"كونفيدرالية الأراضي المقدسة".. هل تشكل مخرجا لـ"حل الدولتين"؟
طرح أكاديميون فلسطينيون وإسرائيليون مقترحا يمكن أن يكسر جمود عملية السلام وتطبيق حل الدولتين.
الاقتراح الذي قالت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية"، إنه تم تقديمه في الأسابيع الأخيرة إلى جهات دولية وفلسطينية وإسرائيلية، جاء تحت عنوان" كونفيدرالية الأراضي المقدسة كوسيلة لتسهيل حل الدولتين".
واستنادا إلى نص الاقتراح الذي تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "فهو يعتبر وسيلة لتسهيل حل الدولتين، وتوفير إطار جديد للتفاوض على حل دائم بين الدولتين ذواتي السيادة، إسرائيل وفلسطين، وليس بديلاً عنه، وفي الواقع، لن يتم تشكيل الكونفدرالية إلا بعد إنشاء الدولة الفلسطينية".
وأشار الاقتراح إلى أنه "بينما يؤكد العديد من مؤيدي حل الدولتين على الحاجة إلى فصل الشعبين اللذين يعيشان في الأرض المقدسة، وغالباً ما يضعون ذلك في إطار فكرة (الطلاق)، إلا أن فكرة الكونفيدرالية تدعو إلى التعايش بين دولتين، الأمر الذي سينعكس ضمن مجموعة من الاتفاقيات واللجان الكونفيدرالية".
وصاغ الاقتراح من الجانب الإسرائيلي شخصيات وأكاديميين ومفاوضين سابقين بينهم وزير العدل الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين، والعميد المتقاعد شلومو بروم، والعميد (احتياط) إسرائيلا أورون، والخبير في شؤون الشرق الأوسط الاقتصادية يتسحاق غال، البروفيسور مردخاي كرمنيتسر.
أما من الجانب الفلسطيني فقد شارع في الصياغة المستشار القانوني السابق للوفد الفلسطيني لعملية السلام الدكتورة هبة الحسيني، البروفيسور عمر الدجاني، الدكتور صليبا صرصر، والدكتور مصطفى الأستاذ.
ويقول الاقتراح إن "الكونفيدرالية المقترحة تسمح بمزيد من التعاون بين الدولتين، وتسهل التنقل بينهما، وتجعل القدس مدينة مفتوحة جزئياً، ليتم توسيعها لاحقاً".
ويعتبر معدو الاقتراح أن "من سماته المهمة، هي تلك الفكرة المتبادلة التي مفادها السماح لعدد متفق عليه من المواطنين من كلتا الدولتين بالعيش في الدولة الأخرى كمقيمين دائمين، شريطة التزامهم باحترام قوانين البلدان المضيفة لهم".
وقالوا: "هذا من شأنه أن يزيل عقبة رئيسة أمام التوصل إلى اتفاق سلام وهي الحاجة إلى إخلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين بالقوة، المستوطنين الإسرائيليين سيكونون بعد ذلك مقيمين في دولة فلسطينية".
وأضافوا: "في المقابل، سيتم منح عدد مماثل من المواطنين الفلسطينيين مكانة الإقامة الدائمة في إسرائيل، وستكون هذه فرصة لزيادة عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، بالإضافة إلى الحصة المخصصة للفلسطينيين الذين سيصبحون مواطنين في إسرائيل".
30 شهراً
وبموجب الاقتراح: "ستوقع القيادة الرسمية لفلسطين وإسرائيل اتفاقية سلام تحل جميع قضايا الوضع النهائي، ويتم إنشاء الدولة الفلسطينية على الفور في المنطقتين "أ وب" (تشكلان 40% من مساحة الضفة الغربية) وإنشاء كونفيدرالية الأراضي المقدسة في نهاية فترة تنفيذ مدتها 30 شهراً".
وقال إنه "ستشمل الدولة الفلسطينية بعد ذلك 22.5% من مساحة فلسطين التاريخية (6,205 كم مربع أو 2,395.764 ميل مربع)، وتتفق الدولتان على حل النزاعات المستقبلية المحتملة من خلال المفاوضات الثنائية أو وساطة أو تحكيم طرف ثالث".
