القهوة والدلة.. تقليد عربي أصيل ورمز لحسن الضيافة
اكتشاف القهوة وانتشارها في العالم العربي ارتبط بصناعة الدلة الشهيرة باختلاف أشكالها ومسمياتها حسب كل بلد.
للقهوة تاريخ وثيق الصلة بسلوكنا اليومي وحياتنا الاجتماعية ولها رمزيتها الخاصة والشعبية عند العرب ودلالتها على الكرم والشهامة والأصالة رغم ربطها قديما ببعض الأساطير والقصص الطريفة والخاطئة.
وارتبط اكتشاف القهوة وانتشارها في العالم العربي بصناعة الدلة الشهيرة باختلاف أشكالها ومسمياتها حسب كل بلد، وهي أداة رئيسية في إعداد القهوة وصبها وباتت جزءا أساسيا في تراثنا وحياتنا اليومية جيلا بعد جيل.
ولم تكن القهوة حتى القرن الـ14 معروفة في المنطقة إلا في إثيوبيا، لكن في أواخر القرن الـ15 عرف عن اليمني أبو الحسن الشاذلي أنه أول من قام بتحميص حبوب القهوة وإعدادها كمشروب في عام 1418 ميلاديا الموافق 821 هجريا.
وعلى يد الشاذلي انتشر مشروب القهوة في اليمن إذ كان يتم طهو حبوب البن ثم تحضيرها كمشروب كثيف وثقيل القوام يسد الجوع ويغني عن الطعام ومن اليمن انتشرت القهوة إلى شبه الجزيرة العربية.
وقال الباحث في التراث عدنان الكندري، إن القهوة كانت تعد بأوانٍ من الفخار إلى أن توصلوا إلى صنع "دلال" القهوة من النحاس واختلف في تفسير معاني كلمة "دلة" فهناك من يقول إن مصدرها من التغنج والدلال، لكن أقرب تفسير لمعنى كلمة دلة هو أنها جاءت من الدلو إذ كان أهل الشام يطلقون على دلو الماء لفظ (الدلوة).
وذكر أن أول من قام بصنع (دلة) القهوة هم أهل الشام في سوريا ومنها انتشرت صناعة الدلال إلى العراق وبقية الدول العربية حتى أصبح وجود الدلة وشرب القهوة من عادات العرب ومن تقاليد إكرام الضيف لا سيما في الجزيرة العربية.
وبين أن من أشهر دلال القهوة في الشام هي (دلال رسلان) التي تعود إلى رجل من أهل سوريا كان يصنع الدلال من النحاس الأصفر ومنه انتشرت صناعة الدلة النحاسية الصفراء؛ إذ كانت في السابق تصنع من النحاس الأحمر، أما في العراق فمن أشهر الدلال (الدلة البغدادية) وكذلك (الشقراوية) و(النصرانية) ومن أشهر صناع الدلة في العراق سيد صالح ومهدي صالح.
ولفت الكندري إلى أنه من الشام والعراق جاءت صناعة الدلة إلى الجزيرة العربية ومن أشهر دلال القهوة في الجزيرة العربية (دلة مزعل) نسبة إلى مزعل وهو صانع من مدينة دير الزور السورية وفد إلى الجزيرة العربية، ويعد أول من قام بعمل الدلة من قطعة نحاس واحدة مطروقة؛ إذ جرت العادة في صناعة الدلال على لحام القطع التي تتكون منها الدلة.
وأضاف أن كل دولة من دول الخليج تشتهر بنوع معين من دلال القهوة؛ ففي عمان تنتشر (الدلة النزوانية) نسبة إلى مدينة نزوة العمانية، بينما تتشابه دلال القهوة في كل من البحرين وعمان والإمارات.
وبيّن أنه في المملكة العربية السعودية تختلف أنواع وأشكال الدلال بحسب المناطق والأقاليم ففيها (الدلة الحساوية) وهي من أغلى وأجمل أنواع دلال القهوة والدلة (الحجازية أو النجرانية) (ودلة القصر) أو يسمونها (الدلة الحائلية) وأيضا (الدلة المكاوية).
وعن دلال القهوة في الكويت قال الكندري إن الكويت معروفة بأنها مركز تجاري وممر عبور للتجار والقوافل والصناع وميناء تجاري كبير؛ لذلك تنوعت أشكال الدلال التي تصل إليها؛ فمنها العراقي والشامي والحجازي والحساوي، لكن من كان يصنع ويقوم بصناعة دلال القهوة في البلاد وداخل سوق الكويت هم صناع الدلال من الأحساء؛ فكانوا يقيمون فترة من الزمن في الكويت لصناعة دلال القهوة حيث كانت تباع في (سوق الصفافير).
وأشار إلى أن هناك أسماء لصناع الدلال من أهل الأحساء معروفة في الكويت مثل عبد الوهاب الكويتي الذي أطلق عليه لقب الكويتي؛ لأنه أقام فترة من الزمن في الكويت للقيام بعمله.
وذكر أنه عند تحضير القهوة وتجهيزها لابد من وجود (المحماس) لتحميص حبوب البن و(المبرد) وهي قطعة خشبية مدورة ومحفورة صنعت لتبريد حبيبات البن المحمصة و(الهاون) ويسمى في بقية دول الخليج بـ(مجر) وأهل الشام يسمونه (المهباج أو المهباش) وهو يستخدم لطحن حبوب القهوة بعد تحميصها.
وقال الكندري إن دلال القهوة تتفاوت في أحجامها؛ إذ توجد الدلة الكبيرة وتسمى (المخمرة) وهي ضخمة توضع فيها الطبخات الثلاث أي بقايا القهوة يضعونها حتى تتخمر ثم هناك الدلة متوسطة الحجم وتسمى (لقمة) يتم فيها إعداد القهوة وتخديرها دون إضافات أو تبهير أما الدلة صغيرة الحجم فيطلق عليها مسمى (المصب) وهي تستخدم في تقديم القهوة للضيوف فقط.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز