هل يمكن للفيروسات اللعب في دورة الكربون؟ (دراسة)

هل يمكن لكائن مثل الفيروس إحداث تأثير إيجابي في ظاهرة الاحتباس الحراري التي يعاني منها الكوكب؟ هذا ما بحثت فيه دراسة.

ربما يستطيع كائن، لا تُدركه العين البشرية المجردة، يتراوح طوله ما بين 2 إلى 3 ميكرومتر، أن يقلب موازين الطبيعة ويؤثر بشكل ما على ظاهرة الاحترار العالمي، إنه الفيروس الذي جمع مجموعة من العلماء من مؤسسات مختلفة للعمل على تحليل الموقف، والبحث في علاقة هذا الكائن الضئيل بالاحتباس الحراري، وما إذا كان يؤثر بشكل ما في دورة المغذيات الميكروبية، ونشروا ما توصلوا إليه في دراسة في دورية «فِمست ميكروبيولوجي إيكولوجي» (Fems Microbiology Ecology)، في فبراير/شباط 2023.

تسلل الفيروس داخل الميكروبات

تلعب الكائنات الدقيقة دورا هاما في امتصاص الكربون عبر عملية البناء الضوئي، وإطلاق الكربون عبر عملية التنفس، ومن المعروف أيضًا أنّ للميكروبات دورا حيويا في حفظ توازن الطبيعة، إذ تساهم بصورة واسعة في تحلل الأجسام الميتة، وتحويل المواد العضوية إلى مركبات أخرى أبسط، منها الكربون، وهي عملية إعادة تدوير الكربون.

لكن نفس الميكروبات من الممكن أن تتعرض للعدوى الفيروسية، تماما مثل البشر، عندما يدخل الفيروس للخلايا الميكروبية يتبع دورة معينة، ما يؤثر على الوظائف الفسيولوجية للخلية الميكروبية، من ضمن التأثيرات المحتملة، دورة المغذيات الميكروبية. وبالتالي تتأثر الدورات البيوجيوكيميائية للأرض، مثل: دورة الكربون والنيتروجين والفوسفات والأكسجين والهيدروجين والكبريت.

وهذا يؤثر بشكل ما على عملية الاحترار العالمي، التي تظهر فيها غازات الاحتباس الحراري، أبرزها ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعني أنّ عدوى الفيروسات للميكروبات قد تتسبب في النهاية إلى إحداث تعديل ما في الاحترار العالمي.

• الهيدروجين الأخضر.. الوقود المنقذ

أراضي الخث: مخازن ضخمة للكربون

قرر الباحثون اتخاذ أراضي الخث كحالة للدراسة، وهي تتميز بكونها بمثابة مخازن ضخمة للكربون وتضم شبكة غذائية ميكروبية، وهي بيئة حساسة للاحترار العالمي، بالإضافة إلى احتوائها على فيروسات تُصيب جميع الكائنات في هذه الشبكة الغذائية، ومن أهم ما يميز أراضي الخث وجود طحالب فيها تعمل على عزل الكربون، ولها دور هام في تخفيف الاحترار العالمي أكثر من أي نباتات أخرى، بحسب الدراسة كل هذا جعل من أراضي الخث بيئة مثالية ومتكاملة يمكن للباحثين عبرها وضع احتمالات لقدرات الفيروسات، وتأثيرها على الاحترار العالمي.

حسنًا، لتبسيط الأمر، يجب الإشارة إلى أنّ الفيروس عندما يدخل إلى خلايا المُضيف فهو يمر بعدة مراحل لتكتمل العدوى، ما شجع العلماء على وضع احتمال أنه مع ارتفاع درجة الحرارة تتأثر مراحل الفيروس بداخل الخلية الميكروبية، ما يؤثر في النهاية على وظائف الميكروب، وينتقل هذا التأثير إلى دورة الكربون التي تؤثر على التغير المناخي.

أشار النموذج الذي أنشأه الباحثون إلى أنّ العدوى الفيروسية والنشاط الميكروبي قد يسرعان عملية عزل الكربون في أراضي الخث، لكنهم أوضحوا في الدراسة أنهم في حاجة لإجراء تجارب وأبحاث أخرى، لتحقيق فهم أعمق لمثل هذه التفاعلات البيئية، وكيفية تأثرها بالاحترار العالمي.

أشاد مؤلفو الدراسة بأنّ أراضي الخث تُمثل نموذجا بيئية مثاليا لإجراء التجارب المستقبلية، نظرا للإمكانات التي يمكنها توفيرها لتعزيز الفهم حول ارتباط العدوى الفيروسية وشبكة الغذاء الميكروبية بظاهرة الاحترار العالمي التي يعاني منها كوكبنا في هذه الآونة.

aXA6IDE4LjE4OS4xODYuMjQ3IA==

جزيرة ام اند امز