أبرز تعديلات دستور الجزائر.. هذا ما يحدث عند التصويت بـ"لا"
خبير في القانون الدستوري يكشف لـ"العين الإخبارية" الفرضيات المتوقعة في حال التصويت بـ"لا" أو "نعم" على استفتاء تعديل الدستور بالجزائر.
استدعت الرئاسة الجزائرية، رسمياً، الهيئة الناخبة المكونة من نحو 24 مليون ناخب في أول استفتاء شعبي على تعديل الدستور منذ ربع قرن في الأول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وصدّق البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، الأسبوع الماضي، على الوثيقة النهائية لمشروع التعديل الدستوري، وفق ما تنص عليه المادة 208 من الدستور الحالي، تمهيداً لآخر مرحلة نحو أول خطوة في الإصلاحات السياسية التي يعتزم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تنفيذها.
- رئيس الجزائر "بلا نائب".. إلغاء المقترح بمسودة الدستور
- الرئاسة الجزائرية تعلن الأول من نوفمبر موعدا لاستفتاء تعديل الدستور
الوثيقة شارك في تعديلها أكثر من 600 شخصية أكاديمية وسياسية وحزبية وثقافية ومن المجتمع المدني بـ2500 مقترح تعديل، نشرت الرئاسة الجزائرية محتواها.
وعرضت الرئاسة الوثيقة على أنها "دستور توافقي ويكرس للجمهورية الجديدة"، "يُحدث القطيعة مع ممارسات النظام السابق، ويحد من صلاحيات رئيس البلاد، ويتماشى مع التغيرات السياسية والاقتصادية الداخلية، ويواكب التطورات الحاصلة على الساحة الدولية".
لكن للشارع رأي آخر، إذ استمر انقسام الجزائريين رغم طرح المشروع النهائي للدستور، بين من يراه "تكريساً فعلياً للجزائر الجديدة والوعود الانتخابية للرئيس تبون، وقطيعة مع إرث نظام بوتفليقة ويجسد الديمقراطية التشاركية التي طالب بها الحراك الشعبي".
فيما أعرب آخرون عن ما أسموه "خيبة أملهم"، معتبرين أن الوثيقة النهائية لا تختلف عن المسودة الأولى التي يقولون إنها "احتوت على ألغام جديدة زادت من انقسام الجزائريين" وغموض مواد أخرى، حتى إن خبراء قانونيين صرحوا بأن "دستور 2016 الذي أعد في عهد بوتفليقة أقل سوءا من المعروض على الاستفتاء الشعبي".
أبرز 10 تغييرات دستورية
وحصلت "العين الإخبارية" على وثيقة المشروع النهائي للدستور الذي سيقرر مصيره الجزائريون بعد نحو أقل من شهرين، ويكرس لـ"نظام شبه رئاسي".
وأجري على دستور فبراير/شباط 2016 أكثر من "160 تعديلاً" بين جذري أو محدود، يحدد من خلاله طبيعة الحكم، والفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويحسم بعض المسائل الحساسة مثل اللغة الأمازيغية واستقلالية القضاء وإنشاء الأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام.
وترصد "العين الإخبارية" أبرز 11 تعديلاً جذرياً وردت في المشروع النهائي للتعديل الدستوري بالجزائر.
1/ تضمن التعديل الدستوري للمرة الأولى "دسترة الحراك الشعبي ليوم 22 فبراير/شباط 2019" في ديباجته إلى جانب الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي باعتبارهما حدثين مفصليين في تاريخ الجزائر.
2/ تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وإعادة توزيعها كما كان معمولاً به قبل 2016 للحكومة والبرلمان والقضاء.
3/ دسترة "المهام الخارجية للجيش" للمرة الأولى في مهام مخصصة لحفظ السلم وبعد انتهاء الحرب بقرار أممي أو أفريقي أو عربي، مع اشتراط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
4/ إقرار نظام خاص بتسيير البلديات التي تواجه صعوبات تنموية، وهو المقترح الذي أثار جدلاً واسعاً.
5/ دسترة "مكافحة الفساد" للمرة الأولى من خلال إنشاء هيئة مستقلة تضع آليات قانونية لمحاربة الفساد.
6/ إنشاء محكمة دستورية تراقب قرارات السلطات الثلاث والمعاهدات الدولية التي تصادق عليها الجزائر.
7/ حل الأحزاب والجمعيات وتوقيف نشاط وسائل الإعلام "إلا بقرار قضائي" وإلغاء القرارات الصادرة عن الجهات السياسية أو الأمنية.
8/ تحديد الولاية الرئاسية باثنتين لخمسة أعوام لكل واحدة، مع منع تجديدها لأكثر من ولايتين متتاليتين أو منفصلتين.
9/ إسناد "رئاسة الحكومة" للأغلبية البرلمانية للمرة الأولى وفي حال إفراز صناديق الاقتراع "أغلبية رئاسية" يعين رئيس الجمهورية "وزيراً أول".
10/ إدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري للمرة الأولى.
11/ حل الأحزاب ووسائل الإعلام بقرار قضائي وإلغاء القرارات السياسية.
12/ حظر خطاب الكراهية والتمييز.
5 موانع
ووفق الوثيقة ذاتها، حدد الدستور المقبل للجزائر 5 موانع لا يمكن للمشرع أو رئيس البلاد تعديلها في أي تعديل دستوري.
ولخصها في "الطابع الجمهوري للدولة، والنظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية" والتي كرسها دستور 1989 الذي أقر للمرة الأولى التعددية السياسية والإعلامية في البلاد.
وكذا "الطابع الاجتماعي للدولة، والإسلام باعتباره دين الدولة، والعربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية"، دون أن يشير إلى اللغة الأمازيغية رغم إدراجه اللغة الأمازيغية "ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري".
فرضيات التصويت بـ"نعم" و"لا"
وسبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن كشف عن مصير الدستور الذي طرحه على الاستفتاء الشعبي، وأشار إلى أنه في حال تصويت أغلبية الجزائريين بـ"لا" عليه فإن ذلك "يعني العودة للعمل بدستور بوتفليقة" الذي صدق عليه البرلمان في فبراير/شباط 2016 دون تمريره على الاستفتاء، وأثار الكثير من الجدل.
غير أن المشروع النهائي للدستور أضاف مادة قانونية، حسم من خلالها حالات قبول أو رفض الشعب لأي تعديل دستوري.
وورد في المادة 220 منه بأنه "يصبح القانون الذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري لاغياً، إذا رفضه الشعب، ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال نفس الفترة التشريعية"، وأشار إلى كلمة "نفس" باللون الأحمر في إشارة إلى إضافتها في التعديل الجديد.
وأثارت المادة الدستورية غموضاً في الجزائر حول مصير التعديل الدستوري في حال تصويت أغلبية الهيئة الناخبة على رفضه، وهل يعني ذلك أنه "يمكن للرئيس طرح وثيقة تعديل دستوري جديد في حال تغيير البرلمان".
وهو الاحتمال الذي يبقى وارداً، لا سيما وأن الرئاسة الجزائرية كشفت اعتزام تبون حل البرلمان والمجالس المحلية قبل نهاية العام الحالي، والدعوة لانتخابات تشريعية ومحلية مسبقة.
وقدم الخبير في القانون الدستوري الدكتور عامر رخيلة في حديث لـ"العين الإخبارية" تفسيراً قانونياً لنص المادة 220 من الدستور المقبل، مشيراً إلى الفرضيات المحتملة في حال التصويت بـ"لا" أو "نعم" على الدستور خلال الاستفتاء المقبل.
وأوضح بأن "عدم حصول الدستور المقبل على الأغلبية المطلوبة بنعم يطرح مصداقية رئيس الجمهورية والطبقة السياسية على المحك، وليس من السهل عودة العمل بالدستور الحالي، وإذا حدث ذلك سيكون صعباً على النظام القائم".
وفي حال تصويت أغلبية الهيئة الناخبة برفض التعديل الدستوري وفق النص الدستوري، أشار العضو السابق في المجلس الدستوري والمحكمة العليا بالجزائر أن ذلك يعني فرضيتين اثنتين.
ونوه بأن الدورة التشريعية في البرلمان الجزائري تبدأ من شهر سبتمبر/أيلول وتنتهي شهر يونيو/حزيران، مضيفاً بأنه "إذا كان التعديل عميقاً لا بد من الذهاب للاستفتاء الشعبي عكس التعديل المحدود، ولم تشر المادة إلى الاستفتاء بل أشارت إلى دورة البرلمان".
وتابع قائلاً: "نص تلك المادة يحيلنا إلى إعطاء قراءتين اثنتين، لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يطرح وثيقة تعديل دستوري جديد في حال كان التعديل محدوداً أو عميقاً، أي بعد يونيو 2021".
لكن في حال حل البرلمان وانتخاب جديد عقب الدعوة لانتخابات تشريعية مسبقة، أشار الخبير الدستوري بأن "الجزائر تصبح أمام تشكيلة برلمانية جديدة وبالتالي فترة تشريعية جديدة، ويمكن خلالها عرض مشروع دستور جديد".
غير أنه أشار إلى ما أسماه "الحاجز القانوني والسياسي"، وأوضح بأن "حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مسبقة يتطلب قانون انتخاب جديد يتماشى مع مضمون الدستور الجديد المعدل، وفي حال عدم المصادقة شعبياً على الدستور لا يمكن تعديل القوانين إلا من منطلق دستور 2016، وهذا ما يضع السلطة الحالية في ورطة قانونية".