"ضباح" ثعالب كاليفورنيا يتلاشى.. ضحايا المناخ

تواجه ثعالب جزر القناة العروفة بضباحها الرنان "أي صوتها" العديد من التحديات في الفترة الراهنة، وهذا ما كشفت عنه دراسة حديثة.

كان شعب تشوماش، وهو من السكان الأمريكيين الأصليين، يعيشون في المناطق الساحلية لكاليفورنيا، ويقدسون ثعلب جزر القناة، ويعتبرونه حيوانًا أليفًا، كيف لا وهو من الكائنات الأصلية التي عاشت في جزر القناة الست في كاليفورنيا، ولم يُعثر عليه في أي مكان آخر على وجه الأرض قط، ما جعله رمزًا لتلك الجزر، وجزءًا أساسيًا من النظام البيئي فيها.

وفي تسعينيات القرن العشرين، لُوحظ اختفاؤه، واتضح أننا فقدنا ما بين 90 و99% من ثعالب جزر القناة؛ نتيجة تكاثر طيور العقاب الذهبية التي كانت تهاجم الثعالب، بالإضافة إلى انتشار مرض الكلب الذي لم تقاومه تلك الثعالب، ما وضعها في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض في عام 2004. وأخيرًا عادت مرة أخرى إلى أعداد مثالية في العام 2017، لكن ليت النهاية تكون سعيدة؛ فما زال الخطر يحوم حول تلك الثعالب؛ إذ كشفت دراسة حديثة عن انخفاض التباين الجيني بين ثعالب الجزر، ما يهدد بقائها.

• الجفاف يتحرش بغابات الأمازون.. رئة العالم تتألم

لكن ما هو التنوع الجيني؟

فكر في مجموعة من قطع الليجو متراصة فوق بعضها، بألوان: أصفر وأخضر وأزرق وأحمر. ومجموعة أخرى أيضًا متراصة فوق بعضها، من اللونين: الأصفر والأخضر فقط. إذا افترضنا أنّ هذه المجموعات تمثل التنوع الجيني، ستكون المجموعة الأولى هي الأكثر تنوعًا. والثانية فقيرة التنوع؛ فقطع الليجو متباينة الألوان هذه تُمثل التسلسلات الحمض النووي، وكلما زادت ألوانها، زاد تنوعها.

حسنًا، إذًا؛ فالتنوع الجيني أكاديميًا يُشير إلى الاختلافات في تسلسلات الحمض النووي بين الأفراد داخل نفس المجموعة. وتتمثل أهمية التنوع الجيني في كونه يسمح للأنواع بالتكيف مع التغيرات البيئية المحيطة، وغالبًا ما يُهدد هذا التنوع الجيني؛ بسبب زواج الأقارب، ما يقلل قدرة الأنواع على التكيف ومقاومة الظروف المتغيرة والتكاثر بصورة أفضل.

خطر يكشر عن أنيابه

وجدت الدراسة التي أجراها الدكتور "نيقولا آدمز" أنّ التنوع الجيني لثعالب جزر القناة الست ينخفض بمرور الوقت، خاصة بعد تعرضها لخطر الانقراض في تسعينيات القرن المنصرم، وعلى الرغم من وضعها تحت حماية قوية بين عامي 2004 - 2017، فإنّ هذا لم يحمها من فقدان التنوع الجيني، ما يعني أن هناك ما يهدد بقاءها على قيد الحياة؛ فهي عرضة للأمراض والتغيرات البيئية الناتجة عن التغير المناخي. وتوّصل الباحثون لهذه النتيجة بعدما جمعوا عينات قديمة وحديثة للثعالب من أجل مقارنة التنوع البيولوجي لها من جزر القناة الست، ونُشرت الدراسة في دورية «موليكيولر إيكولوجي» (Molecular Ecology) في 22 مايو / أيار 2023.

حمايتها ليست رفاهية

تلعب حيوانات ثعالب جزر القناة دورًا حيويًا في جزر القناة؛ إذ تتغذى على مصادر الغذاء المختلفة مثل: الفاكهة والقواقع والحشرات والسحالي والطيور والقوارض. إضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه عند توزيع بذور النباتات عبر فضلاتها، ما يساعد في إنتاج كميات أكبر من النباتات التي تدعم النظم البيئي.

أمل يلوح

كشفت الدراسة أيضًا عن امتلاك ثعالب جزر القناة على ميكروبيوم أمعاء تعمل على تعزيز الجهاز المناعي للثعالب، ما يساعدها في التكيف ومواجهة التغيرات البيئية الحاصلة والمختلفة، ويرى الباحثون أنّ وجود ميكروبيوم الأمعاء، يعني أنّ الثعالب قد طورت آلية ما للتعامل مع الظروف البيئية المتغيرة حولها، ما يفتح باب الأمل حول حفظ تلك الأنواع. مع ذلك، يوصي مؤلفا الدراسة بضرورة الحفاظ على تلك الأنواع، واستمرار مراقبتها عن قرب، وتقديم كل التسهيلات اللازمة لها؛ حتى تعبر جسر الخطر إلى بر الأمان، وتعود لحياتها في بيئتها الأصلية كما كانت في الماضي.

• الخطر حول الجميع.. لماذا لا يهتم الناس بقضايا البيئة؟