القدس وأورشليم
وأضاف أن "اتفاقية السلام ستتضمن جدولاً زمنياً واضحاً يشير إلى الخطوات الإضافية التي تهدف إلى مزيد من الانفتاح على الكونفيدرالية، ويشمل ذلك تحويل القدس (العاصمتين القدس وأورشليم) إلى مدينة مفتوحة بالكامل، أي ما وراء البلدة القديمة، للسماح بحرية تنقل الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال، ولكل من الطرفين الحق في إرجاء هذه الخطوات لأسباب تتعلق بمصلحتهما الوطنية".
وتابع: "ضمن كونفدرالية الأراضي المقدسة المقترحة، ستتناول لجنة مشتركة للقدس قضايا متعددة مثل التخطيط البلدي، والإشراف على الأماكن المقدسة، واستخدام الموارد الطبيعية، وغير ذلك".
ويشير الاقتراح إلى أنه "عند تشكيل الكونفيدرالية، ستقتصر المنطقة المفتوحة في فضاء العاصمتين، القدس وأورشليم، على البلدة القديمة، وسيحدد الجدول الزمني لاتفاقية السلام موعد فتح منطقة العاصمتين بالكامل".
ويلفت الاقتراح أيضاً إلى أنه "ستحتفظ الدولتان بمؤسساتهما الحكومية وأنظمتهما القضائية المستقلة، (بمرور الوقت، قد تقرران تشكيل مؤسسات مشتركة)، وسيتطلب أي نقل لسلطة حكومية إلى الدولة الأخرى ضمن ترتيب كونفدرالي تشريعات دستورية".
ويقترح أن "تحل الدولتان النظام الاقتصادي القائم على بروتوكول باريس الاقتصادي باتفاقية اقتصادية جديدة، بما في ذلك التحول التدريجي نحو اتفاقية التجارة الحرة، وستتعامل لجنة الكونفيدرالية الاقتصادية والاجتماعية المقترحة مع مجموعة من القضايا الاقتصادية كالطاقة، والبنية التحتية، والزراعة، وحماية المستهلك وغيرها".
الحدود والمستوطنات
واستنادا إلى الاقتراح فإن "الحدود بين الدول المكونة للكونفيدرالية، أي الحدود الدائمة بين إسرائيل وفلسطين، سوف تستند إلى الخط الأخضر (خطوط 1967) مع تبادل للأراضي على أساس 1:1 ".
كما "ستضم إسرائيل 21 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية، يسكنها 247,044 إسرائيلياً، و8 أحياء يهودية في القدس الشرقية، يسكنها 200,979 إسرائيلي، وستبقى 105 مستوطنات في الضفة الغربية، يبلغ عدد سكانها 193,565 إسرائيلياً، تحت السيادة الفلسطينية، وسيكون للمستوطنين الإسرائيليين خيار البقاء في منازلهم كمقيمين دائمين في الدولة الفلسطينية أو الانتقال إلى إسرائيل".
وقال: " في عملية تبادل الأراضي، ستنقل إسرائيل أراضٍ في ثلاث مناطق: المنطقة المحيطة بقطاع غزة (غلاف غزة)، والأراضي في جنوب غرب صحراء يهودا، ووادي الينابيع، وسيتم إقامة ممر تحت الإدارة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتمكين التواصل الجغرافي الفلسطيني".
وأضاف: "يسعى الحل الكونفيدرالي إلى التغلب على عدم الجدوى السياسية الحالية لإجلاء جميع الإسرائيليين من الضفة الغربية، ويتصور وضعاً يكون فيه كلا الشعبين، عندما تسمح الظروف، قادرين على ممارسة حقهما الأساسي في حرية التنقل في جميع أنحاء فلسطين/ أرض إسرائيل".
وتابع: "لن يتطلب الأمر إخلاء أي تجمعات إسرائيلية، على الرغم من إمكانية دمج بعض المستوطنات الصغيرة في مستوطنات أكبر، علاوة على ذلك، فإنه لا يضمن أن المستوطنات التي سيتم إخلاؤها بالكامل ستُترك لاستيعاب الفلسطينيين، ومع ذلك، من الأمان الافتراض أن بعض المستوطنين سيختارون الانتقال إلى إسرائيل".
الأمن
يشير الاقتراح الى انه "لن يكون للكونفدرالية قوتها العسكرية الخاصة، وستحتفظ كل من إسرائيل وفلسطين بقواتهما الأمنية على غرار الوضع الحالي في الاتحاد الأوروبي".
وقال: "ستكون حدود فلسطين تحت السيطرة الفلسطينية، ومع ذلك، فإن الإطار الكونفدرالي يمنح قوات الأمن في كلا البلدين سهولة أكبر للعمل المشترك".
