في حضرة COP28.. الجميع بحاجة لتحقيق العدالة المناخية
من المسؤول عن مستقبل الشباب والأطفال في غياب العدالة المناخية؟.. هذا سؤال يراود الجميع على وجه هذا الكوكب.
إذ يستيقظ من النوم كل يوم، ويُضطر للمشي على قدميه لمسافات طويلة حتى يصل إلى المدرسة؛ فالطريق الذي يسلكه هذا التلميذ ليس ممهدًا، وبنيته التحتية غير مدعومة، ثم يحصل على بعض المعلومات من مدرس غير مؤهل بصورة كاملة، ويعود مرة أخرى على نفس الطريق غير الممهد؛ فلا يجد كهرباء تساعده على الدراسة ليلًا، ولا غذاءً يضمن له النمو الصحي السليم، وإذا مرض؛ فليست هناك عناية طبية فعّالة.
مرحبًا بك في دول الجنوب التي لطالما عانت من الفقر وضعف الإمكانات. وما يزيد الطين بله، هو التغيرات المناخية التي لا يستطيع سكان هذه الدول مجابهتها، على الرغم من أنهم ليسوا دولًا صناعية، تُطلق الغازات الدفيئة التي تسببت في الاحترار العالمي، لكنها تدفع الثمن غاليًا، من صحتها، وعدم تكافؤ فرص أبنائها مع أبناء دول الشمال، لا في التعليم أو الابتكار أو الحياة الكريمة. فلا تحققت العدالة المناخية، ولا حتى العدالة الاجتماعية.
تواصلت العين الإخبارية مع «أحمد الدروبي»، مدير الحملات الدولية في شبكة العمل المناخي؛ لتقريب الصورة أكثر عما يعانيه أطفال وشباب دول الجنوب؛ نتيجة عدم تطبيق العدالة المناخية. ويكشف لنا بُعدًا إنسانيًا في قضية المناخ.
إليكم نص الحوار..
لماذا نحتاج لتحقيق العدالة المناخية؟
هذه قضية مهمة وكبيرة جدًا، العدالة بين الأجيال. إذا فكرنا فيما استهلكناه من ميزانية الكربون، والكمية المتبقية للسنوات القادمة، نجد أنّ هذا ظُلم فج. لقد صار بحوزة ميزانية الكربون لدينا أقل من 400 مليون طن من الكربون، من أجل الالتزام بهدف 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس. إننا لا نحتاج فقط إلى خفض انبعاثاتنا من الكربون، بل نحتاج إلى شفاء الطبيعة، وضمان حفظ الحيوانات والنباتات والنباتات البحرية؛ فتلك الكائنات تلعب دورًا في امتصاص هذا الكربون الزائد من الغلاف الجوي.
ومع زيادة الكربون، تُوضع الأجيال القادمة تحت ضغط أكبر، بعبارة أخرى، إننا نرمي الحمل عليهم، حمل زائد وظالم جدًا، ويقع على عاتقهم مسؤولية تقليل الانبعاثات أيضًا. وهذا من أهم القضايا المتعلقة بالعدالة المناخية. تُوشك ميزانية الكربون على الانتهاء، وما زالت الدول تتحدث عن أهدافها للوصول إلى صافي الصفر بحلول العام 2050 أو 2060.
نحتاج إلى خفض انبعاثاتنا بنسبة 43% قبل حلول العام 2030، لكن الحقيقة أنّ انبعاثاتنا تزيد كل عام، ونحن بعيدون عن حماية مستقبل هذه الأجيال أو مستقبل الأجيال القادمة، ونعمل على حلول كاذبة، تموه على الحراك المناخي الحقيقي، مثل: تكنولوجيا ليس لها أي جدوى اقتصادية ولم يتم تطويرها لتكون حلًا فعّالًا حقًا. إنها فقط حلول تؤجل حمل المسؤولية على الأجيال القادمة، ووسيلة تتنصل من خلالها الحكومات والسياسيون من مسؤوليتهم.
لنتحدث عن الأطفال قليلًا
حسنًا، لننظر إلى دول الجنوب، ما يقع عليها هو ظلم تاريخي، لم يعالجه المجتمع الدولي. نحن نرى أنّ هناك فجوة كبيرة في التطور والبنية التحتية والأنظمة التعليمية والصحية ما بين دول الشمال ودول الجنوب، وهذا كله تبعات للتاريخ الاستعماري الذي سمح لهذه الدول أنها تتطور والانتقال من النظام الاستعماري إلى نظام استعماري جديد، يضع دول الجنوب، تحت رحمة دول الشمال؛ فنجد أنّ دول الجنوب مُدانة دائمًا وفقيرة جدًا، ما أعطى دول الشمال الصناعية ميزة نوعية في أنظمة التعليم والحياة، ولديهم فرصهم أفضل في الابداع والابتكار.
