أصحاب الهمم الأكثر معاناة من كوارث التغير المناخي.. أرقام مؤلمة
تعددت المآسي الناتجة عن تفاقم ظاهرة التغير المناخي على مستوى العالم، من تشريد وفيضانات، وحدوث ظواهر طقس مدمرة.
ومن ضحايا ظاهرة التغير المناخي، والظروف المناخية القاسية، أصحاب الهمم في العالم، الذين بالفعل كانوا بسبب ظروفهم الصحية، يعانون من عدم قدرتهم على الهروب في حالات الكوارث الطبيعية التي تحدث بشكل موسمي في مناطق متفرقة من العالم، والآن يزيد من معاناتهم، ظروف الطقس المناخية القاسية التي يتسبب بها بشكل مباشر ظاهرة التغير المناخي في أنحاء العالم ويجد أصحاب الهمم في الأماكن سيئة الحظ التي تعاني من هذه الظاهرة، من أزمة اللجوء سريعا لمواقع آمنة.
وتسلط "بلومبرغ" الضوء في تقرير نشرته منتصف 2023 الجاري، على ما يعلمه أصحاب الهمم من إجراءات النجاة المطلوبة لتفاديهم ظواهر المناخ القاسية التي تزداد وتيرتها مع تفاقم أزمة تغير المناخ في العالم.
أمثلة على المعاناة
وتقول الوكالة الأمريكية، من أمثلة المواقف التي تطلبت حماية لأصحاب الهمم من غضب الطبيعة، أنه مع وصول إعصار " ماوار " إلى جزيرة غوام بالولايات المتحدة في نهاية شهر مايو/أيار الماضي، استعدت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ لآثار العاصفة التي صنفت رسميا بكونها أقوى عاصفة تضرب أراضي الولايات المتحدة في المحيط الهادئ منذ عام 2002.
وضمن ما تم اتباعه من إجراءات، شملت التغطية الإعلامية، والمتابعة مع المسؤولين المحليين وتخزين الإمدادات للجزيرة لحماية سكانها الذين يقدر عددهم ب 15000 شخص، كانت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، FEMA، تتأكد أيضا من عدم تجاهل الأشخاص أصحاب الهمم، وسط هذه الكارثة.
وكان الإجراء الذي اتخذته الوكالة، أن تعاون مستشارون في مكتب تكامل وتنسيق أصحاب الهمم التابع لـ FEMA، مع إدارة الخدمات المتكاملة للأفراد في جزيرة "غوام"، لتقديم المساعدة اللازمة لأصحاب الهمم وسط العاصفة التي وصلت بها سرعة الريال لـ 140 ميلا في الساعة، وذلك من خلال توفير حلول نقل الذي يعانون من مشاكل في الحركة أو يعتمدون على أجهزة كهربائية لتلقي العلاج الطبي، بنقلهم جوا إلى منازل جماعية أو إنشاء مراكز لهم خارج نطاق العاصفة.
وأكدت "بلومبرغ" ضمن تقريرها، أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد، وسط مؤشرات جدية، تؤكد على أن واحدا من أصل كل 6 أفراد من ذوي الهمم في أنحاء العالم مهددون بشكل حقيقي من آثار التغير المناخي المدمر التي ينتج عنها ظروف مناخية قاسية.
ووفق الوكالة الأمريكية، فإن أبحاثا كشفت أن ما يتراوح بين 2 و4 أفراد من أصحاب الهمم، يواجهون احتمالات مرتفعة للموت أو التعرض لإصابة خطرة خلال حالات الكوارث المناخية الآن.
ودللت على ذلك بقولها إنه في حالات درجة الحرارة الشديدة التي عانت منها دول عدة الصيف الماضي، كان الأشخاص الذين يعانون من إعاقة نفسية أو اجتماعية يواجهون خطر الموت في ظروف الحرارة الشديدة بهذه المناطق.
ونقلت بلومبرغ تصريحات لـ "شيرمان جيلومز جونيور"، وهو جندي سابق في سلاح مشاة البحرية "المارينز"، يستخدم كرسيا متحركا، والذي تم تعيينه العام الماضي لقيادة مكتب تكامل وتنسيق ذوي الإعاقة التابع لوكالة FEMA، وتعيينه في هذا المنصب زيادة تنوع الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، وتحسين جهودها لخدمة الأمريكيين من أصحاب الهمم.
وفي تصريحاته لبلومبرغ، قال شيرمان إن "الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ تدرك أن المجتمعات التي تعاني من نقص الخدمات ونقص الموارد والتي تضم كبار السن والأشخاص أصحاب الهمم تواجه مخاطر وتحديات أكبر عندما يتعلق الأمر بالكوارث المناخية".
ووفق إحصائية، صادمة، فإن أكثر الكوارث التي كانت سببا في هلاك أفراد من أصحاب الهمم، إعصار كاترينا في عام 2005، حيث كان ما نسبته 71 % من الوفيات البالغ عددهم 1800 قتيل في لويزيانا وميسيسيبي، ممن هم فوق سن ال 60، وكان الكثير منهم ممن يعانون من إعاقات بسبب التقدم في العمر.
