منافسة خاصة بين مصر والجزائر في ساحة إيطاليا.. التفاصيل الكاملة
تعد الساحة الكروية ساحة منافسة قوية بين الجانبين المصري والجزائري، ولكن التنافس انتقل من الإطار الكروي للساحة الإيطالية.
ففي ظل مواجهة السوق الإيطالية لشح في الإمدادات بعد توقف الدب الروسي عن إمدادها بالغاز أصبح كلا البلدين يتنافس في توفير البديل للغاز الروسي لإيطاليا.
مشكلة تنظيمية توقف غاز روسيا
وكانت شركة جازبروم الروسية المملوكة لحكومة موسكو قد أوقفت توريد الغاز لإيطاليا مرجعة ذلك الأمر لـ"مشكلة تنظيمية في النمسا"، حسبما ذكرت بلومبرج.
وأصدرت جازبروم بيانًا قالت فيه إنها علقت الإمدادات إلى إيطاليا لأن المشغل النمساوي رفض تأكيد "النقل" بعد تغييرات تنظيمية تم تنفيذها في النمسا في أواخر سبتمبر/أيلول.
وقالت وزارة الطاقة النمساوية إن شركة جازبروم أخفقت في التوقيع على تغييرات تعاقدية مرتبطة بتعديلات للقواعد الفنية التي تتم عادة في بداية كل عام من التعاقد.
وقالت المنظمة النمساوية E-Control في تغريدة على تويتر إن جازبروم، مثلها مثل المشاركين الآخرين في السوق، كانت على علم بالتغييرات منذ شهور.
اعتماد كبير
وأيا كانت أسباب الوقف فإن النتيجة واحدة وهي توقف إمداد غاز روسيا لإيطاليا والذي يشكل عمدا أساسيا بمصادر الغاز لديها.
وتعتمد إيطاليا على روسيا في حوالي 40٪ من وارداتها من الغاز، لكنها قلصت بشدة هذا الاعتماد منذ حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي.
وبحسب وكالة بلومبرج فإن إيطاليا حصلت الآن على إمدادات بديلة كافية من الغاز من شمال أفريقيا لتعويض أي نقص هذا الشتاء تحسبا لقطع روسيا الإمدادات.
ونقلت بلومبرج عن مصادر قولها إن زيادة الشحنات المتوقعة من الجزائر ومصر ستكون قادرة على تغطية الإمدادات المتبقية التي كانت إيطاليا لا تزال تحصل عليها من روسيا.
وبدأت إيطاليا في استيراد المزيد من الغاز من الجزائر والنرويج استجابة لكبح جازبروم لتدفقات الغاز، وتتطلع بشكل عاجل لإمدادات جديدة للتحول بالكامل بعيدا عن الغاز الروسي.
الجزائر تجني المكاسب
وتشير تقارير إعلامية أن الجزائر تحصد مكاسب كبيرة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي نظرا لكونها عقدت صفقات مع دولتين في الاتحاد الأوروبي حريصة على تأمين إمدادات كافية من الغاز الطبيعي لفصل الشتاء المقبل.
وأبرمت مجموعة سوناطراك الجزائرية المنتجة للطاقة التي تسيطر عليها الدولة صفقة مع شركة Enel SpA الإيطالية قبل يومين.
كما أعلنت سوناطراك إنها ستعلن قريباً صفقة مماثلة مع Naturgy Energy Group SA الأسبانية، منهية بذلك جموداً استمر لشهور مع المرافق الإسبانية بشأن تعديلات الأسعار التعاقدية.
ووافقت إينيل على دفع المزيد مقابل الغاز ، بعد ارتفاع الأسعار العالمية هذا العام.
ودفعت Naturgy حوالي 38 يورو لكل ميجاوات/ ساعة للغاز الجزائري عبر الأنابيب بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، ومن المرجح أن يرتفع السعر بنحو 10 يورو لكل ميجاوات/ ساعة بموجب العقد الجديد، وفقًا لتقديرات نقلتها وكالة بلومبرج.
وكانت الجزائر ثالث أكبر مورد للغاز لأوروبا في عام 2021 بعد روسيا والنرويج. تصدر الغاز إلى القارة عبر خطوط أنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا، وكذلك عن طريق السفن.
ومن المقرر أن تزيد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا التدفقات إلى إيطاليا هذا العام بنسبة 20٪ لتصل إلى حوالي 25 مليار متر مكعب، بحسب مصادر محلية جزائرية.
مصر تتواجد في الساحة
ويبدو أن السوق الأوروبي ليس مغريا فقط للجزائر فمصر أيضا ترى أن السوق الأوروبي سوق جذاب ويستطيع استيعاب مزيد من الغاز الطبيعي في ظل غياب البديل الروسي.
وفي بداية الشهر الماضي أعلنت شركة إيني الإيطالية أنها تعتزم تنفيذ مشروعات جديدة للغاز الطبيعي المسال في مصر.
وجاءت خطط إيني في خضم خطة لاستثمار نحو 4.5 مليار يورو في أنشطة التنقيب سنويا حتى عام 2025، حسبما نقلت وكالة رويترز عن نائب رئيس العمليات لشؤون الموارد الطبيعية بالشركة كريستيان سينيوريتو أمس.
وأضاف أن خطط الشركة تشمل تطوير مشروعات الغاز الطبيعي المسال في مصر والجزائر وقطر والكونغو.
وتعد إيني بالفعل شريكا رئيسيا لمصر في مجال الغاز الطبيعي، حيث تنتج نحو 60% من الغاز في البلاد. ووقعت الشركة في أبريل/نيسان اتفاقية مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) من أجل تعظيم صادرات الغاز المسال المصرية إلى أوروبا وتعزيز إنتاج إيني للغاز في البلاد.
وبحث الرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي في اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من شهر سبل "الاستفادة من محطات إسالة الغاز الحالية" لتعزيز الصادرات إلى أوروبا وزيادة إنتاج الغاز.
كما تعهدت إيني في مارس/آذار الماضي بتوفير أكثر من 14 تريليون قدم مكعب إضافية من الغاز إلى الأسواق العالمية والتخفيف من أزمة الطاقة في أوروبا من خلال "الاستفادة من التحالفات القائمة مع الدول المنتجة"، بما في ذلك مصر.
وتمتلك إيني حصة قدرها 50% في مصنع دمياط للإسالة، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 5.2 مليون طن.
وجرى إعادة تشغيل المصنع العام الماضي بعد توقف دام ثماني سنوات، مما ساعد مصر على تحقيق صادرات قياسية في عام 2021.
وتعززت طموحات مصر في أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة من خلال مساعي أوروبا للتخلص التدريجي من اعتمادها على النفط والغاز الروسيين، حيث وقعت مصر اتفاقية مدتها تسعة أعوام في يونيو/حزيران مع إسرائيل لزيادة صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي من خلال مصانع إسالة الغاز الطبيعي في مصر.