الجفاف يتحرش بغابات الأمازون.. رئة العالم تتألم
تُوصف غابات الأمازون بأنها "رئة العالم"، وتضم عددًا هائلًا من الكائنات الحية، ولكنها تتعرض لمخاطر التغير المناخي، كما توضح دراسة جديدة.
تضم غابة الأمازون أنواعا كثيرة جدًا من المجتمعات النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة. ولأنها واحدة من أثرى المجتمعات، وتمتد على مساحة 6.7 مليون كيلومتر مربع؛ فهذا يعني أنها معرضة للتغيرات المناخية، الأمر الذي شغل شاغل "جوليا تافاريس" (Julia Tavares)، الباحثة التي تسعى للحصول على درجة الدكتوراه في ليدز، وهي الآن في جامعة أوبسالا بالسويد، وهي التي قادت دراسة فريدة من نوعها؛ لتكشف عن الخطر المحدق بأشجار غابات الأمازون بفعل التغير المناخي، بالتعاون مع فريقها البحثي الذي يتكون من 80 عالمًا من أوروبا وأمريكا الجنوبية.
غابات الأمازون مهددة
كشفت الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر" (Nature) في 26 أبريل/نيسان، عن أنّ أشجار الأمازون تواجه خطرا أكبر من أي وقت مضى، خاصة في منطقتي الجنوب والغرب، اللتين تواجه أشجارهما خطر الموت. وفي حديثها تقول الدكتورة "جوليا تافاريس" لـ"العين الإخبارية" عبر البريد الإلكتروني: "إنّ سلامة غابات الأمازون المطيرة مهددة؛ نتيجة التغيرات المناخية، والأنشطة الأخرى، مثل: إزالة الغابات وعمليات التعدين غير القانونية ومقالب القمامة".
في حين أنّ الأبحاث العلمية السابقة، ركزت فقط على المنطقة الوسطى الشرقية من الغابة، وهذه المنطقة ليست متأثرة بصورة ملحوظة بالجفاف الناتج عن التغير المناخي، إلا أنّ فريق الدكتورة جوليا، غطى نطاقًا آخر؛ فقد فحصوا 11 موقعًا منفصلًا في شرق وغرب وجنوب الغابة، وحصلوا على عينات من 540 شجرة لـ129 نوعًا، وأغلبها أشجار ضخمة، قد يصل ارتفاعها إلى 30 مترًا، وكان مع الفريق متسلقون خبراء، للحصول على العينات.
كما سعى الفريق إلى فحص الإجهاد المائي لأنسجة العينات عبر أوقات مختلفة، فراحوا يقيسونه مرة في الثالثة صباحًا، حيث الظلام الدامس، ومرة أخرى في منتصف النهار. وبعد تجميع بيانات من مناطق مختلفة في البرازيل وبيرو وبوليفيا، استخدموا هذه البيانات لقياس مدى تحمل هذه الأشجار لظروف الجفاف.
خطر الموت
تقول الدكتورة جوليا لـ"العين الإخبارية": "وجدنا في دراستنا أنّ المناطق الأكثر جفافًا في غابة الأمازون معرضة لخطر الموت بصورة أكبر؛ نتيجة لظروف الجفاف"، موضحة أنّ هذه المناطق كانت الأكثر تعرضًا للإجهاد المائي، وتصف تافاريس حالة هذه المناطق على أنها: "تعمل في مكان قريب جدًا أو حتى أبعد من العتبة الآمنة". تتابع تافاريس لـ"العين الإخبارية: "منطقة جنوب الأمازون على وجه التحديد، كانت تعاني من تغيرات مناخية أكثر حدة، من مظاهرها جفاف حاد، وارتفاعات في درجات الحرارة على مدار العقود الماضية".
بالطبع هذا يضع الأشجار والنباتات في هذه المنطقة تحت ضغط شديد، وتضطر أن تعمل خارج حدودها الفسيولوجية في هذه المنطقة، وهذا مؤشر قوي على أنها مُعرضة للموت نتيجة الجفاف الشديد، بحسب الدكتورة جوليا. موضحة أنّ هناك خطرا آخر محدقا بهذه المنطقة تحديدًا، يتمثل في إزالة الغابات.
تُضيف فارياتس لـ"العين الإخبارية": "هناك مناطق أخرى في حوض الأمازون، مثل المناطق الأكثر رطوبة، والتي لا تتكيف مع الجفاف، ولكنها ليست مهددة في وقتنا الحالي؛ لأنها لا تتعرض للإجهاد المائي. مع ذلك، إذا فرضت التغيرات المناخية ضغوطًا مائية على هذه المناطق؛ فقد تتعرض هذه المناطق للخطر أيضًا". مؤكدة أنّ الغابات في جنوب الأمازون والغابات الموسمية في غرب الأمازون هي الأكثر حساسية للجفاف.
عدم القدرة على تخزين الكربون
وفقًا لـ"الصندوق العالمي للطبيعة" (WWF)، تُخزن غابات الأمازون المطيرة نحو 76 مليار طن من الكربون، كما أنها تلعب دورًا حاسمًا في دورات الكربون والمياه. وتقول الدكتورة جوليا لـ"العين الإخبارية": "يؤثر تغير المناخ على نمط هطول الأمطار وكذلك درجات الحرارة، بما في ذلك الأحداث المناخية المتطرفة، مثل: "الفيضانات الشديدة والجفاف وموجات الحر"، وتُضيف: "تسببت حالات الجفاف الأكثر حدة في غابات الأمازون في الحد من قدرة الغابات على تخزين الكربون؛ نتيجة بُطء معدل نمو الأشجار، مع زيادة في معدل موتها".
تُعد هذه الدراسة بمثابة أول تحقيق في الإجهاد المائي الذي تواجهه الأشجار في الأمازون، كما تنبأت الدراسة ببعض الأحداث المناخية فيما يتعلق بمستقبل الأمازون، والذي قد يصبح أكثر دفئًا في المستقبل.
تقول تافاريس: "دراستنا هي أول دراسة تقيس الخصائص الفسيولوجية للأشجار على المستوى الإقليمي، مع مراعاة أنواع الغابات الأخرى. وتُظهر نتائجنا أنّ غابات الأمازون لديها قدرات مختلفة على التعامل مع التغيرات المناخية الجارية والمستقبلية. وتُحدد دراستنا المناطق الأكثر عرضة لأحداث الجفاف في المستقبل وكيف يرتبط ذلك بتخزين الكربون". خاصة أنها مسؤولة عن تخزين ما بين 10 و15% من إجمالي الكربون المخزن في العالم.
وكتب مؤلفو الدراسة في دورية نيتشر أنّ "هذه الدراسة تساعد في إزالة عنق الزجاجة المعرفي الرئيسي لكيفية تأثير التغيرات المناخية على هذا النظام البيئي المهم"، والمقصود به غابات الأمازون، التي تُعد رئة العالم.
تُضيف تافاريس: "لا يمكننا الحد من آثار التغير المناخي، لكن أفضل ما يمكننا القيام به، هو اتخاذ إجراءات لإبطائه بشكل كبير، بحيث لا تُدفع النُظم البيئية إلى ما وراء حدودها الفسيولوجية، وربما يكون لديها الوقت للتكيف".
aXA6IDMuMTQ0LjEwMy4yMCA= جزيرة ام اند امز