انهيار سد منجمي في البرازيل يهدد حياة السكان الأصليين
سدّ في منجم للحديد يتعرض للانهيار بسبب انزلاق للتربة قرب مدينة بيلو أوريزونتي عاصمة ولاية ميناس جيرايس بالبرازيل
اعتاد أبناء قبيلة "باتاكسو" على الحياة الصعبة في الغابات كما هي حال جماعات السكان الأصليين، لكن حياتهم لم تكن مهددة كما هي اليوم بعد الكارثة البيئية الناجمة عن انهيار سد منجمي في جنوب شرق البرازيل.
فقد انهار سدّ في منجم للحديد في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب انزلاق للتربة قرب مدينة بيلو أوريزونتي عاصمة ولاية ميناس جيرايس، وأسفر ذلك عن 115 قتيلاً و248 مفقوداً، حسب أجهزة الإنقاذ.
ومنذ ذلك الحين، أصبح لون ماء النهر الجاري في قرية ناو كزوا بنيّ اللون بسبب الحديد، وتنبعث منه رائحة السمك الميت.
وتقول أنتونيا ألفيس، البالغة 88 عاماً "إنه أمر محزن، لأن النهر هو مصدر عيشنا، فيه نستحم ونغسل ومنه نشرب ونصطاد".
وتضيف جوسيليا جوسي، البالغة 46 عاماً: "إنه أمر سيئ جداً، لقد بتنا محرومين من السمك".
وفي وقت الغداء، تجلس أنتونيا إلى جانب زوجها جيرفازيو، صاحب الـ93 عاما، ينتظران إنهاء ابنتهما تحضير الطعام أمام كوخهما المتواضع.
وعلى الرغم من أن هذا المشهد يوحي بيوم عادي في قرى السكان الأصليين في الغابات، لكن الحياة في حقيقة الأمر انقلبت رأساً على عقب منذ كارثة الـ25 من يناير/كانون الثاني.
فإذا كان سكان القرية اعتادوا على حياة لا كهرباء فيها فإنه من الصعب أن يتأقلموا مع تلوّث يجعل نهرهم غير صالح لأي من ضرورات العيش والمنافع المعتادة.
إضافة إلى ذلك، تخلو القرية من الأطباء، ويجتهد عدد من المتطوّعين في تأمين الحاجات الأساسية لمن بقي من السكان ولم يفرّ خوفا من تداعيات انهيار السدّ.
شعب يقاوم
حذّرت سلطات الولاية من أن مياه النهر صارت ملوّثة، وترفع منظمات غير حكومية منها الصندوق العالمي للطبيعة الصوت محّذرة من العواقب المتوقعة على البيئة في السنوات المقبلة.
ويقول زعيم القبيلة هايو باتاكسو "لقد أخذوا جزءاً من أرضنا المحمية، وقتلوا بعضاً منا، لكننا شعب يقاوم، ولن نرحل من هنا حتى وإن مات النهر".
ويضيف: "الطبيعة تعتمد علينا، علينا أن نحميها".
والتقى في الأيام الأخيرة الهيئة الحكومية المعنية بشؤون السكان الأصليين، لكنه لا يعرف ما هي الإجراءات التي ستُتّخذ بحق شركة "فال" المنجمية المسؤولة عن انهيار السد.
ويؤكد أن الشيء الوحيد الذي يعرفه هو أن أبناء قبيلة باتاكسو سيصمدون، كما هو دأبهم منذ قرون.
وتعود أصول هذه القبيلة إلى ولاية باهيا في شمال شرق البرازيل، ونزح قسم منها في العقود الماضية إلى المدن هرباً من النزاعات الزراعية.
وقبل عام ونصف العام قرروا أن يعودوا إلى نمط حياتهم التقليدي، واستقروا في هذه البقعة، وهم لا يعتزمون التخلّي عنها قط.
وإذا كان من الصعب حتى الآن تقدير حجم الخسائر البيئية الناجمة عن انهيار السدّ، ما زالت تداعيات كارثة ماريانا في ولاية ميناس جيرايس في عام 2015 ماثلة في الأذهان.
فقد انهار سدّ منجمي أيضاً فيها آنذاك تسبب بتسرّب 60 مليون ليتر من النفايات الموحلة، أي أكثر بـ5 مرات مما تسرّب أخيراً، وأسفر ذلك عن القضاء على النظام البيئي هناك.
ويقول زعيم القبيلة الشاب: "أريد أن أقول للمسؤولين في شركة فال، وأيضاً للذين يحكموننا، أن يعاقبوا من فعلوا ذلك بنا وبالمزارعين وبكل من فقد قريباً".
ويتساءل: "كم يجب أن يبلغ عدد القتلى حتى يتحرّك القضاء؟".
وتقول أنتوينا "متى ينوون تنظيف النهر؟ متى سيعود السمك مجدداً إليه؟"، وهي من الأسئلة التي ما زال أبناء القبيلة ينتظرون الإجابة عنها.