القضاء الدستوري بمصر.. 50 عاما من الرقابة القانونية
للمحكمة الدستورية المصرية دور كبير في الرقابة على دستورية القوانين وضبط التشريعات بمصر
تحيي المحكمة الدستورية العليا بمصر، خلال الفترة من 19 حتى 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ذكرى مرور 50 عاما على إنشائها، في احتفالية تقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة 48 محكمة دستورية ومحكمة عليا من مختلف القارات.
وللمحكمة الدستورية المصرية دور كبير في الرقابة على دستورية القوانين وضبط التشريعات بمصر. ورغم قصر عمر القضاء الدستوري في مصر، منذ عام 1969، فإن المحكمة الدستورية العليا، وفقا لرئيسها الحالي المستشار سعيد مرعي، "تمكنت من الوصول إلى ترتيب متقدم على مستوى العالم استنادا إلى دعم الدولة للمحكمة، إلى جانب الاستعانة بالأنظمة التكنولوجية لتبويب الأحكام وعرض أحدث أحكامها، فضلا عن الإثراء الفكري لأعضاء المحكمة".
ويعتبر المستشار مرعي أن "المحكمة الدستورية احتلت مكانة رفيعة في وجدان المصريين باعتبارها الملاذ الذي يرد إليهم حقوقهم ويرد أي عدوان أو اعتداء على هذه الحقوق، فضلًا عن تنامي دور المحكمة متجاوزا النطاق الإقليمي إلى الخارج لما تمارسه من دور الرقابة على دستورية التشريعات وتشمل القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، واللوائح بجميع أنواعها".
ووفق مؤتمر صحفي عقدته المحكمة، الإثنين، فإن الاحتفالية تستهل بتكريم رؤساء المحكمة الدستورية العليا السابقين ونوابهم، بحضور رئيس مجلس النواب المصري ووكيليه، ورئيس مجلس الوزراء، ولفيف من الوزراء، ورؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وسفراء الدول المشاركة ووفودها القضائية، وعدد من الشخصيات القانونية والعامة.
كما تتضمن ثلاث جلسات حوارية بين رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه، وبين رؤساء المحاكم الدستورية والعليا وأعضائها ووفودها المشاركين، تدور حول اهتمامات القضاء.
وأكد المستشار مرعي، في المؤتمر الصحفي، أن دور المحكمة يمتد إلى "التشريع" وفق المعيار الموضوعي، في ظل اعتداد السلطتين التنفيذية والتشريعية بالقواعد العامة المجردة التي أصدرتها "الدستورية العليا"، مشيرا إلى أن المحكمة أصبحت صاحبة القول الفصل في تقرير مدى دستورية التشريعات.
ولفت رئيس الدستورية العليا إلى أن المحكمة لا تسرف في الرقابة ما يهدد دور المشرع ولا يحد من دورها ما يضيع حقوق المواطنين، لضمان التوازن في الدولة، حيث إن تدخل المحكمة ليس مطلقا ولكنه مقيد وفق إجراءات لممارسة دورها في الرقابة على التشريعات الصادرة.
وأوضح المستشار مرعي أن المبادئ التي وضعتها المحكمة الدستورية العليا يتم الاعتداد بها مع كل حكم تصدره؛ أبرزها أن "تنظيم الحقوق والحريات يخضع للسلطة التقديرية للمشرع"، ما يعني أن ما يراه المشرع ملائما للحريات وفق مقتضيات الصالح العام والأسس الموضوعية.
ويرى المستشار عادل شريف، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أن دور المحاكم الدستورية والإدارية العليا في العالم بدأ يتنامى بفعل ما يمر به العالم من تطور الأوضاع السياسية، مضيفا أن المحكمة الدستورية العليا يمتد دورها الوطني إلى ما بعد حدودنا المصرية من خلال الدور الذي تمارسه المحكمة في المنطقة العربية ومنها إلى القارة الأفريقية.
ونوه بأن "التراث الذي تركته المحكمة الدستورية العليا، وما نجحت فيه من تجاوز التحديات التي واجهتها يمثل التزاما وواجبا على المستويين الوطني والدولي بالتعاون وتبادل الخبرات وتقديم الخبرة المصرية في هذا الصدد".
وتستهدف الاحتفالية باليوبيل الذهبي للقضاء الدستوري في مصر تنمية الوعي الدستوري ودوره في حماية حقوق وحريات المواطنين، والتواصل في منظومة التعاون القضائي الدولي وتبادل الخبرات مع الدول والثقافات المختلفة، بحسب نائب رئيس المحكمة.
ورغم عراقة النظام القانوني المصري فإن أول محاولة تتحقق على الواقع العملي لإنشاء محكمة دستورية تبسط رقابتها على القوانين كانت عام 1953، عندما وضعت ثورة يوليو/تموز عام 1952 مشروعا لدستور جديد بدلا من دستور 1923 أطلق عليه مشروع لجنة الخمسين. ونص على إنشاء محكمة عليا تكون لها سلطة الرقابة على دستورية القوانين، قبل أن يتم إجهاض المشروع.
وفي عام 1969، أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قراراً بإنشاء المحكمة العليا. ويرى الكثير من الفقهاء أن ذلك القرار عوّض، وبشكل كبير، عن الفشل الذي أصاب مشروع لجنة الخمسين.
وظهرت تسمية "المحكمة الدستورية العليا" بصدور دستور 1971 على المحكمة التي تنظّم رقابة دستورية القوانين، وجعلها هيئة قضائية مستقلة.
aXA6IDE4LjIyMS44LjEyNiA= جزيرة ام اند امز