التكليف قبل الاستشارات.. اتهامات للرئيس اللبناني بمخالفة الدستور
الدستور اللبناني يؤكد ضرورة الدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة في حال الاستقالة وليس العكس.
تعرض الرئيس اللبناني ميشال عون، الإثنين، لانتقادات واسعة بعد عدم دعوته إلى الآن لاستشارات نيابية لتكليف رئيس للحكومة الجديدة، بعد أكثر من أسبوعين على تقديم سعد الحريري استقالته.
وفي حين تتمسك الرئاسة اللبنانية بأن عدم تحديد موعد للاستشارات هدفه حل بعض العقد وتسهيل مهمة التأليف لعدم إطالتها، يواجه عون انتقادات واسعة لعدم التزامه بترتيب الخطوات التي ينص عليها الدستور.
وحسب الدستور، فإنه عندما يستقيل رئيس الحكومة تتم الدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس جديد لها بديل عنه ليتولى هو مهمة تأليف الحكومة وليس العكس.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن الدستور اللبناني لا يحدد فترة لرئيس الجمهورية للدعوة إلى الاستشارات، وبالتالي ما يقوم به "عون" ليس مخالفاً للدستور.
إسقاط الدستور
وأكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أنه "في أوج الأزمة السياسية التي تواجه لبنان وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، وبعد أن أسقط الحراك الشعبي معظم الطبقة السياسية يأتي من يسقط الدستور تحت شعار التأليف ثم التكليف من أجل مصالح الاستبداد لشخص وتيار سياسي عبثي".
ويشير اتهام جنبلاط إلى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حليف مليشيا حزب الله.
بدوره، أوضح رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، أنه كان من المفترض ومنذ استقالة حكومة الحريري، أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون بالدعوة إلى استشارات نيابية مُلزمة.
وأضاف: "لكن ما جرى كان التفافا على مسألة الاستشارات النيابية الملزمة وخلافا للدستور، وذلك بإجراء مشاورات جانبية، وفي ذلك افتئات على صلاحيات الرئيس المكلف الذي يفترض أن يُصار إلى تكليفه نتيجة تلك الاستشارات الملزمة ويقوم هو بإجراء المشاورات مع النواب".
واتهم السنيورة الرئيس اللبناني بمخالفة الدستور نصاً وروحا، مؤكداً أن إجراءه فيه تعدٍ على الصلاحية الدستورية للرئيس المكلف في تأليف الحكومة، الذي يتولى إجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.
وطالب "عون" بالإسراع إلى القيام بالاستشارات النيابية المُلزمة في أقرب وقت وعدم الاستمرار في تأخير هذا الاستحقاق الدستوري، قائلا: "لبنان الآن لم يعد لديه ترف الوقت والانتظار ولا ترف الاختيار في هذا الأمر ولا في كثير من غيرها من الأمور".
مصادرة صلاحيات البرلمان
في الوقت نفسه، قال النائب في اللقاء الديمقراطي، بلال عبدالله، إن ما حدث مصادرة لصلاحيات مجلس النواب وأعضائه، من خلال المباحثات التي تجري في الكواليس، والتأليف الذي يجري قبل التكليف، ويمارسون نوعاً من الترف السياسي للحفاظ على مصالح وعلى نظام أثبت فشله وعهد أكد فشله الذريع.
وشدد عبدالله على أن إلقاء المسؤولية وعدم رؤية ما يجري في الشارع وعدم احترام انتفاضة الشعب، أمر تحمل مسؤوليته السلطة، مضيفاً: "آن الأوان لأن تتم الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة ولتتحمل كل كتلة نيابية مسؤوليتها، ولتسمِّ من تريد".
أمام هذه الانتقادات، أكدت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ"العين الإخبارية"، أن ما يقوم به الرئيس عون ليس تعديا على صلاحيات رئيس الوزراء المكلف، وبالتالي المباحثات السياسية التي يقوم بها تتعلق بشكل الحكومة في ظل الخلاف حوله بين الفرقاء السياسيين؛ إذ إن هناك من يتمسك بخيار "التكنوقراط" (أي الحريري) وآخر يصر على أن تكون "تكنو سياسية" هي (رئاسة الجمهورية ومليشيا حزب الله).
وأوضحت المصادر في الوقت نفسه أن الدستور لا ينص على فترة محددة للدعوة إلى الاستشارات، وبالتالي ليست هناك مخالفة له.
خلاف قانوني
ومن الناحية القانونية، يقول رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية الخبير القانوني بول مرقص لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يمكن توصيف ما يقوم به الرئيس عون بأنه "مخالفة لنص دستوري صريح"؛ لأنه غير موجود وقياسا للمباحثات السياسية غير الرسمية التي يقوم بها رئيس الجمهورية.
وأوضح أنه رغم عدم وجود نص دستوري يحدد المهلة للدعوة للاستشارات النيابية، لكن من الضرورة الإشارة إلى "مهلة معقولة" لهذه الدعوة حتى لا تطيل الحلول، لكن التقدير هنا يقوم على عناصر عدة؛ منها حسن النية وسعي الرئيس عون للتوافق كي لا تصطدم لاحقا فترة التأليف بعوائق سياسية تطيل بدورها تشكيل الحكومة.
لكن في المقابل، أكدت مفوضية العدل والتشريع في "الحزب التقدمي الاشتراكي" المحامية سوزان إسماعيل، أن مرور أكثر من أسبوعين على استقالة الحريري من دون أن يدعو رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية لتكليف بديل له في وقت تتم فيه المباحثات السياسية في الكواليس، يعد مخالفة دستورية.
وأوضحت أن "الدستور يلزم الرئيس بالدعوة للاستشارات وبناء عليه يكلّف رئيس للحكومة وليس العكس كما يحصل الآن، وكما حصل مع الاتفاق المسبق على الوزير السابق محمد الصفدي".
وسبق الإعلان الاتفاق على الصفدي لرئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة؛ حيث أعلن وزير الخارجية جبران باسيل أنه ستتم الدعوة للاستشارات النيابية لتكليفه لكن الخلافات السياسية عادت وأفشلت هذا الاتفاق.
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA= جزيرة ام اند امز