تراجع معنويات المستهلكين في أمريكا.. أكبر انخفاض في 3 سنوات
انخفضت معنويات المستهلكين الأمريكيين على نحو غير متوقع في سبتمبر/أيلول وسط مخاوف متزايدة بشأن قوة سوق العمل.
وذكرت مؤسسة كونفرنس بورد، الثلاثاء، أن مؤشر معنويات المستهلكين انخفض إلى 98.7 هذا الشهر، مقارنة بقراءة 105.6 معدلة بالزيادة في أغسطس/آب، بحسب ما نقلته رويترز.
يعتبر هذا هو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس/آب 2021. وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا ارتفاع المؤشر إلى 104.
معنويات المستهلكين تشير إلى مدى ثقة الأفراد في الوضع الاقتصادي العام وقدرتهم على الإنفاق في المستقبل. تُعتبر هذه المعنويات عاملًا مؤثرًا في النشاط الاقتصادي، حيث يؤثر تفاؤل أو تشاؤم المستهلكين على قراراتهم بشأن الادخار والإنفاق، وبالتالي على النمو الاقتصادي بشكل عام.
يعد سوق العمل واحدًا من أهم العوامل المؤثرة على معنويات المستهلكين. فكلما كانت ظروف العمل قوية، مثل انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأجور، ترتفع ثقة المستهلكين في الاقتصاد. على العكس، إذا كانت البطالة مرتفعة أو هناك تباطؤ في الأجور، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع المعنويات.
تعزز مستويات البطالة المنخفضة من ثقة المستهلكين، حيث يشعر الناس بالأمان الوظيفي، مما يدفعهم إلى الإنفاق بدلًا من الادخار المفرط خوفًا من المستقبل، والعكس صحيح، إذ إن ارتفاع البطالة أو زيادتها بشكل مفاجئ تؤدي إلى تدهور المعنويات، ما يدفع الأفراد الذين يشعرون بعدم الاستقرار في وظائفهم لخفض الإنفاق وزادة الادخار تحسبًا لأزمات مستقبلية وهو ما قد يؤثر على معدلات نمو الاقتصاد بالسلب.
وقالت دانا بيترسون كبيرة خبراء الاقتصاد لدى كونفرنس بورد "يعكس انخفاض المكونات الرئيسية للمؤشر مخاوف المستهلكين تجاه سوق العمل وردود أفعالهم تجاه تقلص ساعات العمل وتباطؤ زيادات الرواتب وقلة فرص العمل، حتى لو ظل سوق العمل قويا وتراجعت فيه معدلات البطالة وقلت حالات التسريح وارتفعت الأجور".
وانخفضت نسبة المستهلكين الأمريكيين الذين رأوا أن الوظائف "وفيرة" إلى 30.9% من 32.7% في أغسطس/آب. وقال نحو 18.3% من المستهلكين إن "من الصعب الحصول على" الوظائف، مقارنة بنحو 16.8% الشهر الماضي.
وخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي 0.5% إلى نطاق يتراوح بين 4.75% و5%، في أول خفض لتكاليف الاقتراض منذ عام 2020، وهو ما قال رئيس البنك جيروم باول إنه يستهدف إظهار التزام صناع السياسات بالحفاظ على انخفاض معدل البطالة.
الأجور والقوة الشرائية
تؤثر أيضا الأجور على معنويات المستهلكين، فعندما تشهد الأجور ارتفاعًا يشعر المستهلكون بقدرتهم على تلبية احتياجاتهم وزيادة إنفاقهم على السلع والخدمات غير الأساسية. هذه الزيادة في الإنفاق تعزز الطلب الكلي، مما يدعم النمو الاقتصادي.
في حال ركود الأجور أو عدم نموها بمعدل يواكب التضخم، تتراجع القدرة الشرائية للأفراد، ما يؤدي إلى انخفاض معنويات المستهلكين، حتى لو كانت معدلات البطالة منخفضة.
الأمن الوظيفي
يعتبر الشعور بالأمان الوظيفي أساسيا في معدل ثقة المستهلكين، وهو لا يرتبط دوما بانخفاض معدلات البطالة، فحتى في حالة انخفاض البطالة، إذا كان هناك شعور بعدم الأمان الوظيفي نتيجة عوامل مثل التغيرات التكنولوجية أو التحولات الاقتصادية، فقد يتجنب الأفراد الإنفاق الكبير على سلع طويلة الأمد، مثل السيارات والمنازل.
تأثير معنويات المستهلكين على الاقتصاد
المستهلكون الذين يشعرون بالتفاؤل تجاه الاقتصاد غالبًا ما يزيدون من إنفاقهم، وهو ما يشكل جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي حوالي 70%، على النقيض، انخفاض معنويات المستهلكين قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، حيث يتجه الأفراد إلى الادخار بدلاً من الإنفاق.
على سبيل المثال، خلال الأزمات الاقتصادية مثل الأزمة المالية العالمية في 2008 أو جائحة كوفيد-19، شهدت معنويات المستهلكين انخفاضًا حادًا نتيجة فقدان الوظائف وعدم اليقين الاقتصادي، مما أدى إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي وتباطؤ النمو الاقتصادي بشكل كبير.
aXA6IDQ0LjIyMC4yNTEuMjM2IA== جزيرة ام اند امز