لقد لخص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في كلمته الترحيبية بقادة العالم والمشاركين في (COP28) ثقل الإمارات عالمياً، وحولها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى مركز الكوكب، وحاملة مشعل التغيير، والاستعداد لمواجهة استحقاقات التغير المناخي.
وأكد أن دولة الإمارات عندما تتبنى قضية كبرى فإنها تحولها إلى قضية كونية، وتضخ من أجلها طاقاتها كافة، لأن دولة الإمارات كانت وستبقى حاملة مشعل سعادة الإنسانية، والساعية أبداً نحو توفير أفضل سبل الحياة ليس لشعبها فحسب، ولكن الإمارات تحمل في قلبها ووجدانها هم البشرية لهذا كله فإن COP28 في الإمارات يكتسب زخماً مختلفاً، لا سيما مع الأرقام القياسية التي حطمتها الإمارات من حيث عدد الدول المشاركة التي وصلت إلى 200 دولة، وأكثر من 70 ألف شخصية عبر دول العالم وأقطاره.
إن الحكمة البالغة التي تجلت في خطاب رئيس دولة الإمارات بشأن المناخ والمجتمعين على أرض الإمارات تكمن في أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبر عن الحجم الحقيقي للتحديات المناخية معتبرا أن مسؤولية النجاح في مواجهة هذا التحدي هي أمانة تحمّلها لنا الأجيال الحالية وأجيال المستقبل التي تستحق أن تعيش في ظل ظروف مناخية على كوكب الأرض بأمان، وهذا بعد إنساني عظيم تجلى في خطابه، يؤشر بكل دلالته إلى أن هذا الفكر الوقاد لا يقف عند حدود الحاضر بل يتجاوزه لتأمين أفضل مستويات العيش في مناخ إيجابي للمستقبل ولكل البشرية.
كلمات مختصرة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تجلت فيها عزيمة الإمارات على مساندة كل الجهود الدولية الساعية إلى رأب الصدع المناخي، وتكريس الأنظمة والتشريعات والبرامج والمشاريع التي تضمن التحول إلى الطاقة النظيفة وتأمين المخزون الغذائي للبشرية، وتعديل أنماط الإنتاج الزراعي المعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وترشيد استهلاك الطاقة، والحد إلى أكبر قدر ممكن من الانبعاثات الكربونية.
وحث شركات النفط العاملة في الإنتاج البترولي على اتباع السياسات والممارسات الحديثة التي تساهم في الحد من انبعاثات "الميثان" وكل هذا من أجل كوكب مشترك يصلح كي تعيش فيه البشرية بسلام، إنها باختصار رؤية إماراتية مبنية على الخير الخالص، والنيات الصالحة التي تحرص على نشر السلام البيئي والسلام السياسي والاجتماعي، لأن دولة الإمارات منذ عهد المؤسسين تؤمن برسالتها الكونية والإنسانية، و(Cop28) يؤكد هذا البعد الإنساني.
الإمارات عندما تستضيف حدثاً عالمياً بحجم (Cop28) فإنها تدرك أن ما قدمته من دعم جبار للجهود الدولية من أجل مواجهة استحقاقات التغير المناخي إنما هي تحاول من خلاله تأسيس منظومة أكثر شمولية وجدية تعتمد على اتباع أفضل الممارسات المتفق عليها عالميا للخروج بنتائج حقيقية وعملية تضمن فوزنا بهذه الحرب المفروضة على كوكبنا، والتحدي العظيم الذي من شأنه أن يقلب موازين الكوكب.
وتدرك دولة الإمارات أن مسؤولياتها من موقعها العالمي الكبير تفرض عليها أن تحض الأطراف جميعاً على الانتقال من مرحلة المعاهدات، والاتفاقيات والتعهدات إلى مرحلة التنفيذ وتأطير التنظيرات بإجراءات وقوانين ومشاريع على أرض الواقع لدعم جهود البشرية في مواجهة الأمر المحتوم المتمثل في التغيرات المناخية المتوقعة والتي من شأنها أن تقلب المعادلة في كوكبنا، آملة أن تعي جميع الأطراف المعنية أن مواجهة التغير المناخي هو معركة مصيرية لا تحتمل المواربة، ولا التواني، بل تحتاج توحيد الجهود وهذا ما يتمحور حوله (Cop28 الإمارات).
إن التزامن المقصود بين انعقاد (Cop28) على أرض دولة الإمارات وبين الاحتفالات بعيد الاتحاد الـ52 يشكل نقطة تحول عالمية في تنظيم وتحفيز الجهود الدولية من أجل تطوير السياسات الهادفة إلى صون الطبيعة وحماية الكوكب، ونقل تجربة دولة الإمارات في مواجهة المناخ إلى العالم.
