الغاز الروسي.. سلعة نادرة في أوروبا
منذ اندلاع القتال في أوكرانيا، تخوض روسيا وأوروبا حربا اقتصادية على الطاقة، قد تكون لها عواقب على ملايين الأسر بجميع أنحاء القارة.
في العام الماضي، جاء ما يقرب من 40% من الغاز الطبيعي المستخدم لتدفئة المنازل وشركات الطاقة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي من روسيا، أحد أكبر الشركاء التجاريين في القارة وأهمهم للطاقة.
تظهر الإحصاءات الحكومية أن نصف هذه الكمية بالكاد تدخل أوروبا حاليا عبر أوكرانيا وعقود منفردة مع بعض دول القارة، مما يزيد المخاوف من حدوث نقص غير مسبوق هذا الشتاء.
كجزء من جهد واسع النطاق لشل الاقتصاد الروسي، الذي يدفعه إلى حد كبير بيع الوقود الأحفوري، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضخمة وتعهد بالتوقف في النهاية عن شراء الغاز الروسي. ويدرس المسؤولون في التكتل الآن فرض سقف على سعر الغاز الروسي.
لكن مع استمرار اعتماد أوروبا على روسيا، ردت موسكو بتقييد شديد لتدفق الطاقة إلى أوروبا، مما أجبر الحكومات على محاولة إيجاد بدائل، وهو ما يفسر زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى الشرق الأوسط منذ نهاية الأسبوع الماضي.
وأمام جولات شرقا وغربا لمسؤولين أوروبيين يبحثون عن الطاقة، قبل دخول شتاء بارد إلى القارة، بدأ المواطنون في أوروبا البحث عن أساليب لتوفير الطاقة، كالاستحمام بما لا يزيد عن 5 دقائق، وإطفاء لوحات الإعلانات ليلا وغيرها.
وكتبت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية على تويتر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يستخدم الطاقة كسلاح من خلال قطع الإمدادات والتلاعب بأسواق الطاقة لدينا".
في الأثناء، يستفيد المشترون البديلون للنفط والغاز الروسي بما في ذلك الصين والهند، من الوضع ويدفعون للحصول على تخفيضات كبيرة؛ وهذا يحد من الإيرادات التي تحتاجها موسكو لدعم اقتصادها، وكذلك لبناء خطوط أنابيب وموانئ لتزويد آسيا بالطاقة بشكل أكثر انتظامًا.
تدفع الحكومات الأوروبية أسعارا عالية لشراء لتخزين الوقود، وتطلب من المواطنين والشركات توفير الطاقة وكشف النقاب عن حزم طوارئ شاملة للحد من فواتير الطاقة وإنقاذ الشركات المتعثرة.
وحتى الدول الأوروبية التي لا تستورد الغاز الروسي، تعاني بسبب ارتباط أسعار الكهرباء بالغاز ارتباطا وثيقا؛ فسعر الكهرباء يعتمد على سعر أكبر منتج لها في أوروبا، وهو الغاز الطبيعي حاليا.
اليوم، تواجه الأسرة الأوروبية المتوسطة فاتورة طاقة شهرية قدرها 500 يورو (494 دولارا) بحلول العام المقبل، أي ثلاثة أضعاف المبلغ في 2021، وفقا لتقديرات محللين في بنك جولدمان ساكس.
وعند عكس الكلفة على جميع مستخدمي الطاقة، فإن هذا يعني زيادة قدرها 2 تريليون يورو في الإنفاق على التدفئة والكهرباء خلال العام المقبل.
والضغط حاد بشكل خاص في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، والتي تعتمد على روسيا كأكبر مورد لها من الغاز؛يتدفق الجزء الأكبر منه عبر Nord Stream 1، وهو ممر بطول 760 ميلاً يربط بين البلدين عبر بحر البلطيق.
والأحد، توصلت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، إلى اتفاق مع شركة "ويهلم هوير جي إم بي إتش" على شروط توريد ما يصل إلى 250 ألف طن شهرياً من وقود الديزل خلال 2023.
جاء إبرام الاتفاق، على هامش زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس، لدول الخليج والتي بدأت بالسعودية أمس السبت، ثم دولة الإمارات وقطر اليوم.
ونقلت وكالة أنباء الإمارات (وام)، أنه تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية جديدة في مجال تسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي، تهدف إلى تسريع تنفيذ المشاريع ذات الاهتمام المشترك بين الإمارات وألمانيا.
ومنذ الحرب، خفضت شركة غازبروم، مشغل خط الأنابيب الذي تسيطر عليه روسيا، كمية الغاز التي ترسلها إلى ألمانيا مرتين وأغلقت خط الأنابيب مرتين للصيانة.
بعد الإغلاق الأخير في نهاية أغسطس/آب الماضي، أجلت جازبروم إعادة التشغيل المخطط لها مستشهدة بالمعدات المعيبة، ولم تقدم أي جدول زمني لإعادة الفتح، حيث ألقى مسؤولون في الكرملين باللوم على العقوبات في تأخير الإصلاحات.
وأشار منتقدون إلى أن تحرك أغسطس/آب الماضي، كان رد فعل ساخر من روسيا، بعد أن قال وزراء مالية مجموعة الدول السبع إنهم وافقوا على فرض آلية حد أقصى لسعر النفط الروسي في محاولة لخنق بعض الإيرادات التي ما تزال موسكو تحققها من أوروبا.
ومع ذلك، أثار الإغلاق لأجل غير مسمى مخاوف من أنه يمكن أن يصبح دائما؛ إذ سيؤدي القطع الكامل للغاز الروسي إلى دفع فواتير الطاقة الأوروبية إلى أعلى، وسيؤثر بشكل أكبر على اقتصاد المنطقة.
يتوقع الخبراء حدوث ركود عميق محتمل في البلدان الأكثر تعرضا للخطر؛ ويقدر الاقتصاديون في صندوق النقد الدولي أن الإغلاق سيطرح ما يقرب من 3% من الاقتصاد الألماني العام المقبل.
aXA6IDMuMTQ3LjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز