عرّاف العصر.. كيف أصبح الذكاء الاصطناعي مستشار الشركات الجمركي؟

تتجه الشركات العالمية في الوقت الحالي إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدتها على تجاوز الاضطرابات المصيرية في التجارة العالمية.
وصرحت عدة شركات تقنية لشبكة CNBC بأنها تستخدم هذه التقنية الناشئة لتصور سلاسل التوريد العالمية للشركات - بدءًا من المواد المستخدمة في تصنيع المنتجات، وصولًا إلى مصادر شحن هذه السلع - وفهم كيفية تأثرها بالرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت شركة Salesforce أنها طورت وكيلًا جديدًا متخصصًا في الاستيراد، يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكنه "معالجة التغييرات فورًا لجميع فئات المنتجات البالغ عددها 20,000 فئة في نظام الجمارك الأمريكي، ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها" حسب الحاجة، للمساعدة في التعامل مع تغييرات أنظمة الرسوم الجمركية.
واستخدم مهندسو شركة البرمجيات الأمريكية العملاقة جدول الرسوم الجمركية، وهو وثيقة من 4,400 صفحة تتناول الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، لتوفير المعلومات اللازمة للإجابات التي يقدمها الوكيل الذكي.
وقال إريك لوب، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون الحكومية في سيلزفورس، لشبكة CNBC، "إن الوتيرة الهائلة وتعقيد تغييرات التعريفات الجمركية العالمية يجعلان من شبه المستحيل على معظم الشركات مواكبة هذه التغييرات يدويًا".
وأضاف، "في الماضي، ربما اعتمدت الشركات على فرق صغيرة من الخبراء الداخليين لمواكبة هذه التغييرات".
وتقول الشركات إن أنظمة الذكاء الاصطناعي تُمكّنها من اتخاذ قرارات بشأن تعديلات سلاسل التوريد العالمية الخاصة بها بشكل أسرع بكثير.
وقال أندرو بيل، كبير مسؤولي المنتجات في شركة كيناكسيس لبرمجيات إدارة سلسلة التوريد، إن المصنّعين والموزعين الذين يسعون إلى استخلاص معلومات حول استجابتهم للرسوم الجمركية يستخدمون تقنية التعلم الآلي من شركته لتقييم منتجاتهم والمواد المستخدمة فيها، بالإضافة إلى مؤشرات خارجية مثل المقالات الإخبارية وبيانات الاقتصاد الكلي.
وصرح بيل لشبكة CNBC، "باستخدام هذه المعلومات، يمكننا البدء في إجراء بعض عمليات المحاكاة، للتعرف على التأثيرات الإجمالية المحتملة".
"لحظة تألق الذكاء الاصطناعي"
وأجبرت قائمة التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب - والتي تشمل عشرات الدول - الشركات على إعادة النظر في سلاسل التوريد وأسعارها، حيث رفعت شركات مثل وول مارت ونايكي أسعار بعض المنتجات بالفعل.
ووفقًا لبيانات رسمية، استوردت الولايات المتحدة سلعًا بقيمة 3.3 تريليون دولار تقريبًا في عام 2024.
وصرح زاك كاس، الخبير التنبؤي والرئيس السابق لاستراتيجية طرح المنتجات في السوق في شركة OpenAI، لشبكة CNBC خلال منتدى أمبروسيتي في إيطاليا الشهر الماضي، بأن حالة عدم اليقين بشأن إجراءات التعريفات الجمركية الأمريكية "ربما تُمثل في الواقع لحظة تألق للذكاء الاصطناعي".
وقال زاك كاس، "إذا كنت تتساءل عن مدى صعوبة الأمور بدون الذكاء الاصطناعي مقارنةً بالأتمتة، وماذا سيحدث في عالم لا يمكنك فيه توظيف مجموعة من الأشخاص بين عشية وضحاها، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم هذا الاقتراح البديل".
وصرح ناجيندرا باندارو، الشريك الإداري والرئيس العالمي لخدمات التكنولوجيا في شركة ويبرو الهندية العملاقة لتكنولوجيا المعلومات، بأن العملاء يستخدمون حلول الذكاء الاصطناعي الوكيلة التي تقدمها الشركة "لتغيير استراتيجيات الموردين، وتعديل مسارات التجارة، وإدارة التعرض للرسوم الجمركية بشكل ديناميكي مع تطور المشهد السياسي".
وتقول شركة ويبرو إنها تستخدم مجموعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي - سواءً كانت خاصة أو مقدمة من جهات خارجية - بدءًا من نماذج اللغات الكبيرة وصولًا إلى تقنيات التعلم الآلي التقليدية والرؤية الحاسوبية لفحص الأصول المادية أثناء النقل عبر الحدود.
ليس حلاً سحرياً
وبينما فضّلت شركة ويبرو الحفاظ على سرية أسماء الشركات، أفادت بأن الشركات التي تستخدم منتجاتها من الذكاء الاصطناعي للتعامل مع تعريفات ترامب الجمركية تتراوح بين شركة تصنيع إلكترونيات من قائمة فورتشن 500، ولديها مصانع في آسيا، ومورد قطع غيار سيارات يُصدّر إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
وقال باندارو لشبكة CNBC، "الذكاء الاصطناعي مُمكّن قوي، ولكنه ليس حلاً سحرياً، فهو لا يحل محل استراتيجية السياسة التجارية، بل يُعززها بتحويل التجارة العالمية من تحدي تفاعلي إلى ميزة استباقية قائمة على البيانات".
وكان الذكاء الاصطناعي بالفعل أولوية استثمارية رئيسية للشركات العالمية قبل إعلانات ترامب الشاملة عن التعريفات الجمركية في أبريل/نيسان.
ووفقًا لتقرير صادر عن كابجيميني نُشر في يناير/كانون الثاني، صنّف ما يقرب من ثلاثة أرباع قادة الأعمال الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي المُولّد ضمن أفضل ثلاث تقنيات للاستثمار في عام 2025.
وقال أجاي أغاروال، الشريك في باين كابيتال فينتشرز، لشبكة CNBC، "هناك عدة طرق يُمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها مساعدة الشركات في التعامل مع التعريفات الجمركية وما ينتج عنها من غموض، لكن نجاح أي حل للذكاء الاصطناعي سيعتمد على جودة البيانات المتاحة له".
وأضاف أغاروال أن إحدى شركاته الاستثمارية، فوركايتس، تستخدم بيانات شبكة سلسلة التوريد مع الذكاء الاصطناعي لمساعدة الشركات على فهم الآثار اللوجستية لتعديل الموردين بسبب التعريفات الجمركية.
وأضاف، "إنهم يعملون مع عدد من شركات فورتشن 500 للاستفادة من وكلائهم في الشحن والنقل البحري لتوفير هذا المستوى من الوضوح والذكاء".
وأضاف، "قد يُقلل تغيير الموردين من تكاليف التعريفات، ولكنه قد يزيد من فترات التسليم وتكاليف النقل، بالإضافة إلى ذلك، أثر تقلب التعريفات بشدة على الأسعار والسعة المتاحة في كل من شبكات الشحن البحري والمحلي".