كيف تتحقق العدالة المناخية؟.. الإجابة في COP28
ينص المبدأ الثالث من إعلان استكهولم حول البيئة الإنسانية لعام 1972 على أن الإنسان عليه واجب مقدس في حماية وتحسين البيئة.
وينص هذا المبدأ أيضاً على أن ضرورة حماية البيئة للأجيال الحاضرة والمقبلة، وأن يتحمل الإنسان كامل المسئولية في سبيل تحقيقه لهذا الواجب.
وعلى أعتاب انطلاق الحدث المناخي الأهم في العالم COP28 الذي تستضيفه دول الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الجاري إلى 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل يجري الحديث عن الأهداف السامية لتلك المؤتمرات.
وتكاد تكون العناوين العريضة لمؤتمرات المناخ في كل نسخة ثابتة وهي حماية كوكب الأرض ومنع انهياره مناخياً لجعله صالحاً لحياة البشر ووقف التداعيات المهلكة لتغير المناخ، وهنا تبرز إحدى قضايا العمل المناخي المهمة وهي العدالة المناخية.
ما هي العدالة المناخية؟
يمكن تعريف العدالة المناخية بشكل عام بأنها معالجة العبء غير المتناسب لتأثيرات تغير المناخ على المجتمعات الفقيرة والمهمشة والسعى إلى تعزيز توزيع أكثر عدالة لأعباء هذه الآثار على المستويات المحلية والوطنية والعالمية من خلال المبادرات الاستباقية التفاعلية التى تعتمد على نظريات حقوق الإنسان الدولية والعدالة البيئية المحلية.
وتقول الدكتور هالة أحمد الرشيدي، مدير مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في ورقة بحثية لها عن العدالة المناخية إن هذا المفهوم هو بالأساس منهج يقوم على التدقيق في كيفية توزيع الأعباء والمسؤوليات البيئية على المستويات العالمية والقومية والمحلية وفي ظل ظروف التغير المناخي.
وعلى هذا النحو ترتبط قضية تغير المناخ ارتباطاً وثيقاً بقضايا حقوق الإنسان، وذلك نظراً لما للقضية الأولى كقضية بيئية واجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية من تداعيات عميقة الأثر على رفاهية البشر وعلى التمتع الفعلي بحقوق الإنسان وعلى العدالة الاجتماعية.
وبرزت الأبعاد الأخلاقية لقضية تغير المناخ، وتم صك مفهوم "العدالة المناخية Climate Justice " للمرة الأولى في تقرير صادر عام 1999 عن مؤسسة San Francisco – Based Corporate Watch Group، بعنوان: Greenhouse Gangsters Vs Climate Justice.
وأعيدت الإشارة إلى مفهوم العدالة المناخية في مؤتمر عقد بهولندا عام 2000، ثم مرة ثالثة في مؤتمر بالي بإندونيسيا عام 2002، والذي تم فيه اعتماد "مبادئ بالي للعدالة المناخية "، كأساس لاستجابة شعبية لأزمة المناخ العالمية التي تتكشف يوماً بعد يوم.
وبدأ مفهوم العدالة المناخية بدأ يتبلور بصفة تدريجية داخل المنظمات الغربية غير الحكومية، وصولاً إلى أول مؤتمر قمة للعدالة المناخية عقد في عام 2000م في مدينة لاهاي الهولندية بالتوازي مع المؤتمر السادس للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي.
وفي هذا المقام، تسلط العدالة المناخية الضوء على الآثار غير المتناسبة للتغيرات المناخية على السكان الأكثر ضعفاً وتهميشاً، فضلاً عن قيود الاستجابات السياسية التقليدية لتفاقم عدم الاستقرار المناخي والحاجة الملحة إلى حلول عالمية منهجية شاملة.
آثار غياب العدالة المناخية
وفقاً للتقارير الدولية ذات الصلة فإن خمسة مجالات مختلفة لتأثير غياب العدالة المناخية تقع على المجتمعات والشعوب يمكن استعراضها على النحو الآتي:
- الاضطرابات الاقتصادية والتجارية بسبب تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية لآلاف البشر.
- ضغوطات الهجرة والنزوح الجماعي واللجوء البيئي. بسبب الكوارث المرتبطة بالطقس.
- انعدام الأمن الغذائي حيث تعرض الظواهر المناخية المتطرفة ملايين من الناس لانعدام الأمن الغذائي والمائي الحاد.
- الأزمات الصحية وزيادة انتشار الأمراض المُعدية، إذ يُعطل النظم البيئية ويزيد من مخاطر انتقال الأمراض.
- تهديد الأمن القومي والعالمي بما يعني أن بعض البلدان قد تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي بسبب التدهور البيئي وانتهاك حقوق الشعوب وهشاشة وضعف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
الأمل في COP28
يأمل العالم في أن يُدشن COP28 مرحلة تتسم بفاعلية أكبر في التعامل مع الأزمة المناخية، كما تترقب الشعوب الأكثر فقرا خاصة في أفريقيا وآسيا أن يتمخض هذا الملتقى الدولي شديد الأهمية، عن توافق من شأنه تخفيف العبء الثقيل، المُلقى على كاهل قارتهم، بسبب تصاعد معدلات الاحتباس الحراري، بشكل يبدو غير مسبوق.
ويحذر الخبراء، من أن الصدمات والتحولات المناخية، ذات التأثيرات طويلة المدى، تجبر الملايين من الأفارقة، على التحول إلى نازحين ولاجئين، وتفضي إلى تصعيد الصراعات على الأراضي الزراعية محدودة المساحة من الأصل، وكذلك على المراعي والمياه الصالحة للشرب، وغيرها من الموارد، ما يقود إلى إذكاء الاضطرابات، وتهديد السلام الاجتماعي، في الكثير من الدول الأفريقية.
وتناقش حكومات العالم ضمن فعاليات مؤتمر الاطراف في دبي وضع استراتيجيات استباقية للتعامل مع تبعات التغير المناخي، تشمل مشاركة مؤسسات مالية دولية، مثل صندوق النقد والبنك الدولييْن، وإقامة شراكات عادلة مع الدول الأفريقية وبُلدان الجنوب، تستهدف معالجة المظالم التي تعاني منها، بسبب التهديد المناخي.
وهنا تبرز دعوة "إعلان نيروبي" الذي تمخض عن أول قمة أفريقية بشأن المناخ، عُقِدَت مطلع شهر سبتمبر/أيلول المنصرم في كينيا، من لدول الشمال الأكثر ثراء، للوفاء بتعهدات قطعتها على نفسها عام 2009، بتقديم مئة مليار دولار سنوياً لمدة 11 عاماً، لدعم الدول الهشة والنامية التي تواجه الصدمات المناخية.
وتظل جهود العالم التي تتسق مع ما يسعى إليه COP28 بالتوازي مع الحركات والمنظمات غير الحكومية المعنية بشؤون تغير المناخ وحماية البيئة، بوابة رئيسية ومهمة لتحقيق العدالة المناخية.