الأشجار تلتهم الكربون وتكافح الحر.. لكنها ليست كافية لإنقاذ المناخ (تحليل)
من المعروف أن زراعة الأشجار مفيدة للبيئة وتستخدم كسلاح قوي في مواجهة تزايد الانبعاثات وارتفاع درجات الحرارة، لكن.. هل تكفي وحدها لمواجهة كارثة بحجم التغير المناخي؟
بحسب تقرير «الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ» (IPCC)، الصادر في عام 2018 فإننا بحاجة لإزالة مليارات الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، لتحقيق أهداف المناخ العالمية بحلول 2100، خاصة أنّ الكوكب متأثر بالتغيرات المناخية خلال وقتنا الراهن، ويسعى جميع العلماء والخبراء والمتخصصون حول العالم لإيجاد طرق فعّالة للتقليل من آثار الاحترار العالمي، ومن ضمن الحلول البارزة المطروحة زراعة الأشجار.
وإزالة الكربون تختلف عن احتجاز أو تخزين الكربون، فمصطلح احتجاز الكربون يُشير إلى التقاط الكربون عند المصدر ومنعه من دخول الغلاف الجوي، ويحصل هذا في محطات توليد الكهرباء أو مصانع الأسمنت، أي أنه يقلل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ولا يزيلها.
أما الإزالة فهي تسحب الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وهي عملية مهمة للتخلص من آثار التغير المناخي، خاصة أنّ غاز ثاني أكسيد الكربون واحد من غازات الاحتباس الحراري، وزيادة نسبته في الغلاف الجوي يقلل من قدرة الأرض على تنظيم درجات الحرارة، وحبسها في الغلاف الجوي.
التشجير في مواجهة التغير المناخي
وفقًا لـ«الوكالة الأوروبية للبيئة» تستطيع الشجرة الواحدة امتصاص نحو 22 كيلوغرامًا سنويًا من غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؛ إذ تستخدم الأشجار غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة أساسية في عملية البناء الضوئي، وتحوله إلى كربون وأوكسجين.
ينطلق الأوكسجين في الغلاف الجوي، بينما ينتقل الكربون إلى التربة والخشب، ويبقى هناك، ما شجع البشر على استخدامها في مواجهة التغير المناخي.
وفي يناير/كانون الثاني لعام 2020، أطلق «المنتدى الاقتصادي العالمي» مبادرة تريليون شجرة لتشجيع العالم على زرع الأشجار.
ووجدت دراسة منشورة في دورية «ساينس» (Science) في يوليو/تموز 2019، أنه يمكننا زراعة الأشجار في مساحة 0.9 مليار هكتار، والتي يمكنها إزالة 205 جيجا طن من الكربون، ما يساعد في تخفيف آثار التغير المناخي، لكن تحقيق هذا يحتاج إلى العمل الجاد.
غير كافٍ؟
هناك بعض المخاوف التي قد تؤثر بصورة سلبية على المشروع، عندما لا يُطبق بالشكل الصحيح وكيفية الحفاظ على الأشجار حية لفترات طويلة؛ إذ توجد العديد من الاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان؛ فقد كشفت دراسة منشورة في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية» (PNAS) في أبريل/نيسان عام 2007، عن مفاجآت قد لا تُعجب المتحمسون بشأن زراعة الأشجار حول العالم بغزارة، إذ أشار مؤلفو الدراسة إلى أنّ:
- الأشجار تنمو أسرع في البيئات الاستوائية، وبالتالي تستطيع حبس أكبر قدر ممكن من غاز ثاني أكسيد الكربون.
- زراعة الأشجار في المناطق التي تتساقط فيها الثلوج بالقرب من القطبين، قد تأتي بنتيجة عكسية، وترفع الاحترار.
- الاهتمام بزراعة الأشجار لن يفيد في المناطق المعتدلة مثل بعض المناطق في أوروبا والولايات المتحدة.
حذرت الدراسة من إزالة الغابات في مقابل زراعة الأشجار، فالغابات ثروة لا تُقدر، وتلعب دور البالوعة الكربونية بكفاءة، ما يعني أنه ربما تكون الأشجار سلاحا فعّالا ضد التغير المناخي، لكنها ليست كافية.