كيف تصنع مواد تغليف صديقة للمناخ من "تفل" القهوة؟ ( مقابلة)
تعد القهوة، المشروب الأكثر شعبية على وجه الأرض، وهي ثاني أكثر السلع تداولا في العالم، بعد النفط.
تعد القهوة، المشروب الأكثر شعبية على وجه الأرض، وهي ثاني أكثر السلع تداولا في العالم، بعد النفط، وتشير التقديرات إلى أن البشر يشربون أكثر من 2 مليار كوب من القهوة يوميا، ويتناول أكثر من 60% من الأمريكيين فنجانا يوميا، ونتيجة لذلك، يتم التخلص من أكثر من 8 ملايين طن من بقايا القهوة سنويا.
وبدلًا من أن ينتهي الأمر ببقايا القهوة (تفل القهوة) في مكب النفايات، توصلت دراسة أمريكية نشرتها " المجلة الدولية للجزيئات البيولوجية"، تحت عنوان "أفلام قابلة للتحلل بيولوجيا، مانعة للأشعة فوق البنفسجية، ومضادة للأكسدة من الألياف الليجنوسليلوزية الموجودة في القهوة المطحونة"، إلى أنه يمكن استخدام "تفل القهوة" كمواد تغليف مستدامة وصديقة للمناخ.
ولكن كيف يمكن تحويل بقايا القهوة إلى مواد بديلة للبلاستيك قابلة للتحلل، وما هي مزايا تلك المواد، ولماذا توصف بأنها صديقة للمناخ.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها د. سرينيفاس جاناسوامي، الأستاذ المشارك في قسم علوم الألبان والأغذية بجامعة ولاية داكوتا الجنوبية بأمريكا، والباحث الرئيسي بالدراسة.
بداية: ما هو دافعكم الأساسي لإجراء هذه الدراسة؟
لا ننكر أن المواد البلاستيكية مادة "مثالية للتغليف"، فهي قوية ومرنة وغير مكلفة نسبيًا في الإنتاج، ولكنها مع هذه المزايا، تشكل مشكلة بيئية خطيرة، حيث ينتهي الأمر بمعظمها كقمامة أو في مدافن النفايات، حيث تستغرق 700 عام لتتحلل بيولوجيا، وفي المحيطات، تطفو أميال من بقع القمامة البلاستيكية، وأبرزها رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادئ، التي تبلغ حاليا حجم ولاية تكساس وتنمو بلا هدف، مما يؤكد الأزمة البيئية المتنامية التي خلقها الاعتماد المفرط على البلاستيك.
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فمما يثير القلق وهو اكتشاف أن قطعا مجهرية من البلاستيك تشق طريقها إلى الطعام والماء الذي يستهلكه البشر، لذلك هناك حاجة إلى بديل بلاستيكي آمن ومستدام وصديق للمناخ.
ولكن البلاستيك يدخل في مجالات متعددة، فأي بلاستيك تقصدون؟
سيكون من الصعب استبدال جميع المواد البلاستيكية الموجودة في هذه المرحلة، ومع ذلك، فإن استبدال المواد البلاستيكية التقليدية منخفضة التكلفة، والمستخدمة يوميًا، والتي تشغل الجزء الأكبر من الملوثات البيئية، أمر ممكن ويمكن تحقيقه.
ولماذا فكرت في "تفل القهوة"؟
دعني أرجع للخلف قليلا، فأبحاثي على مدى السنوات القليلة الماضية، تركزت على إيجاد بدائل قابلة للتحلل للبلاستيك، وكنت أفكر غالبًا في المنتجات الثانوية الزراعية، وقمت في السياق بإعداد مواد من قشور الأفوكادو وحطب الذرة الغنية بالسليلوز، وأثناء مواصلة الجهود في البحث عن مواد بديلة، توصلت إلى تفل القهوة، التي اكتشفت أنها مادة مثالية.
لماذا هي مادة مثالية؟
لعدة أسباب مختلفة، أولها أن القهوة المطحونة متاحة على نطاق واسع ويتم إنتاجها بملايين الأطنان سنويًا، وفي حين أن معظمها ينتهي به الأمر في مدافن النفايات، يتم استخدام بعضها لأشياء أخرى، مثل البستنة. في حين أن هذا قد يبدو وكأنه خطوة واعية بيئيا، فإنه في الواقع يمكن أن يسبب مشاكل بيئية، حيث إن مثل هذه العملية تتطلب كميات كبيرة من الأكسجين وتطلق كمية لا بأس بها من غاز الميثان، مما يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، ثانيا، فإنه مع بدء الاقتصادات الناشئة في إضافة سلاسل المقاهي، مثل ستاربكس، فإن كمية القهوة المستهلكة سوف تتزايد، ويعد استخدام هذا المورد غير المستخدم لإنشاء المواد القابلة للتحلل الحيوي حلاً مستداما واقتصاديا لأزمة البلاستيك، وأخيرًا، يحتوي تفل القهوة على ألياف لجنوسليلوزية، وهي المادة اللازمة لصنع تلك المواد.
وكيف يتم تحضير المواد البديلة للبلاستيك من القهوة؟
قمنا أولا باستخراج الألياف الليجنوسليلوزية من القهوة المطحونة، وتم بعد ذلك القيام بعملية تعديل كيميائية خضراء لجعل المادة أكثر ملاءمة للتغليف.
وما مزايا الأغشية البديلة؟
كانت الأغشية الناتجة قادرة على التحلل الحيوي خلال 45 يوما في التربة مع التمتع أيضا بقوة شد عالية. علاوة على ذلك، كانت لها بعض الخصائص الفريدة التي لاحظناها منها أنها تمنع كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية وتظهر خصائص مضادة للأكسدة، وهو ما يفتح الباب أمام تطبيقات جديدة للقهوة المطحونة.
ومتى يمكن أن تتحول فكرتكم لمنتج متاح في الأسواق؟
تستطيع أن تعتبر ما قمنا به هو "المرحلة الأولى" لتحويل القهوة المطحونة إلى أغشية شبيهة بالبلاستيك، حيث أثبتنا أن ذلك ممكن وأظهرت الدراسة نتائج واعدة للغاية، وتتبقى الخطوة التالية وهو الانتقال لمرحلة إنتاج نموذج أولي من المنتج، ثم تسويقه تجاريا.