شهر على احتجاجات لبنان.. مكاسب وإصرار على التغيير
أكاديمية لبنانية تقول إن "الثورة" حققت عدة إنجازات معنوية وعملية ستؤسس لمرحلة مختلفة وتاريخ جديد في البلاد
أنهت الاحتجاجات اللبنانية، اليوم الأحد، شهرها الأول بالزخم نفسه والإصرار على الاستمرار حتى تحقيق المطالب وسط تجاهل من الطبقة السياسية الحاكمة.
تلك المطالب التي باتت واضحة ومحددة بالنسبة للمتظاهرين الذين يعتبرون أنهم حققوا جزءا أساسيا منها في ثلاثين يوما، وهم لا يزالون يسعون لتحقيق انتصارات أكبر خلال المرحلة المقبلة.
إلا أن إسقاط الحكومة باستقالة رئيسها سعد الحريري يعد الانتصار الأكبر الذي حققه اللبنانيون، إضافة إلى انتصارات أخرى وإنجازات لافتة.
ولم تكن تلك الإنجازات سهلة التحقق لولا تصاعد الاحتجاجات، ما سيمهّد إلى تحقيق مطالب اجتماعية ومعيشية واقتصادية أخرى فضلاُ عن محاربة الفساد واستعادة أموال البلاد المنهوبة.
وقالت الأستاذة الجامعية منى فياض إن "الثورة" اللبنانية حققت الكثير وعلى رأسها إسقاط الحكومة وعدم عقد جلسة تشريعية لتمرير قوانين مشبوهة، إضافة إلى إسقاط المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة الوزير السابق محمد الصفدي قبل عملية تكليفه.
وأوضحت فياض، في حديث لـ"العين الاخبارية"، أن "الاحتجاجات اللبنانية حققت في شهرها الأول عدة إنجازات معنوية وعملية ستؤسس لمرحلة مختلفة وتاريخ جديد في لبنان".
وأضافت:" من خلال هذه الثورة اكتشفنا أهمية هذا الجيل الجديد والشعب اللبناني الذي خرج من طائفيته وأحزابه تحت العلم اللبناني، وأظهر مدى حالة الاشمئزاز التي يعيشها اللبناني نتيجة هذه السلطة، وأعطى أملا كذلك للتغيير في المستقبل.
وأشارت منى فياض إلى أن هذا الأمر انعكس على سلوك اللبنانيين، حيث باتوا يشعرون بدينامية جديدة وتحديدا في قضايا الفساد وإمكانية المحاسبة، وصار اللبناني يشعر أنه مسؤول وقادر على الكشف بجرأة وحرية عن قضايا الفساد المتعلقة بهؤلاء الزعماء.
ولفتت فياض إلى أن ما وصفته بـ"التفكك والإرباك" الذي تعيشه السلطة وأحزابها في التعاطي مع الثورة جعل الجميع بات عاجزا على تقديم أي جديد للشعب المنتفض.
وتضيف: "وهنا لا بد من التأكيد أن الثورة بدأت نتيجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها اللبنانيون وليس العكس".
وفيما ترى فياض أن الثورة اللبنانية التي وصفتها بـ"اللاعنفية" هي أكثر صورة متطورة للثورات السابقة التي لن تتوقف إلا بالوصول بتحقيق مطالبها.
وتابعت أن تحقيق التغيير ليس سهلا، خاصة في دولة محتلة من قبل حزب (في إشارة إلى حزب الله) تابع ووكيل لدولة أخرى.
واستدركت فياض أن اندلاع الاحتجاجات في إيران ستشكل عاملا إيجابيا في لبنان، موضحة "إذا كان حزب الله سيفكر في استعمال العنف في لبنان فإن ما يحصل اليوم في طهران يجعله يفكر كثيرا قبل إقدامه على أي خطوة من هذا القبيل، وهو الذي بات خائفا على مستقبله أكثر من أي وقت مضى".
وذكرت أن مليشيا حزب الله مارست ضغوطا على "حافة الثورة" ومنعها من الوصول إلى جنوب لبنان، وكأنه (حزب الله) هو الذي يضع الحدود في لبنان.
وعن مستقبل الاحتجاجات اللبنانية، تقول فياض "لا بد أن تصل إلى مبتغاها، والمطلب الأساسي اليوم ليس تغيير النظام إنما تغيير الطبقة السياسية وتطبيق القوانين والدستور بعدما تحول في السنوات الأخيرة إلى وجهة نظر في يد الأحزاب المسيطرة على السلطة".
وقالت "إذا استمرت السلطة في تجاهل مطالب الشعب فلا بد أن تصل الاحتجاجات إلى رأس البلاد، حيث بدأت الأصوات ترفع ضد الرئيس ميشال عون بعد مواقفه الأخيرة وتجاهله التام لما يحدث على أرض الواقع".
من جانبه، قال الناشط في مجموعة "لحقي" أدهم الحسنية إنه "خلال ثلاثين يوما حققنا إنجازات كبيرة وصغيرة وأهمها خروج اللبنانيين في انتفاضة موحدة في مختلف المناطق خارج الحزبية والطائفية".
ويضيف: "الإنجاز الأهم كان إسقاط الحكومة باستقالة سعد الحريري، إضافة إلى منع السلطة من إعادة إنتاج نفسها عبر ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي من خارج الأطر الدستورية".
وقال الحسنية "هناك بعض الإنجازات الصغيرة التي تمثلت في قرار بدفع فواتير الهاتف الخلوي بالليرة اللبنانية وقضايا الفساد وغيرها".
وأكد الناشط اللبناني أنه "بعد شهر من التحركات المستمرة وهذه الإنجازات لا يزال الزخم نفسه فيها متواصل، وهناك إصرار على الاستمرار في الثورة السلمية حتى تحقيق المطالب".
وعن المرحلة المقبلة، جدد الحسنية التأكيد على المطالب الأساسية، وهي حكومة انتقالية وقانون انتخابي عادل لإجراء انتخابات مبكرة.
وقال إن "الهدف الأساسي هو قطع أي محاولة لإعادة إنتاج السلطة بنفس الوجوه، والحرص على ألا يتم تسييس الثورة واستغلالها من بعض الأطراف".
وشدد على ضرورة التركيز على الأهداف الرئيسية، وهي حكومة اختصاصيين مصغرة من مستقلين من خارج قوى السلطة بمهمات محددة، وإدارة الأزمة الاقتصادية وقانون انتخابي عادل يضمن صحة التمثيل وانتخابات نيابية مبكرة".
أما حول الخطوات والتحركات المقبلة، فأكد أنها "مستمرة لكن الخطوات التصعيدية ستحدد بحسب تعاطي السلطة مع مطالب الناس التي لا تزال تتجاهلها".