خبراء عن تعديل دستور مصر: البرلمان مارس حقه.. والكلمة النهائية للشعب
خبراء وفقهاء قانون يتحدثون لـ"العين الإخبارية" عن التعديلات الدستورية المرتقبة في مصر من النواحي القانونية والدستورية.
نالت مشاورات تعديل الدستور المصري قبولاً سياسياً ملموساً، بعدما دخلت مرحلة جدية داخل أروقة مجلس النواب الذي أقرها بشكل مبدئي.
وقال خبراء دستوريون وسياسيون لـ"العين الإخبارية" إن "تعديل الدستور أمر طبيعي، باعتباره حقا مكفولا للبرلمان، بموجب الدستور نفسه، بعدما اجتازت مصر مرحلة عدم الاستقرار، وأثبتت التجربة العملية الحاجة لتعديلات تتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة"، مؤكدين أن "الكلمة النهائية تبقى للاستفتاء الشعبي".
ووافق مجلس النواب المصري، الخميس، بأغلبية تتجاوز الثلثين، ومن حيث "المبدأ"، على تعديلات دستورية تسمح بمد فترة رئاسة البلاد لـ6 سنوات بدلاً من 4، مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي، وتعيين نائب أو أكثر للرئيس، كما تشمل استحداث غرفة ثانية للبرلمان باسم "مجلس الشيوخ"، بعد إلغاء مجلس مماثل عام 2013.
ويرى الدكتور عبدالله المغازي، أستاذ القانون الدستوري، أن طلب تعديل الدستور هو حق منحه الدستور للبرلمان ولرئيس الجمهورية، وبالتالي لا يجوز مصادرته في أي وقت، مؤكدا أن الكلمة النهائية ستكون للشعب من خلال الاستفتاء، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يفرض رأيه في النهاية على الشعب.
ويمنح الدستور الحالي الحق لرئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل أي من مواده، وبموجب هذا النص تقدم (155) برلمانيا، ينتمون لائتلاف "دعم مصر" بطلب التعديل.
مدة 4 سنوات لا تكفي
وقال الدكتور المغازي لـ"العين الإخبارية" إن "طلب تعديل مدة الرئاسة وزيادتها لتصبح 6 سنوات، لا يتعارض مع المادة (226) من الدستور الحالي التي تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، ما لم يكن التعديل متعلقًا بمزيد من الضمانات"، مؤكدا أن "الحظر هنا ينصب على زيادة عدد مدد الرئاسة لأكثر من مدتين اثنتين، باعتباره أحد مكتسبات الشعب بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، في حين يتناول التعديل المقترح زيادة أمد المدة الواحدة من حيث عدد السنوات".
واعتبر المغازي أن "مقدمي المقترحات تجاوزوا أي إشكالية دستورية في هذا النص، لكن عليهم من خلال لجنة الشؤون التشريعية والدستورية التي تعمل حاليا على صياغة تلك المقترحات، إضافة مزيد من الضمانات حول انتخاب رئيس الجمهورية، مثل اللياقة الذهنية والبدنية أو إلزامه بتعيين نواب".
وأشار الخبير الدستوري إلى أن "التجربة أثبتت أن فترة الرئاسة الأربع سنوات مدة غير كافية لتحقيق أي مشروع انتخابي، لكن المهم هو عدم ترك مدد الرئاسة مفتوحة كما في دستور 1970".
وأبدى غالبية النواب ورؤساء الكتل البرلمانية تأييدهم للتعديلات المقترحة التي من بينها دعم تمثيل المرأة في المجالس النيابية، ودور للقوات المسلحة في "حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة".
إجراءات صعبة
من جهته، قال الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري، إن "جميع دساتير العالم قد يشوبها النقصان وعدم الملائمة؛ لأنها صناعة بشرية في النهاية، وتعديل الدستور المصري أمر منصوص عليه، وبالتالي أمر طبيعي"، ودلل فوزي على ذلك بدستور الولايات المتحدة، مشيرًا إلى تعديله نحو 26 مرة.
وأوضح الخبير الدستوري لـ"العين الإخبارية" أن النواب هم ضمير الأمة المعبرون عن طموحها، وبالتالي لا بد أن يعكسوا رغباتهم، ومن بينها تعديل الدستور، مؤكدا أن إجراءات تعديل الدستور المصري صعبة وتشمل ضمانات كثيرة.
معطيات جديدة
في السياق ذاته، يرى الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن "الدستور عقد اجتماعي يعكس المرحلة التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أن "تعديله يكون أمرا واجبا حال اكتشاف خلل ما أو عدم سلامة تقديرات أو قرارات اتخذت في ظروف غير طبيعية".
ونوه جاد في تصريح لـ"العين الإخبارية" بأن "الغالبية الساحقة من دول العالم قامت بتعديل دساتيرها أو ألغت الدستور القائم ووضعت دستورا جديدا.. بما يتوافق والمرحلة الجديدة التي تمر بها".
وأشار إلى أن دستور 2014 وضع في ظروف استثنائية مرت بها مصر بعد عزل مرسي، معتبرا أن هناك نصوصا عديدة تحتاج إلى تعديل وتغيير جوهري حتى يمكن تطبيقها مثل النسب المخصصة للتعليم والبحث العلمي والصحة، وكذلك عودة مجلس الشورى.
بدورها، اعتبرت النائبة داليا يوسف، عضو مجلس النواب، أن التعديلات الدستورية أمر لا يدعو للقلق والهلع.
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن دستور 2014 عمل في مرحلة انتقالية وأدى دوره في الاستقرار المنشود، لكن المرحلة المقبلة تتطلب آليات جديدة للتعايش مع المعطيات الحالية للمجتمع.
ونوهت بأن مجلس النواب سوف يجري حوارا مجتمعيا مع متخصصين للتعبير عن آرائهم، وسيؤخذ وقته في المداولات لحين إصدار رأي نهائي يحترم رغبات الشعب المصري الذي سيقول رأيه في النهاية إزاء تلك التعديلات.
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز