أقدمت إحدى الدول العربية مؤخراً على خطوة جريئة في مجال «الديمقراطية الدينية»، ودعم التعددية وحق التعبد، والمساواة بين المواطنين مسلمين ومسيحيين، في حق أداء فريضة الحج!
أقدمت إحدى الدول العربية مؤخراً على خطوة جريئة في مجال «الديمقراطية الدينية»، ودعم التعددية وحق التعبد، والمساواة بين المواطنين مسلمين ومسيحيين، في حق أداء فريضة الحج!
ففي مصر سادت حالة من الارتياح في الأوساط القبطية، بعد حكم قضائي أصدرته المحكمة الدستورية يقضي «بأحقية الموظف الحكومي المسيحي في عطلته مدفوعة الأجر مدتها شهر، إذا رغب في زيارة الأماكن المسيحية المقدسة في القدس، أسوة بموظفي الحكومة المسلمين الراغبين في الحج لبيت الله الحرام بمكة المكرمة».
وكان قانون 47 لسنة 1978، يتضمن قصر نطاق تطبيق أحكام مواده على أداء فريضة الحج للمسلمين دون زيارة بيت المقدس بالنسبة للموظفين المسيحيين. وجاء في خبر الصحيفة الكويتية أن المحكمة في مصر أشارت إلى «أن النص القانوني المذكور لا يحترم الحقوق والحريات التي كفلها الدستور من عدم التمييز والتفرقة بين المواطنين». ورغم أن الفلسطينيين في مدنهم المقدسة يرحبون- مسلمين ومسيحيين- بالحجاج المسيحيين، فإن «المجمع المقدس» في مصر برئاسة بابا الأقباط الراحل شنودة الثالث، أصدر قراراً في مارس 1980 بعدم سفر رعايا الكنيسة الأرثوذكسية إلى الحج في القدس «إلا بعد تحرير فلسطين، ليدخل المسلمون والمسيحيون معاً الأرض، لكن الكنيسة استثنت كبار السن، في حين اعتبر البابا الحالي تواضروس الثاني القرار سارياً، لكنه كسره بعد زيارة قام بها إلى القدس العام الماضي للصلاة على بطريرك القدس الأرثوذكس». ظلت المكتبات العربية فترة طويلة، ولا تزال فقيرة بالكتب والمراجع المسيحية، وإن كان الإنترنت قد سد هذا الفراغ في السنوات الأخيرة. وقد وقع في يدي قبل سنوات الطبعة الأولى 1925، من كتاب قبطي عن حج المسيحيين إلى المزارات المقدسة بفلسطين، وهو بعنوان «مرشد الزائرين للقدس بأورشليم»، من تأليف «شفيق جرجس رفائيل»، وقد طبع مجدداً في لبنان قبل أعوام قليلة. يتحدث الكتاب عن «أجور السفر إلى القدس بأورشليم»، فيقول: «إن مصاريف الرحلة لمن يريد قضاء أسبوع مع مشاهدة بعض الآثار والمزارات هي 5 جنيهات، بما فيها أجور السكك الحديدية ذهاباً وإياباً بالدرجة الثالثة لشخص واحد. وتوجد (أود) - غُرف - مفروشة وغير مفروشة للإيجار خلاف ثمن المياه، وما يصرفه الشخص الواحد في اليوم تصرفه عائلة كبيرة تجهز أكلها بنفسها، مع العلم أن الفواكه واللحوم رخيصة جداً، ومن أراد الاستعلام فليخابر المؤلف الذي يجاوب كل من يرغب في السفر ويعرّفه عن الوسائل المريحة، وذلك خدمة مجانية لأبناء طائفته وعموم المصريين وخلافهم».
ومن تعليمات المؤلف للمسافر أن ينطلق «من بورت سعيد لقصر المسافة إلى يافا». وعلى المسافر قبل ذلك «أن يحصل على شهادة من البطريكخانة أو توابعها»، وأن يستخرج ثلاث صور صغيرة شخصية. ويحذر المؤلف المسافرين من حمل منشورات سياسية أو أسلحة نارية، «فإن ذلك يعطل سفرك»!
ويتحدث الكتاب المرشد عن مدن ومناطق فلسطين مثل «بيت جالا»، بجوار بيت لحم، وهي قرية «جميع سكانها مسيحيون وطقسها بارد جداً حتى في فصل الصيف ومضرٌ بالمصريين، وأهلها يعيشون من الكروم، ومعظمهم يهاجرون لأميركا للتجارة ويجيدون اللغة الإسبانيولية، وسيداتها وبناتها يحملن أثمار الكروم ويحملن أولادهن على ظهورهن، وقد أعطتهن الطبيعة جمالاً رائعاً. أما رجالها فيلبسون العمائم الكبيرة ويقلدون الأتراك ويطلقون لحاهم، ويمكثون في المنازل لتنظيفها وإعداد الأكل والشرب، وهم مولعون بشرب القهوة السادة، ويشربون التنباك - التبغ - بكثرة في الأرجيلة ويذهبون جميعهم إلى الكنائس في أيام الآحاد أفواجاً رجالاً ونساء، ويقدسون العذراء مريم».
ويتحدث المؤلف عن «الحرم القدسي الشريف، أعظم مساجد الدنيا»، ويقول إنه «مفروش بالسجاجيد العجمية الأصلية غالية الثمن وفي جدرانه آيات قرآنية مخطوطة». ويصف الكتاب «بحر لوط» أو البحر الميت، بمياهه الثقيلة والمرة جداً التي «يطفو عليها ما يغرق في غيرها من المياه، ولا يحيا في مائها حيوان ولا نبات. ويقول إن أريحا كان لها سبعة أسوار وبها جبل عالٍ.
ويقول عن «تل أبيب»: إنها مستعمرة يهودية جميلة البنيان وفيها مجلس بلدي، وهي أوروبية حديثة كمصر الجديدة». وعن تزاحم اليهود على حائط المبكى يقول: «في كل يوم سبت تجد زحام اليهود وراء الحرم الشريف حول أطلال سور منهدم، وهم يندبون وينوحون ويبكون بكاء مراً ويولولون ويضرعون لله بحرقة شديدة لإرجاع هيكلهم وبلادهم ومجدهم السابق، ورد شتاتهم لمدينتهم أورشليم المقدسة، وقد اشترى المحل الذي ينوحون فيه كبار اليهود من الحكومة التركية، واتساعه 25 متراً في ثلاثة أمتار، ومن نظر لحالتهم ينفطر قلبه حزناً وتسيل دموعه لكآبتهم».
ومن أكثر محتويات الكتاب علاقة بواقعنا ما يقوله المؤلف عن أن اليهود «مهتمون ببناء المساكن بسرعة مدهشة في أنحاء فلسطين وحيفا ويافا وتل أبيب والقدس بوساطة شركات غنية جداً». ويصف مساكنهم بأنها فلل حولها الأسوار والأشجار النضرة».
ويقول إنه تم مؤخراً الاحتفال «بتأسيس جامعة إسرائيلية في فلسطين لتكون معهداً للعلوم العبرية لجديدة في أول أبريل سنة 1925، بحضور المندوب السامي والموظفين ومندوبي الجاليات الإسرائيلية، وقد أكد الخطباء أن الجامعة مفتوحة لجميع الأجناس والملل».
نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة