التمويل قضية شائكة.. COP28 تضع العالم على المسار الصحيح
"صياغة خطة واقعية للعمل المناخي تضع العالم على المسار الصحيح"، أحد الأهداف الرئيسية التي تضعها دولة الإمارات العربية المتحدة على رأس أولويات مؤتمر أطراف اتفاقية تغير المناخ (COP28)، إلا أن قضية التمويل تبقى أكثر الملفات الشائكة على طاولة المفاوضات.
ويشكل مؤتمر الأطراف، الذي يُعقد أواخر هذا العام بمدينة إكسبو دبي، لحظة فارقة في تاريخ العمل المناخي، من خلال تقييم مدى التقدم الذي أحرزته كافه الأطراف نحو تنفيذ أهداف اتفاق باريس، للحد من الاحترار العالمي دون 1.5 درجة.
- غذاء البشر والاحتباس الحراري.. عدو لدود على المائدة
- قانون استعادة الطبيعة.. أوراق أوروبية تدر 10 تريليونات دولار
أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، الرئيس المعين للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP28، عبر الموقع الرسمي للمؤتمر، ضرورة صياغة خطة عمل تنفيذية وواقعية للعمل المناخي، حيث تضع العالم على المسار الصحيح للتقدم نحو تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وتحقيق نتائج ملموسة تحتوي الجميع.
ومن شأن التقييم العالمي الأول (GST) أن يوفر مراجعة شاملة للتقدم المحرز منذ اعتماد اتفاق باريس في عام 2015، الأمر الذي قد يساعد في تنسيق جهود العمل المناخي على المستوى الدولي، بما في ذلك الاتفاق على مجموعة من التدابير التي يجب اتخاذها، لسد الفجوات في تطبيق الإجراءات.
خطة عمل واضحة لتحقيق الأهداف المناخية
وأكدت رئاسة الدورة 28 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أن دولة الإمارات تعمل على ضمان أكبر استجابة للتقييم العالمي، من خلال وضع خطة عمل واضحة، تستهدف بشكل أساسي تسريع وتيرة العمل لتحقيق الأهداف المناخية على الصعيد العالمي.
وعلى مدار المؤتمرات السابقة شغلت قضية التمويل أولوية على جدول الأعمال، كما كانت أحد أكثر القضايا الشائكة فيما يتعلق بمسار المفاوضات، ومن المتوقع أن تكون أحد أبرز الملفات أمام مؤتمر (COP28)، نظراً لتفاقم التداعيات الناجمة عن الظواهر المناخية الحادة خلال الفترة الأخيرة.
وتسعى العديد من الدول النامية، التي تواجه تهديدات بالغة نتيجة تغير المناخ، إلى الحصول على مساعدات مالية من الدول الغنية، للتحول إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز البنية التحتية، بالإضافة إلى تحميل الدول المسؤولة عن الانبعاثات الحرارية مسؤولية ما يلحق بها من خسائر أو أضرار.
يؤكد الدكتور صابر عثمان، خبير التغيرات المناخية، أنه حتى إذا ما أوفت الدول الغنية بتعهداتها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً، فإن هذا المبلغ لن يكون كافياً، حيث يضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة التكلفة السنوية للتكيف مع تغير المناخ في البلدان النامية، عند مستوى 300 مليار دولار بحلول عام 2030.
3 أنواع للتمويل آخرها صندوق الأضرار والخسائر
يقول د.عثمان، منسق سابق لاتفاقية تغير المناخ في مصر لـ"العين الإخبارية"، إن تمويل العمل المناخي ينقسم إلى 3 أنواع، أولها تمويل مشروعات التخفيف من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وفي مقدمتها خطط الحد من استخدام الوقود الأحفوري، والتحول إلى الطاقة النظيفة.
أما النوع الثاني فيتعلق بتمويل مشروعات التكيف مع التداعيات الناجمة عن تغير المناخ، ويتضمن ذلك تعزيز البنية التحتية ودعم قدراتها في مواجهة الأحداث المناخية، واتباع سياسات زراعية تتوافق مع التغيرات المناخية، بالإضافة إلى إعادة توطين السكان المعرضين للمخاطر المناخية.
ويتعلق النوع الثالث من التمويل بتعويض الدول الفقيرة عما لحق بها من خسائر وأضرار نتيجة التغيرات المناخية، وقد اكتسب هذا الملف دفعة قوية بعد صدور قرار تاريخي في مؤتمر الأطراف بشرم الشيخ العام الماضي (COP27)، بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار.
قرار كوبنهاغن بتخصيص 100 مليار دولار سنوياً
وشهد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ عام 2009، في كوبنهاغن، خطوة تاريخية في ملف تمويل المناخ، عندما وافقت الدول الصناعية على تخصيص مبلغ 100 مليار دولار سنوياً، بحلول عام 2020، لتمويل مشروعات التخفيف من انبعاثات الاحتباس الحراري، ومساعدة الدول النامية على التكيف مع تغير المناخ.
ورغم أن كثيراً من الدول أبدت تجاوباً أقل من المتوقع، مع قرار مؤتمر كوبنهاغن، فقد بلغ إجمالي مساهمات الدول الغنية، في نهاية عام 2020 حوالي 83.3 مليار دولار، وتأمل سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (UNFCCC) في أن يدفع مؤتمر (COP28) باتجاه تحقيق هذا الهدف بنهاية 2023.
وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن 82% من تلك المساهمات جاءت بشكل مباشر من الخزانة العامة للدول الصناعية، بينما أسهم القطاع الخاص بالنسبة المتبقية، إلا أن دراسة للأمم المتحدة تعتبر أن القطاع الخاص يمكنه أن يسهم بنحو 70% من إجمالي الاستثمارات اللازمة للوفاء بالتزامات المناخ.
وتشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن حجم التمويل المناخي، الذي حصلت عليه الدول النامية في عام 2018، بلغ 78.9 مليار دولار، منها 62.2 مليار دولار من ميزانيات الدول مقدمة المساهمات، و14.6 مليار دولار من القطاع الخاص، بنسبة زيادة 11% عن عام 2017.
وجاءت الدول الآسيوية على رأس المستفيدين من تمويل المناخ في عام 2018، بنسبة 43% من إجمالي المساهمات، تليها الدول الأفريقية بنسبة 25%، ودول أمريكا الوسطى والجنوبية بنسبة 17%، وجاءت كل من بوليفيا وبيرو وإندونيسيا ضمن أكثر الدول التي تلقت أكبر قدر من المساعدات.
بيانات متضاربة حول المبالغ الحقيقية للتمويل المناخي
وترى منظمات غير حكومية، من ضمنها منظمة "أوكسفام" البريطانية، أن البيانات الصادرة عن الدول الصناعية حول حجم مساهماتها في التمويل المناخي تتضمن أرقاماً جرى تضخيمها، وأن القيمة الحقيقية للمساهمات المقدمة من الدول الغنية لا تتجاوز ثلث ما أعلنت عنه الدول الصناعية.
وقالت نافكوت دابي، المسؤولة عن سياسة المناخ في "أوكسفام"، إن حجم مساهمات التمويل المناخي المقدمة من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة في عام 2020، بلغت 11.5 مليار دولار، ما يعادل 9.2 مليار يورو، على الرغم من تزايد الأحداث المناخية الحادة والمتطرفة، بحسب ما أوردت صحيفة "الغارديان".
وأضافت مسؤولة المنظمة أنه "لا يجب أن ننخدع بأن مبلغ 11.5 مليار دولار يكفي لمساعدة البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لمواجهة ما تتعرض له من فيضانات وأعاصير وجفاف، وغيرها من الأضرار الناجمة عن تغير المناخ"، واستطردت أن "الأمريكيين ينفقون 4 أضعاف هذا المبلغ على إطعام القطط والكلاب كل عام".
ورداً على تلك التقارير التي تشكك في قيمة مساهمات التمويل المناخي، أكد المكتب الفيدرالي للبيئة في سويسرا أن "الاتهامات الموجهة من المنظمات غير الحكومية، بأن القيمة الحقيقية للتمويل لا تتجاوز ثلث ما أبلغت عنه الدول الصناعية، مزاعم لا أساس لها من الصحة".
وأوضح مكتب البيئة، التابع للحكومة السويسرية، أن "الأطراف المعنية أوضحت بشكل صريح، أن مساهمات الدعم يجب أن تأتي من مصادر عامة وخاصة، وأنه يجب توظيف كافة الأدوات المالية، وليس فقط المساهمات غير القابلة للسداد، ولكن أيضاً القروض والضمانات وغيرها".
وتابع أن "القروض الميسرة، المستبعدة في تقرير أوكسفام، والوسائل المالية الخاصة، هي أدوات مركزية لدعم جهود المناخ في المناطق الأشد فقراً والأكثر تعرضاً".