العالم يحتشد في باريس لقتل البلاستيك.. دوافع خطيرة وآمال مشروعة (حوار)
يترقب المهتمون بالشأن البيئي النتائج التي ستتمخض عن الجولة الثانية من مباحثات لجنة التفاوض الحكومية الدولية لإنهاء التلوث البلاستيكي، التي ستبدأ في العاصمة الفرنسية باريس، غدا.
ولجنة التفاوض الحكومية الدولية لإنهاء التلوث البلاستيكي، هي نتاج اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة في "نيروبي" العام الماضي.
ومع اقتراب هذا الحدث المهم، حاورت "العين الإخبارية" المؤسس المشارك لحملة "بانلاستيك"، المهندس أحمد ياسين، المؤسس الشريك للحملة، حول توقعات المجتمع المدني من المفاوضات المقبلة، والقضايا التي يرى أن لها أولوية المناقشات في COP28 المقبل، وأهم الأنشطة التي قامت بها المبادرة خلال الفترة الماضية للحد من التلوث البلاستيكي.
وإلى نص الحوار ..
متى بدأت "بانلاستيك" وما أهم أهداف المبادرة؟
في عام 2018، بدأت بالتعاون مع اثنين آخرين من المؤسسين في إطلاق "بانلاستيك"، وهو مصطلح باللغة الإنجليزية يعني "امنعوا البلاستيك"، وكان هدفنا تقليل التلوث الناتج عن استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام والذي يعتبر أسوأ وأكبر الملوثات، ويؤثر على صحة الإنسان والكائنات البحرية ويضر بالبيئة، إضافة إلى أنه لا يتحلّل بسهولة ويبقى في البيئة لمدة تتراوح ما بين 400 وألف سنة.
رأينا ضرورة منع الأزمة من المنبع، ويحدث ذلك بتقليل استخدام البلاستيك تدريجياً حتى الاستغناء عنه تماما، خاصة أن إعادة التدوير حتى الآن لا تحدث سوى بنسبة ضئيلة وتحدث لحوالي 10% فقط من إجمالي البلاستيك، بينما يذهب المتبقي في البحار والمحيطات والهواء ويؤذي الجميع.
وما محاور العمل التي ركزت المبادرة عليها؟
نعمل من خلال عدّة محاور، الأول هو حملات التوعية وتغيير السلوك، ونستهدف بها شرائح مختلفة من المجتمع ومنهم الطلاب، كما نقدم ورش عمل حول الاستفادة من المخلفات البلاستيكية وإعادة تدويرها، وأطلقنا أيضاً حملات تنظيف كبيرة للشواطئ، ونفذنا أكثر من 50 حملة، وكانت حملتنا الأخيرة ضخمة إذ شارك فيها أكتر من 600 متطوع نظفوا ثلاثة عشر شاطئ خلال ساعة، وجمعنا طن ونصف من المخلفات البلاستيكية.
وكان للحملة أثر إيجابي في التوعية لأننا تعاملنا مع رواد الشواطئ الذين بدأوا في سؤالنا عما نفعله، وكنا نرتدي سترات مكتوب عليها "تأكل بلاستيك؟ "، مما جذب انتباه الناس وبدأنا نشرح لهم كيف تدخل جزيئات البلاستيك الدقيقة في طعامنا وشرابنا والهواء الذي نتنفسه، وكيف تسبب الأمراض السرطانية، وبدأنا نشرح كيف تتكسر طبقات من البلاستيك الداخلي داخل زجاجات المياه بفعل الحرارة وتكون في غاية الخطورة.
وللأسف لا تقتصر مخاطر البلاستيك على أنه يؤذي الكائنات البحرية فقط، بل حين تأكله هذه الكائنات ثم نأكلها نحن بالتبعية نصاب بالأمراض، كما أنه في حالة موت كل الكائنات البحرية لن نجد الأكسجين الذي نتنفسه، لأن البحر مثل الغابات ينتج الأكسجين ويمتص ثاني أكسيد الكربون.
المحور الثاني الذي نعمل عليه هو تقديم حلول وبدائل للبلاستيك أحادي الاستخدام مثل الحقائب القماشية، وأدوات الطعام التي يتم تصنيعها من مخلفات الزراعة، وعبوات زجاجية أو معدنية بديلة للمنتجات البلاستيكية.
هل قدمتم توصياتكم كمجتمع مدني للحكومة لمنع البلاستيك؟
نعم نتعاون مع الحكومة المصرية لتقديم توصيات لصياغة قانون قوي لمنع البلاستيك أحادي الاستخدام، وليتم ذلك بشكل تدريجي لأن البلاستيك صناعة كبيرة في مصر يعتمد عليها دخل الكثير من العمال وتعتبرها الكثير من الكيانات مشروع ناجح، لذا يجب التفكير في حلول عملية وبديلة وتدريجية لأنها لا يمكن أن تنتهي فجأة.
بالتوازي، يجب أن يتم العمل على توفير منتجات تنافس البلاستيك بقوّة، وتكون متاحة ومتوفرة وبسعر رخيص يناسب الجميع، على سبيل المثال لا تزال الحقائب القماشية البديلة للأكياس البلاستيكية مرتفعة الثمن ولا يستطيع الجميع شرائها، نريد أن نكون واقعيين، نحن لا نريد أن ننهي صناعة يرتزق منها الآلاف ولكن نريد تحويلها إلى صناعات أخرى مستدامة وغير مضرة بالبيئة وصحة الناس، والتقينا بالفعل مع خبراء قدموا تصورات لإمكانية تحول مصانع البلاستيك إلى إنتاج صناعات أخرى مستدامة مع إجراء بعض التعديلات.
في السياق نفسه، نحاول إقناع أصحاب المحال التجارية بأن منع البلاستيك سيوفر لهم الكثير من المال لأن الأكياس البلاستيكية أصبح ثمنها مرتفع .
وفي مصر، صدر قانون إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020، والذي أكّد على ضرورة الخروج من استخدام البلاستيك بطرق معينة، كما وضع ضريبة على استهلاك البلاستيك، واشترط مواصفات معينة للمنتجات البلاستيكية المستخدمة للقضاء على المنتجات غير المطابقة للمواصفات.
ما القضايا التي لها الأولوية على مائدة مفاوضات الجولة الثانية من الاتفاقية؟
الجولة الأولى من المفاوضات ناقشت بشكل واضح هدف منع البلاستيك أحادي الاستخدام بشكل تام والخروج منه بشكل آمن وسريع، والجولة الثانية مهمة لأنها ستحدد موعد الخروج من استخدام البلاستيك، وسيعرض فيها مفاوضي الدول رؤيتهم لإيجاد خارطة طريق تلائم احتياجات وظروف كل بلد للخروج التدريجي من صناعة البلاستيك.
ويجب أن تضع المفاوضات خطة للتعامل مع المخلفات البلاستيكية الموجودة حالياً، وكيفية إعادة استخدامها ضمن الاقتصاد الدائري، كما يجب أن تحدد المدة والمهلة التي ستحصل عليها الدول لاتخاذ الإجراءات في سبيل تحقيق منع التلوث البلاستيكي.
كما يجب أن تناقش اللجنة الأنواع البلاستيكية التي يمكن استخدامها مثل البلاستيك المستخدم في المستشفيات، وأن يتم التفرقة بين المجالات المسموح فيها باستخدام البلاستيك لأغراض معينة وغير المسموح، وأن نعرف ما هي الأهداف التي ستناقشها الجولات القادمة من المفاوضات.
وهل سيكون للدول النامية مطالب خاصة في المفاوضات بما يناسب ظروفها؟
نعم، يجب أن تصل المفاوضات لخارطة طريق تلائم ظروف الدول النامية وطبيعة الأنشطة الاقتصادية فيها حتى لا ندور في دوائر مغلقة، فعلى سبيل المثال لا نستطيع أن نقول إن مصر لديها نفس ظروف كينيا ونيجيريا، لأن كينيا استطاعت صياغة قانون لمنع البلاستيك بسهولة لأن استخدامها محدود، بينما مصر لديها صناعة بلاستيك قوية وأرقام كبيرة من العمالة فيها.
لذا، بجب أن يكون لكل دولة معايير ملائمة بها، وأهداف خاصة متعلقة بالحد من التلوث البلاستيكي حتى تصل في النهاية إلى الهدف العام وهو وقف استخدام البلاستيك.
ما هي أهم القضايا التي تتطلعون إلى مناقشتها في COP28؟
نحن سعداء بأن مؤتمر COP28 سيتم انعقاده في دولة عربية لمرة أخرى، وبأن جامعة الدول العربية لديها أجندة خاصة بالعمل المناخي، وسعداء بتكثيف العمل المناخي وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كبير في مصر والمغرب، وتنفيذ قانون منع البلاستيك في المغرب.
وأهم مطالبنا هو تسريع وتيرة الخروج من البلاستيك، بالتوازي مع تكثيف العمل المناخي للحد من الانبعاثات الكربونية، يجب أن يتم المضي في المسارين معا.
ما رأيك في تجربة منع البلاستيك في شرم الشيخ بالتوازي مع COP27 العام الماضي؟
تطبيق تجربة مصغرة لمنع البلاستيك في شرم الشيخ كانت جيدة وناجحة كبداية، ولكن يجب أن ندرس بشكل أكبر تعميم التجربة لأنها مرتبطة بالقدرة على توفير بدائل رخيصة مدعمة من الحكومة، ومعرفة التجار والمستهلكين للعوائد المادية المكتسبة من التوقف عن استخدام البلاستيك، ومنح أصحاب المحال التجارية حوافز تشجعهم على التغيير والاستمرارية، إضافة إلى تفعيل مراقبة المحافظة على تنفيذ الإجراءات.
aXA6IDEzLjU4LjIwMC4xNiA= جزيرة ام اند امز