برد الشتاء.. النازحون اليمنيون يرتعدون من ضيف ثقيل
نجا آلاف النازحين اليمنيين من قذائف الإرهاب الحوثي، لكن صقيع الشتاء تحول إلى عدو جديد يداهم مساكنهم المؤقتة في مخيمات النزوح.
وشرّدت مليشيا الحوثي الانقلابية، خلال العام الجاري، أكثر من 200 ألف يمني من محافظات الجوف ومأرب والبيضاء، بعد أن دمّرت قراهم ونسفت بيوتهم، وأجبروا المواطنين على أن يتحولوا إلى نازحين متنقلين من مدينة إلى أخرى.
هذا الوضع، فرض على النازحين مواجهة أعباء النزوح، في ظل افتقار الحكومة للإمكانيات التي تعينهم على مواجهة تبعات التنقل المؤلمة، وتكاليفها الإنسانية الموجعة.
وسجلت درجة الحرارة في عدد من المدن اليمنية، انخفاضا كبيرا خلال الأيام الماضية، حيث وصلت في بعض المحافظات إلى درجتين مئويتين فقط، وسط تصاعد موجة الصقيع خلال المساء.
وخلال العام الماضي، تسبب البرد في إزهاق عدد من الأرواح وخصوصا الأطفال والمسنين، بمحافظة مأرب، فيما يعيش نازحو محافظة الحديدة المعروفة بحرارة الطقس على مدار العام، ظروفا صعبة في مخيمات النزوح بعدن جراء التغير المناخي بالمدينة الساحلية التي تشهد موجة برد خلال ديسمبر الجاري.
وفي زيارتها لمخيمات النازحين شمال مدينة عدن اليمنية، التقت "العين الإخبارية" بعدد من النزلاء، الذين اشتكوا ظروفهم الصعبة، في ظل تواجدهم داخل خيام لا تقي من بردٍ قارس يتربص بهم، في ظل شهور الشتاء الحالية.
وتصادف النزول الميداني لـ"العين الإخبارية"، مع نشاط لإحدى المنظمات المحلية التي كانت توزع ملاجئ مؤقتة لأحد أكبر مخيمات النازحين في مدينة عدن اليمنية، بمديرية دارسعد.
وفي الوقت الذي تزايد الجدل حول حرمان بعض الأسر من الملاجئ، انتهز عدد من النازحين الفرصة للحديث مع "العين الإخبارية" عن تجاوزات تقوم بها بعض المنظمات، في عملية توزيع الإغاثة والمساعدات، التي لا تذهب جميعها إلى المستحقين، وفق قوله.
يتحدث عوض فتيني، وهو أحد النازحين من محافظة الحديدة في أكبر مخيم بمدينة عدن، إلى أن أسرته حرمت من حصتها في عملية توزيع الملاجئ، رغم أنه يتواجد في نفس المخيم الذي استهدف فيه أسر كثيرة من عملية الإغاثة.
وأشار فتيني إلى أن خيمته تدمرت خلال سيول الأمطار والفيضانات التي ضربت عدن قبل شهور، مما اضطره إلى ترقيعها بقطع "الكرتون" وبعض "الطرابيل"، حتى يقي أطفاله حر الصيف وزمهرير الشتاء.
مؤكدًا أن هناك قصور في عمل المنظمات -سواءً الدولية أو المحلية- حين تستهدف المخيمات، حيث توزع لفئة معينة وتغفل عن الباقين، رغم تواجدهم في نفس المخيم، وسط غياب دور السلطات الرقابي على عمل المنظمات.
في المقابل، قالت منسقة مؤسسة الرحمات التنموية، سناء القباطي "إن عملية توزيع الملاجئ المؤقتة واستهداف النازحين تم بناءً على نتائج مسح ميداني نفذته المؤسسة للأسماء المرفوعة إليها من الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين".
ولفتت القباطي في حديثها لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الأسماء المرفوعة تضمنت الأسر والعائلات "الأكثر ضررًا" من السيول والأمطار التي عصفت بعدن، بالإضافة إلى حجم أعداد أفراد كل أسرة، كمعيار لتحديد المستحقين.
وأشارت منسقة مؤسسة الرحمات، إلى أنها وزعت 846 ملجأ طارئًا على 650 أسرة نازحة ومتضررة في 13 مخيمًا للنازحين، في 4 مديريات بمدينة عدن، وبدعم من منظمة الهجرة الدولية.
ومع دخول فصل الشتاء، تزداد معاناة النازحين في مخيمات مدينة عدن، والذين ينتمون في غالبيتهم إلى محافظة الحديدة، ومناطق الساحل الغربي لليمن، ممن غادروا منازلهم نتيجة القصف العشوائي للمليشيات الحوثية على قراهم.
وفي محافظة مأرب التي تضم أكبر مخيمات النزوح على مستوى اليمن وتشهد انخفاضا في درجة الحرارة، بدأت منظمات دولية خلال اليومين الماضيين بتوزيع مواد إيوائية بهدف إعانة النازحين على تجاوز صدمات البرد.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، فقد بلغ عدد النازحين جراء الحرب، نحو 3,3 مليون شخص، في عموم مناطق البلاد، يسكنون مخيمات تفتقر لأبسط أساسيات الحياة.