وعند مقارنة الأطفال والشباب الذين ينمون في دول صناعية من دول الشمال لديهم خدمات أفضل؛ أما في دول الجنوب؛ فهي غير قادرة على بناء بنى تحتية كافية ولا تستطيع زيادة الكفاءة المحلية؛ حتى تستطيع منافسة دول الشمال أو حتى توفير تعليم جيد لأبنائها، وبالتالي، تصبح تلك الدول هي الأكثر عرضة لآثار التغيرات المناخية، وفرصها أقل في المستقبل.
على سبيل المثال، عندما نتحدث عن القارة الأفريقية، والتي فيها ما يقرب من 600 مليون نسمة ليس لديهم كهرباء، ولا بنى تحتية ممهدة؛ فكيف يذهب أطفالها للمدرسة، وكيف يذاكرون دروسهم في الليل بدون كهرباء، ويمشون كيلومترات إلى المدرسة، ولا توجد وسائل انتقال فعّالة. يجلسون أمام معملين ليسوا على درجة عالية من الكفاءة، ويدرسون مناهجًا ضعيفة؛ فكيف لهؤلاء الأطفال منافسة نظائرهم في أوروبا وأمريكا الشمالية في عصر التكنولوجيا الذي نشهده اليوم؟
كيف تتأثر قطاعات الصحة والغذاء بالتغير المناخي؟
بالطبع تزيد تغيرات المناخ الحمل على المنظومة الصحية، خاصة في ظل موجات الحر، ومع وجود أنظمة غذائية غير كافية؛ ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للجفاف، وتتأثر صحتهم، وإذا نظرنا إلى قارتنا السمراء، نجد أنها تحتوي على مساحات كبيرة وواسعة من الأراضي الخصبة، لكنها ممنوعة من الإنتاج الغذائي؛ لأنها هكذا تنافس القطاع الزراعي الأوروبي والأمريكي. وهذا يسلب سيادتنا على غذائنا.
هل من الضروري تمكين الأطفال في العمل المناخي؟
هذا أمر ضروري، لكن يجب أن يُبني على توعية وتعليم وأسس علمية صحيحة، يجب أن يكون الأطفال والشباب أول الأصوات وعلى الخطوط الأمامية من المعركة لحماية الكوكب، والدفاع عن مستقبلهم هم.
ماذا يحدث إذا فشلنا في توصيل مفهوم العدالة المناخية للأطفال والشباب؟
التربية المناخية مطلوبة، ويجب أن تكون جزءًا من العلوم، وليست مادة مستقلة، هي مادة متداخلة مع التاريخ والاقتصاد وغيرهم. ويجب أن تأخذ الأجيال الشبابية الحالية موقفًا قويًا، وتُغيّر المسار الاقتصادي، وإلا سنقع في نفس الفخ الذي نحن فيه، ونسمح للدول الصناعية والشركات متعددة الجنسيات الملوثة أنها تستكمل مسيرتها وتقلل العمل المناخي، وتُلقي بنا من فوق الحافة.
هل وضعت حقوق الأطفال والشباب على أجندة مؤتمر الأطراف من قبل؟
إن تمثيل الشباب في مؤتمرات الأطراف موجود منذ سنوات، بل إن وجودهم أمر أساسي، ونحن كدولة نامية، يجب ألا تكون التوعية موجودة فقط وقت المؤتمر أو عندما يكون هناك قضية عالمية شائكة مرتبطة بالمناخ. بل يجب أن تكون عملية توعية تربوية متكاملة، مبنية على أسس علمية قوية.
هل من المنتظر فتح ملف حقوق الأطفال والشباب من جديد فيCOP28؟
ضروري مناقشة حقوق الأجيال القادمة في كل مؤتمر، لكن لا يجوز أن يكون هناك نوع من الغسيل الأخضر، وذلك بالأصوات التي تدعي أنّ الشباب مهمين، ويجب حفظ حقوقهم ومستقبلهم، لكن بدون اتخاذ أي قرارات أو أفعال، تقول أنّ حكومات العالم التي ستجتمع في دبي هذا العام، تعطي أولوية حقًا للشباب. ولكن يجب أن نسمع القرارات الفعلية لوقف الانبعاثات ووضع خطة للحراك المناخي الفعال، وتوجيه المسؤولية التاريخية للدول الصناعية لتوفر التمويل الكافي المُستحق لدول الجنوب؛ لتحمي مستقبل الشباب والأجيال القادمة.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS45MCA=
جزيرة ام اند امز