قانون "خدمة العلم".. هل يعود التجنيد الإلزامي للجيش العراقي؟
من جديد يعود الحديث عن تفعيل مقترح قانون الخدمة الإلزامية في الجيش العراقي بعد تعطل العمل بذلك النظام لنحو عقدين.
وكانت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب أعلنت، الثلاثاء، عن توجه لحسم "نظام البديل"، فيما تحدثت عن امتيازات سيتضمنها قانون خدمة العلم (الخدمة الإلزامية).
- التجنيد الإلزامي في العراق.. هل يعيد الأسوار إلى الوطن؟
- بعد 20 عاما.. العراق يعود إلى "التجنيد الإلزامي"
وقال رئيس اللجنة خالد العبيدي، في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "هناك توجهات لحسم نظام البديل بالاتفاق مع وزارتي الدفاع والداخلية".
وأضاف العبيدي، أن "اللجنة ستعالج أيضاً قضية المفسوخة عقودهم والمفصولين والمتطوعين"، لافتاً إلى أن "ذلك سيكون خلال قانون الموازنة للعام المقبل".
وأشار إلى "وجود إصرار داخل أعضاء اللجنة على مناقشة قانون خدمة العلم باعتباره ضرورة في الوقت الحالي"، لافتاً إلى أن "وزارة الدفاع أعدت المشروع بشكل جيد ويتضمن امتيازات تجعل الشباب يقبلون على أداء خدمة العلم".
وكان مجلس الوزراء قد أقر في الـ4 من ديسمبر/كانون الأول 2020، مشروع قانون الخدمة الإلزامية أو ما يعرف بـ"خدمة العلم"، ودفع لإقراره من قبل البرلمان العراقي إلا أن الخلافات النيابية بشأن العديد من بنوده قد عطلت تمريره في الدورة السابقة.
وينص مشروع قانون الخدمة الذي قدمته حكومة الكاظمي، على إلزام الذكور في عمر 19 إلى 35 سنة على أداء خدمة العلم، وتتراوح الفترة بين عام ونصف العام إلى عامين، لمن لا يملك شهادة أو تحصيلاً علمياً، ولمدة عام واحد للحاصلين على الشهادة الإعدادية، وستة أشهر للحاصلين على شهادة البكالوريوس، ولمدة شهرين للحاصلين على الشهادات العليا، أما خيار "دفع البدل النقدي" فهو "لمن لا يستطيع الخدمة".
وكان الحاكم الأمريكي، المدني بول بريمر ، قد أصدر قرارا في الـ23 من مايو/أيار 2003، بحل القوات المسلحة العراقية وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس، ومنذ ذلك الحين تحول نظام العمل بالجيش العراقي إلى التطوع والخدمة غير الإلزامية.
وكان الجيش العراقي صنف خلال الحرب الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي أقوى الجيوش بين 50 جيشا من مجموع 138 دولة في العالم، وفق تصنيف الموقع الأمريكي "جلوبال فاير باور".
وسبق ذلك أن قدمت لجنة الأمن والدفاع النيابية مشروعاً لقانون الخدمة الإلزامية في عام 2016، ضم 75 مادة قانونية اعتمدت على الإرث القانوني المستقى من قانون التجنيد الإلزامي السابق، إلا أنه رفض من قبل حكومة عادل عبد المهدي.
الخدمة الإلزامية لا تلغي التطوع
المتحدث باسم وزارة الدفاع اللواء يحيى رسول، ذكر في تصريح متلفز ، أن "الوزارة أكملت قانون الخدمة الإلزامية وتم عرضه في مجلس الوزراء ورفعه إلى مجلس النواب"، ولفت إلى أن "إقراره مهم جداً لأن العراق يحتاج لشباب يدافع عن الوطن في مواجهة التحديات".
وأضاف رسول أن "قانون الخدمة الإلزامية اقترح راتباً شهرياً للمشمول بالخدمة قد يصل إلى 700 ألف دينار، ونحن في وزارة الدفاع أكملنا متطلبات التنفيذ ولدينا بنى تحتية ومعسكرات تدريب لاستيعاب الدماء الجديدة لرفد القوات المسلحة عبر خدمة العلم".
وتابع أن "الخدمة الإلزامية بموجب القانون الجديد لن تكون كما كان مطبقا سابقا، وفتراتها لن تكون طويلة ومن لديه شهادة ابتدائية ستختلف فترة خدمته عمن حصل على شهادة أعلى كالمتوسطة والإعدادية والجامعية".
وأشار إلى أن "قانون الخدمة الإلزامية لا يلغي التطوع وبإمكان الشاب أن يقدم طلباً للتطوع"، مستدركاً بالقول: "نعتقد أن هناك نية جادة في لجنة الأمن النيابية للمضي بإكمال مقترح القانون تمهيدا للتصويت عليه".
وأوضح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، وعد القدو، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مقترح القانون الذي بصدد مناقشته في البرلمان سيشمل الأعمار الواقعة بين الـ19 و45 عاما، مع استثناءات من ذلك للمعاقين والطلاب والموظفين ووحيدي العائلة".
وأضاف القدو، أن "لقانون التجنيد الإلزامي أهمية كبيرة في تعضيد الروح الوطنية وبناء أجيال منضبطة فضلاً عن دوره الرئيس في الحد من البطالة وانتشال الشباب من آفة المخدرات والقضايا السلبية الأخرى".
وشدد عضو لجنة الأمن والدفاع، على "ضرورة الانتهاء من ذلك القانون وتطبيقه على أرض الواقع كون أن بناء جيش قوامه الإلزام الوطني سيكون له تأثير معنوي وميداني كبير في مواجهة التحديات الأمنية والخارجية منها على وجه الخصوص".
"العراق غير مهيأ"
بدوره، قال الخبير الأمني أحمد الشريفي، إن "العراق في الوقت الحالي غير مهيأ للمضي بقانون التجنيد الإلزامي لا على المستوى المعنوي ولا على المستوى المادي المتعلق بالبنى التحتية"، مضيفا: "القانون بحاجة إلى موازنة ضخمة قادرة على خلق معسكرات وتجنيد ومراكز تدريب، إضافة إلى الإنفاق المالي".
ويضيف الشريفي خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "العمل بالخدمة الإلزامية يتنافى مع النظم الديمقراطية ودولة المؤسسات دائماً لا تقوم على الإلزام كون الأخير قرب إلى الإكراه".
فضلاً عن ذلك كما يقول الشريفي: "في نظام المؤسسات تراعى القناعة كون الإلزام سمة من سمات الأنظمة الشمولية ولدينا تجربة سيئة مع ذلك الأمر في ظل التعبئة العسكرية التي عاشها العراق سابقا والزج بالجيوش نحو الحروب والصراعات".