هل ينتهي COP30 بلا اتفاقٍ مُرضٍ؟
في كواليس الساعات الأخيرة من COP30، لدينا العديد من الخلافات، لكن هل ينتهي بنتائج مرضية؟
ليست تلك هي المرة الأولى التي تتأخر فيها مؤتمر الأطراف المعنية بالتغيرات المناخية (COPs) في إغلاق المفاوضات الرسمية، حتى وإن انتهت أجندة الفعاليات، ما زالت الكواليس تشتعل في بيليم، ليس فقط بسبب الحريق التي أدى إلى بعض الفوضى الخميس الموافق 20 نوفمبر/تشرين الثاني، بل أيضًا هناك العديد من القضايا العالقة في مفاوضات COP30، على رأسها تجاهل الانتقال التدريجي عن الوقود الأحفوري، الذي دعت إليه رئاسة COP28 قبل عامين؛ خاصة بعد صدور مسودة نص اتفاق المؤتمر صباح الجمعة 21 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي تجاهلت الفحم والنفط والغاز، التي تُعد انبعاثاتها السبب الرئيسي لتغير المناخ.
هذا الأمر أثار سخط العديد من الدول الأطراف بينهم المملكة المتحدة، كذلك ظلت معضلة التمويل المناخي عالقة، في الوقت الذي تزداد فيه درجات الحرارة بصورة غير مسبوقة، ما يزيد احتياجات الدول الأقل نموًا والأكثر فقرًا للتمويل اللازم لمواجهة آثار أزمة المناخ. وبالفعل، دعت المسودة إلى مضاعفة تمويل التكيف 3 مرات بحلول 2030، لكنها مجرد دعوة، ليست إلزامية.
ومن هذا المنطلق، تبرز الخلافات بين الأطراف؛ فلكل دولة أولوياتها ومطالبها الخاصة بناءً على احتياجاتها، لذلك قد لا تتفق الأطراف على صيغة واضحة وملزمة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري؛ خاصة أنّ بعض الدول النامية تُطالب الدول الغنية بتوفير التمويل المناخي، لذلك قد لا تُدعم اتفاقية للابتعاد عن الوقود الأحفوري.
في السابق؟
يذكر تاريخ الـ COPs تأخر إغلاق المفاوضات، بل ربما هذه ما يحدث غالبًا؛ خاصة مع تضارب المصالح بين الدول الأطراف خلال الساعات الأخيرة من المؤتمر؛ لإطلاق النص النهائي للمؤتمر. على سبيل المثال، تأخرت مفاوضات COP29 في باكو بأذربيجان ما يزيد عن 35 ساعة، بينما تأخرت مفاوضات COP28 نحو 23 ساعة، بينما تأخر في شرم الشيخ بمصر COP27 لنحو 39 ساعة، ومن قبلهم COP25 في مدريد، والذي يُعد هو الأطول في الإغلاق؛ إذ استمر لوقت متأخر جدًا وصل إلى نحو 44 ساعة.
أكثر اللحظات توترًا
قبل ذلك في عام 2009، استضافت كوبنهاغن بالدنمارك COP15، وعلى الرغم من أنه أحد مؤتمرات الأطراف الهامة وله مخرجات محورية في العمل المناخي، إلا أنه شهد أيضًا توترًا ملحوظًا في الساعات الأخيرة؛ إذ فشلت الأطراف في الوصول إلى اتفاق عالمي مُلزم، وانتهت المفاوضات بدون التوصل إلى اتفاق ملزم، ما تسبب في خيبة أمل كبيرة؛ خاصة وأنّ هذا المؤتمر كانت مُعلقة عليه بعض الآمال للوصول إلى اتفاق يخلف "بروتوكول كيوتو"، ويُحدد التزامات صارمة لخفض الانبعاثات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري.
وفي كوبنهاغن أيضًا تجلت الاختلافات السياسية بين الدول النامية والمتقدمة، فيما يتعلق بالتمويل المناخي والمسؤولية التاريخية للدول الصناعية الكبرى على الانبعاثات الدفيئة، وثارت القوى العظمى على بعضها، بما فيها الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين مسؤولتين عن الانبعاثات الدفيئة تاريخيًا.
على الرغم من أنّ مؤتمر كوبنهاغن يُذكر على أنه كان "فاشلًا"؛ فهذا لا يعني أنه لم يكن محوريًا، بل إنه أظهر ثغرات المفاوضات العالمية التي تحتاج إلى اتفاق عالمي، والذي لا تُجدي معه المفاوضات التقليدية، كما أبرز الانقسامات بين الأطراف بناءً على المصالح والأولويات، لكنه في نفس الوقت، أظهر إرادة الشعوب في الضغط على المفاوضين من خلال المظاهرات التي قام بها المجتمع المدني والناشطون البيئيون خلال أيام المؤتمر.
من جانب آخر، لعب كوبنهاغن دورًا محوريًا في دعم خط سير العمل المناخي؛ إذ ساهم في تعزيز خروج "اتفاق باريس" بعد ذلك، والذي خلف "بروتوكول كيوتو"، وخلاله تم طرح فكرة "صندوق المناخ الأخضر"، والذي يُعد اليوم أحد الانتصارات الكبيرة للعمل المناخي؛ إذ يُدعم المشاريع الخضراء في الدول النامية بالتمويل.
على الرغم من الأجواء المتوترة في COP30، ما زالت الآمال معلقة. وشرح "هشام عيسى" لـ"العين الإخبارية" مدى فعالية قرارات الساعات الأخيرة من المؤتمر، إذ يقول: "في نهاية كل مؤتمر، يجب أن تصل القمم إلى اتفاق؛ يقرأ رئيس المؤتمر القرارات النهائية، ويُجري التصويت عليها، وبعد كل موافقة، يدق بالمطرقة لاعتماد القرار، وهذا يحدث باستمرار، لكن السؤال الأهم، هل تلك القرارات ملزمة؟ وهل هي قرارات قابلة للتطبيق أم لا؟ هل تلك القرارات فعلًا ستحل قضية تغير المناخ للحفاظ على ما تبقى من الأرض وثرواتها؟".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTYg جزيرة ام اند امز