ابيضاض المرجان.. ما علاقته بتغير المناخ؟

تأثيرات التغير المناخي عميقة، بدءا من ارتفاع درجات الحرارة وذوبان القمم الجليدية وحتى الظروف الجوية القاسية، ولكل هذه العوامل لها تأثيرات كبيرة على التنوع البيولوجي في العالم.

يعد التنوع البيولوجي، أو "تنوع الحياة" على الأرض، ضروريا لصحة الكوكب وبقائه، لكن تأثيرات تغير المناخ أصبحت واضحة على نحو متزايد.

وفي المحيطات أصبحت تركيزات ثاني أكسيد الكربون الآن أعلى مما كانت عليه خلال الـ800 ألف سنة الماضية.

• كيف تتناول الموز وتساعد الكوكب؟.. تجربة صديقة للبيئة

ونتيجة لذلك، أصبحت بحارنا أكثر دفئا، وأصبحت المحيطات أكثر حمضية، ومن المعروف أن هذه الظروف تسبب ابيضاض المرجان الشامل.. فما هو ابيضاض المرجان وعلاقته بتغير المناخ وما تأثيراته على البيئة والإنسان؟

ابيضاض المرجان

حتى الآن، حدد العلماء 6 أحداث لابيضاض المرجان منذ عام 1998، أبرزها في الحاجز المرجاني العظيم، ويعد هذا أمر مثير للقلق لأن الشعاب المرجانية هي واحدة من أكثر النظم البيئية تنوعًا بيولوجيًا وقيمة على وجه الأرض.

وظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية، هي ظاهرة تحدث لأسباب تتعلق بالتغيير في صبغيات الشعاب، بسبب العديد من الأسباب مختلفة.

فالشعاب المرجانية هي الغابات المطيرة للمحيطات، وتشغل مساحة أقل من 1% من قاع المحيط، ولكنها توفر موطنًا لمليون نوع من الكائنات البحرية، بما في ذلك ربع أسماك العالم

وأدى ارتفاع درجات حرارة الماء إلى ابيضاض المرجان، فعندما يكون الماء دافئًا جدًا، تقوم الشعاب المرجانية بطرد الطحالب التي تعيش في أنسجتها مما يتسبب في تحول المرجان إلى اللون الأبيض تمامًا، وهذا ما يسمى ابيضاض المرجان.

 أهم الأسباب

أسباب متعددة لظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية وأكثرها شيوعا هو تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات، حيث يؤدي تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة بقاع المحيطات إلى موت الطحالب وحدوث الابيضاض الشديد.

وتعتمد مئات الأنواع البحرية على الشعاب المرجانية من أجل البقاء.

وقد شهد الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا وجزر هاواي الشمالية الغربية في الولايات المتحدة، أسوأ حالات الابيضاض التي سجلتها مع تأثيرات مدمرة.

وأدى ابيضاض الحاجز المرجاني العظيم في عامي 2016 و2017، على سبيل المثال، إلى القضاء على ما يقارب 50% من الشعاب المرجانية.

فالتكوينات المرجانية الملونة شديدة الحساسية للتغيرات في درجة حرارة الماء أو ظروف الإضاءة أو نقص العناصر الغذائية، الألوان المذهلة في الشعاب المرجانية تأتي من نوع من أنواع الطحالب البحرية، التي تعيش داخل أنسجتها.

مخاطر ابيضاض المرجان

كان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد حذر من حدوث هذه الظاهرة لنحو 99% من الشعاب المرجانية في العالم خلال القرن الحالي.

 ومن المعروف أن الشعاب المرجانية، تعد أهم موائل الثروة السمكية، تقوم بدور بالغ الأهمية في الحفاظ على النظم البيئية.

حيث يتحول اللون المرجاني القاني إلى اللون الأبيض، هذا السيناريو يشكل خطرًا على ملايين البشر الذين يعيشون على طول السواحل ويعتمدون، سواء في كسب رزقهم أو طعامهم، على الأسماك التي تتكاثر وتزدهر بين الشعاب المرجانية.

وهكذا، إذا فقدت هذه الشعاب المرجانية، فمن المحتمل أن تخلق مخاطر اقتصادية وسياسية.

وتضم الشعاب المرجانية أعلى تنوع بيولوجي لأي نظام إيكولوجي على مستوى العالم، وتدعم بشكل مباشر أكثر من 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، معظمهم في البلدان الفقيرة، وهي من بين أكثر النظم الإيكولوجية المهددة على وجه الأرض.

يؤثر تغير المناخ والتلوث على التوازن البيئي لمجتمعات الشعاب المرجانية، مما يتسبب في تدمير السلسلة الغذائية ويسبب آثارًا تتجاوز السكان الذين يعانون من الصيد الجائر، وتلوث النفايات الحضرية والصناعية، والبلاستيك، والصرف الصحي، والمواد الكيميائية الزراعية والملوثات الصناعية.

ويتم التخلص من هذه السموم مباشرة في المحيط مما يزيد من مستوى النيتروجين في مياه البحر، ويتسبب في زيادة نمو الطحالب.

يؤدي التآكل الناتج عن البناء (على طول السواحل) والتعدين وقطع الأشجار والزراعة إلى زيادة الرواسب في الأنهار.

وينتهي هذا في المحيط، حيث يمكن أن يخنق الشعاب المرجانية عن طريق حرمانها من الضوء اللازم للبقاء على قيد الحياة.

ومن التهديدات الأخرى السياحة، البحرية غير المسؤولة، والإهمال في رحلات القوارب، والغوص والغطس وصيد الأسماك في جميع أنحاء العالم، حيث يلامس الناس ويسقطون المراسي على الشعاب المرجانية.

كما يتم استخراج المرجان الحي من الشعاب المرجانية لاستخدامه في صنع الطوب أو في بناء الطرق أو في الإسمنت للمباني الجديدة.

الحلول والعلاج

إعادة الظروف البيئية إلى طبيعتها يمكن أن يقود لتعافي الشعاب المرجانية من الابيضاض، وإذا بقيت على هذا النحو يمكن للشعاب المرجانية استعادة طحالبها، والعودة إلى ألوانها الزاهية والبقاء على قيد الحياة.

ولكن يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة وغيرها من الضغوطات، مثل نوعية المياه الرديئة، أن تترك المرجان الحي في حالة ضعيفة.

وقد يستغرق الأمر عقودًا حتى تتعافى الشعاب المرجانية تمامًا كما حدث الابيضاض، لذلك من الضروري أن لا تحدث هذه الأمور بشكل متكرر.

كما يعتمد استزراع الشعاب المرجانية على التركيز على الأنواع المهددة بالانقراض؛ والاستزراع الجماعي للشعاب المرجانية، بما في ذلك الأنواع المقاومة للابيضاض والسلالات من أجل إعادة تأهيل المواقع البحرية المتدهورة.

علاوة على ذلك فإن إنشاء محمية - بنك مرجاني للحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الوراثية؛ والتعاون مع القطاع الخاص لإنشاء مزارع مرجانية برية، ومن هنا تبرز أهمية التنمية الساحلية المستدامة.