وأضاف: "ستدار المعابر الحدودية بين فلسطين والأردن ومصر من قبل فلسطين، ومراقبتها لأغراض أمنية، من قبل الوجود الدولي وإسرائيل، وستتم المراقبة الإسرائيلية عن بعد دون تواجد أفراد أمن إسرائيليين في المعابر".
وتابع: "إن المطلب الإسرائيلي بمواصلة تشغيل مرافق الإنذار المبكر في الأراضي الفلسطينية التي تستهدف التهديدات الخارجية قد يجد حلاً أسهل في إطار عمل الكونفدرالية، الذي يؤدي إلى تعاون أكبر بين الطرفين، وسيتم إشراك الجانب الفلسطيني بالمعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال هذه المرافق، دون الكشف عن المصادر".
ويشير إلى أنه "ستتحكم قوات الأمن الفلسطينية بالمياه السيادية لفلسطين في البحر الأبيض المتوسط، وفقا للقانون الدولي، وسيعزز إطار عمل الكونفدرالية التعاون الوثيق لاكتشاف التهديدات البحرية واعتراضها من قبل الطرفين".
وقال: "سيتحمل سلاح الجو الإسرائيلي مسؤولية حماية الكونفدرالية من التهديدات الجوية، وسيُسمح له باستخدام كل المجال الجوي للكونفدرالية لاعتراض المنصات الجوية المعادية، وسيكون لفلسطين سلطة استخدام مجالها الجوي لجميع الاستخدامات المدنية، بما في ذلك تشغيل المطارات بالتنسيق المتبادل الضروري لإجراءات السلامة الجوية، وفقاً للمعايير الدولية".
وأضاف: "يلتزم الطرفان بمنع تشكيل البنى التحتية للإرهاب في أراضيهما، وبمنع الهجمات الإرهابية ضد الجانب الآخر، واختراق الإرهابيين عبر الحدود، وهذا يستلزم تعاوناً وثيقاً في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة".
وتابع: "إن التعاون الوثيق بين قوات الأمن في الدولتين سيسمح بتنفيذ عمليات مشتركة ضد العناصر الإرهابية".
تواجد القوات الدولية
يشير الاقتراح إلى أنه "يمكن أن يساعد وجود قوات طرف ثالث في حل العديد من المشاكل الأمنية التي قد تنشأ في أي شكل من أشكال الحل الدائم للدولتين، بما في ذلك تشكيل الكونفدرالية".
وقال: "وبناءً على ذلك، يمكن لقوة دولية على نطاق كبير، متمركزة في غور الأردن أن تساعد الفلسطينيين في الدفاع عن الحدود والمعابر الحدودية مع الأردن بالتنسيق مع إسرائيل على الأقل في السنوات الأولى للاتفاقية. كما يمكن لهذه القوة، المساعدة في تأمين الأماكن اليهودية المقدسة وحركة الإسرائيليين على طرق معينة في الدولة الفلسطينية".
اللاجئين
وفقاً للاقتراح "يحق لكل لاجئ اختيار مكان الإقامة الدائم من بين عدة أماكن، بما في ذلك خيار محدود لإعادة التوطين في إسرائيل، يتناسب مع متوسط عدد اللاجئين الذين تستوعبهم دول أخرى، وتشمل الخيارات الإضافية لممارسة اختيار اللاجئين مكان الإقامة الدائم الدولة الفلسطينية، والمناطق في إسرائيل المنقولة إلى الدولة الفلسطينية في عملية تبادل الأراضي، والدول الثالثة، والدول المضيفة الحالية للاجئين، وسيتم تعويض الدول المضيفة مقابل استضافتها للاجئين منذ عام 1948".
وبموجبه فإن "حق اللاجئين في الحصول على تعويض لن يُمس أو يتضرر باختيارهم مكان الإقامة الدائم، وبالإضافة إلى التعويض الفردي عن فقدان الممتلكات وحالة اللجوء، فإن الخطة تدعو إلى تخصيصات مجتمعية للتنمية وإحياء الذكرى".
إلى ذلك فيلفت معدو الاقتراح إلى أنه "لا يُقصد بكونفيدرالية الأراضي المقدسة أن تكون نادياً مغلقاً، فالأمل باعتبار نجاحها، فإن الأطراف الأخرى في المنطقة، مثل الأردن، ستنضم إلى جوانبها المختلفة على أساس متفق عليه بشكل متبادل".