آثار الأمراض التي يسببها المناخ، ولكن ما يتبقى هو مدى سرعة الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومقدمي الخدمات الطبية والأطباء والجمهور في العمل عبر الحدود.
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز