ما هي المكاسب الكبيرة التي سيجنيها العالم من كفاءة استخدام الطاقة؟
ماذا لو استطاع العالم خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بسرعة دون الاضطرار إلى بناء الكثير من قدرات الطاقة المتجددة؟
هذا بالضبط ما يقول بعض الخبراء إنه ينبغي أن يحدث من خلال تحسين كفاءة الأجهزة وشبكات الكهرباء بجهود مثل منع التسرب من مقابس الكهرباء وإيقاف الأحمال الزائدة في الأجهزة التي تسحب طاقة من مقابس الحائط حتى عندما تكون مطفأة.
ومن خلال خفض كمية الطاقة اللازمة لأداء نفس المهام، يصبح بوسع العالم حرق كميات أقل من الوقود الأحفوري وإنفاق مبالغ أقل على توسيع قدرات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
وقالت لاريسا جروس من مركز إي3جي البحثي في مجال المناخ: "لا نحتاج إلى تغيير الطريقة التي نولد بها الكهرباء فقط، وإنما إلى تغيير الطرق التي نستخدمها بها أيضا".
وأيدت 118 دولة على الأقل في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دبي تعهدا بتحسين معدلات كفاءة استخدام الطاقة بنسبة أربعة بالمئة كل عام حتى 2030. وهذا من شأنه أن يضاعف تحسن معدلات كفاءة استخدام الطاقة بنسبة اثنين بالمئة في 2022.
كيف يصبح استخدام الطاقة أكثر كفاءة؟
وصفت وكالة الطاقة الدولية كفاءة الاستخدام بأنها "الوقود الأول" لتحول الطاقة وواحدة من أسرع الطرق وأكثرها فعالية من حيث التكلفة لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
وتعني كفاءة استخدام الطاقة في أبسط صورها استخدام الأجهزة أو التكنولوجيا أو الإلكترونيات المصممة على استهلاك طاقة أقل، مثل المضخات الحرارية أو المصابيح الإضاءة الذاتية.
وعلى نطاق أوسع، يمكن تصميم المباني على أن يكون لديها عزل أفضل لتقليل الحاجة إلى أجهزة تكييف الهواء أو التدفئة. ويمكن أن تحسن المصانع أو المدن الأسلاك لوقف تسرب الطاقة.
ومع سعي المزيد من القطاعات مثل النقل للحصول على الطاقة من الشبكة الكهربائية بدلا من حرق الوقود الأحفوري، سيرتفع الطلب على الشبكة بشكل حاد.
وقالت صوفي إرجنز رئيسة إدارة تسريع الحلول المناخية في شركة دانفوس الدنماركية متعددة الجنسيات، التي تصنع منتجات التدفئة والتبريد: "نحتاج إلى جعل كفاءة استخدام الطاقة جذابة مثل توربينات الرياح".
وقد تساعد اللوائح الحكومية أيضا بطرق تشمل على سبيل المثال اشتراط حد أدنى من معايير أداء الطاقة في الأجهزة أو المركبات أو التصنيع.
ما مقدار الطاقة والأموال الذي يمكن توفيره؟
قد يوفر رفع متوسط المعدل العالمي لكفاءة استخدام الطاقة إلى مثليه نصف إجمالي تخفيضات الانبعاثات الضرورية بحلول عام 2030، وفقا لخارطة الطريق إلى صافي انبعاثات صفرية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية.
ويعني ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي وبريطانيا خفض إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 40 مليون طن سنويا بحلول عام 2030. ويترجم ذلك إلى توفير فوري في التكاليف السنوية يبلغ حوالي 10.5 مليار يورو (11.43 مليار دولار)، وفقا لتقديرات دانفوس في تقرير صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وتستطيع القطاعات في جميع أنحاء العالم توفير 437 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030 مع تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وفقا لتقرير مجمع عن القطاع أصدرته حركة كفاءة الطاقة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ما الذي يقدم أكبر توفير في الطاقة؟
قد يحقق التحول إلى السيارات الكهربائية أو المضخات الحرارية توفيرا كبيرا في الطاقة إذا تم توصيلها بشبكات تعتمد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة.
كما تهدر السيارات الكهربائية كمية أقل من احتياطي الطاقة لديها مقارنة بالمركبات التي تعمل محركاتها بالبنزين.
وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن كفاءة المضخات الحرارية قد تكون أكثر بخمس مرات من الغلايات التي تعمل بالغاز.
وينطبق في البلدان النامية، ومن بينها الهند وأجزاء من أفريقيا، نفس منطق التحول إلى مواقد الطهي الكهربائية بدلا من حرق روث الأبقار أو الحطب للطهي.
وذكر نيك آير الباحث في مجال الطاقة بجامعة أكسفورد: "الطهي بالأجهزة الكهربائية أكثر كفاءة جدا من الطهي باستخدام الوقود الحيوي".
هل يتم إحراز تقدم؟
حشدت الدول من عام 2020 حوالي تريليون دولار لمشروعات كفاءة استخدام الطاقة في قطاعات من المباني ووسائل النقل العام إلى دعم السيارات الكهربائية.
وجاء في تقرير كفاءة الطاقة الذي تصدره وكالة الطاقة الدولية سنويا أنه نتيجة لذلك، تحسنت كفاءة الطاقة في العالم هذا العام بنحو 1.3 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وهي وتيرة أبطأ من التحسن البالغ اثنين بالمئة المسجل في عام 2022 بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة إلى حد كبير.
وتتفوق كفاءة استخدام الطاقة في الولايات المتحدة على متوسط المعدل العالمي لتحسين الكفاءة هذا العام بنسبة أربعة بالمئة مع تخصيص 86 مليار دولار لتحقيق هذا الهدف بموجب قانون خفض التضخم.
وشهد الاتحاد الأوروبي كفاءة أكبر في استخدام الطاقة بنسبة خمسة بالمئة هذا العام بعد تحسن بنسبة ثمانية بالمئة العام الماضي لأسباب من بينها قدوم فصول الشتاء أكثر اعتدالا.
وشهدت ألمانيا والسويد وهولندا ارتفاعا في مبيعات المضخات الحرارية بنسبة 75 بالمئة في النصف الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما سلطت وكالة الطاقة الدولية الضوء على الفرص المتاحة في البلدان النامية التي تتوسع مدنها وتستطيع التخطيط بشكل أفضل للمباني الجديدة الموفرة للطاقة مع نمو اقتصاداتها.