وكان من النماذج التي أدت وفاتها لإحداث فارق في هذه الأزمة، المسنة البالغة من العمر 91 عاما وتدعى "إثيل فيرمان"، التي كانت تستخدم لكرسي متحرك، وتعاني من ضعف الرؤية، وتوفيت "فيرمان" من إعصار كاترينا، خلال انتظارها خارج مركز مؤتمرات نيو أوليانز بسبب عدم وجود حافلات مجهزة لنقلها بعيدا عن مركز الإعصار.
ما دفع الحكومة الأمريكية للشعور بالتقاعس، على حد وصف "بلومبرغ"، واتخاذها قرار إصدار قانون 2006، الذي يلزم الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA بتعيين منسق لإدارة شؤون الإعاقة في حالات الكوارث المناخية.
حالة طوارئ دائمة
وضمن تصريحاته لبلومبرغ، قال "شيرمان جيلموز "، أن وكالة FEMA، تعمل الآن على توظيف طاقم عمل متنوع يمثل الناجين من الكوارث المناخية.
وذكر أنه تم تعيين أكثر من 500 موظف في وكالة FEMA من أصحاب الهمم منذ فبراير/شباط عام 2022 وحتى منتصف 2023 الجاري.
كان هناك أيضا تعليق لـ "ديفيك ليبمان" مدير مدرسة في منطقة بوسطن، والذي كتب من قبل عن أزمة الإعاقة والإغاثة، وذكر أن جزءا من المشكلة ينبع من سوء فهم تنوع الإصابات لترى الأفراد من أصحاب الهمم، ومتطلبات التعامل مع إغاثتهم وفق ما تتطلب احتياجاتهم المرضية.
فعلا سبيل المثال لا الحصر، قال "ليبمان"، إن من يعانون من مرض الربو، يتعرضون لمخاطر حقيقية على حياتهم من جراء حرائق الغابات الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، وما ينتج عنها من أدخنة قاتلة، وتتفاقم المخاطر مع المصابين بالتصلب والشلل الدماغي في درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة.
و"جاستن شورتر "، أحد مصابي فقد النظر من المنظمين الخبراء في شأن إدارة حالات الطوارئ، تحدث للوكالة الأمريكية عن أن الدعم الاقتصادي من أهم العوامل التي تحتاجها إجراءات إغاثة أصحاب الهمم، مع الاعتماد على أصحاب الهمم أنفسهم في تقديم الإرشادات للسلطات المعنية بتوفير سبل الإغاثة التي تتناسب مع إعاقتهم.
ووصف " شورتر " رؤيته في تصريح لبلومبرغ قال فيه، "نحن كذوي إعاقة لدنيا الخبرة والمعرفة لما نحتاجه للنجاة وكيف نكون آمنين ".
ووفقا لبيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي في يناير/كانون الثاني مطلع 2023، فإن غالبية الأمريكيين من أصحاب الهمم الذين واجهو النزوح بسبب كوارث الطبيعة والمناخ، يواجهون التشرد بشكل دائم لعدم قدرتهم للعودة لمنازلهم من جديد.
والبيانات توضح فارق المعاناة، بأن 1 % فقط من سكان الولايات المتحدة اضطروا لمغادرة منازلهم بسبب كارثة مناخية في العام الماضي، مقابل 21 % من المكفوفين، و 31 % من أولئك الذين لا يستطيعون رعاية أنفسهم.
أيضا تقول الإحصائية، إن 70 % من الأمريكيين الصم يعيشون في ظروف غير صحية بعد شهر من وقوع كارثة طبيعية، و74 % من الذين يعانون من إعاقة حركية، يعانون من الأمر نفسه.
وفي نفس السياق، صدر في مايو/أيار الماضي، تقريرا عن المجلس الوطني للإعاقة في الولايات المتحدة، NCD، يثير سلسلة من المخاوف الملحة بشأن تسارع وتيرة أزمات المناخ، والعدد المتزايد من أصحاب الهمم في الولايات المتحدة المعرضين للنزوح بسبب تعاظم الكوارث الناتجة عن التغير المناخي، علاوة على مشكلات أخرى يتعرضون لها مثل العثور على السكن أو التظيف في أعقاب الكارثة.
في الوقت نفسه، يرى الخبراء المتحدثون لبلومبرغ، أن الأهتمام الأكاديمي بالتخطيط الشامل للكوارث المناخية في تزايد مستمر مع وضع أصحاب الهمم في خطط المنظمات الإنسانية، وبشكل يرى الخبراء أنه شهد تحسنا في التناول عن السنوات الماضية، في حين أن تنفيذ الحلول على أرض الواقع لا يزال يشكل تحد، مثل تخصيص مزيد من الملاجئ ووسائل النقل التي يمكن لمستخدمي الكراسي المتحركة الوصول لها، بحسب ما تحدثت عنه خبيرة للوكالة الأمريكية، من تجربتها في إجلاء أصحاب الهمم من مناطق الكوارث.
ذلك بالإضافة إلى التأكد من إمكانية تيسير استخدام مركبات النقل المختلفة والحافلات، وتخصيص أماكن للخروج من وإلى المباني المختلفة والأماكن العامة بالشكل الذي يتماشى مع أنواع الإعاقات المختلفة، لتكون آلية إجلاء الأفراد من هذه الشريحة المجتمعية ممكنا في حالات الكوارث المناخية مثل الأعاصير والفيضانات وموجات الحرارة الشديدة.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg
جزيرة ام اند امز