ولدولة لإمارات تاريخ مشرف في دعم المشاريع الإنمائية، في دول العالم، وزخمها الاقتصادي الكبير من خلال تمويل الصناديق العالمية المتخصصة في صون الطبيعة وحماية المناخ، وتنويع مصادر الإنتاج الصديق للبيئة، ودعم المجتمعات الفقيرة لمواجهة الاستحقاقات المناخية المتطرفة.
ومن هنا فإن دولة الإمارات بفضل حكمة قيادتها والأمانة التي تستشعرها في كل خطواتها ضمن التزاماتها تجاه خير البشرية يحتم عليها أن تخرج من مؤتمر (Cop28) بنتائج تختلف كلياً عن أي مؤتمرات سابقة لأن اقتران الأقوال بالأفعال والأعمال لدى دولة الإمارات نهج مؤكد، ومسعى حثيث ومتواصل، والتزام أخلاقي وإنساني لا تحيد عنه.
لقد أرست دولة الإمارات عبر مسيرتها العديد من المشاريع والصروح التي تؤكد فلسفتها ورؤيتها الخاصة تجاه المناخ، ومن هذا المنطلق تبنت دولة الإمارات تكريس مشاريع ثورية عملاقة لإنتاج الطاقة لعل من أهمها، إنشاء محطة "براكة" للطاقة النووية النظيفة، واعتماد معايير الاستدامة عنصرا أساسياً ومحورياً في جميع مشاريعها.
والحرص على سن القوانين والتشريعات التي تضمن صون الطبيعة والبيئة، وحماية الثروات من الهدر، بل والعمل على تنمية مصادر الطاقة والإنتاج، وتنويع الاقتصاد، وتطوير الصناعة النفطية، والحد من الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي عن طريق استخدام التقنيات الحديثة، واستخدام الغاز الطبيعي وقودا للمركبات ، وإطلاق مشاريع العمارة الخضراء، إضافة إلى الاهتمام بالتشجير وإنشاء الغابات الاصطناعية وحماية البيئة البحرية، ومشروع (شمس 1)، ومحطة "نور أبوظبي"، وهي أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم، ومجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسية، والمشروع التجريبي لتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة بمنطقة "غنتوت"، ومشروع "شركة الإمارات لتحويل النفايات إلى طاقة"، بالإضافة إلى اعتماد نظام الاقتصاد الأخضر، والنقل المستدام، وإطلاق مبادرة "البصمة البيئية"، واعتماد المسرعات الحكومية، وتقنيات التقاط الكربون وتخزينه، وتفعيل الخطة الوطنية للتغير المناخي، وسلسلة لا تنتهي من المشاريع والمبادرات البيئية العملاقة.
وعالميا قدم صندوق أبوظبي للتنمية على سبيل المثال لا الحصر 73 مليار درهم لتمويل 488 مشروعاً تنموياً في 83 دولة حول العالم، كما يعد "صندوق الكاريبي" الذي يبلغ رأسماله 50 مليون دولار، إضافة نوعية إلى جهود الإمارات للمساعدة في تطوير الطاقة المتجددة في الخارج.
ولا يتسع المقام هنا للمرور على السلسلة الطويلة والممتدة من جهود دولة الإمارات العظيمة في دعم قضايا المناح والتنمية المستدامة عبر أقطاب العالم، ليس هذا فحسب بل والخروج برؤيتها خارج حدودها لتكون الدولة الأكثر زخما ًوتفاعلاً مع قضايا المناخ والطاقة العالمية، من خلال دعمها وتمويلها للعديد من الاتجاهات المناخية الصديقة للبيئة وهذا يدلل على أن دولة الإمارات ستبقى حاملة شعلة صون الكوكب وفي طليعة الجهود الرامية لضمان مستقبل أكثر أماناً للبشرية، وبكل تأكيد ستنجح بمساعيها الحميدة لأنها تؤمن بثقلها السياسي والاقتصادي والبيئي والإنساني، وتعي مسؤولياتها، وهي أمينة على التزاماتها وتعهداتها، وأفعالها تسبق أقوالها.
(Cop28 الإمارات) نقطة تحول تاريخية في مسيرة كوكبنا، وتجليات ستفتح الآفاق نحو أمل ساطع يحمي أجيال الحاضر ويضمن لأجيال المستقبل بيئية تحقق لهم النماء، والاستقرار، والازدهار، (Cop28) منصة عالمية ستنبثق من منابرها مبادرات ستغير ثقافتنا، ورؤيتنا للمناخ ولمستقبل البشرية، وستحيي في وجدان البشرية آمال مبشرة بالخير، خير الطبيعة وخير البشرية حاضراً ومستقبلاً، والخير دائماً منبعه الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة