انخفضت أسعار اليورو والكرونة السويدية والكرونة النرويجية، في مقابل ذلك ارتفعت أسعار صرف الدولار الأمريكي والين الياباني
وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبرج" يبدو أن سلاسل الإمداد العالمية ستعاني فترة من الاضطراب أطول مما نعتقد ارتباطا بتفشي فيروس كورونا، حيث تحاول الحكومة الصينية إعادة تشغيل المصانع المعطلة للحد من الضرر الذي يلحق بثاني أكبر اقتصاد في العالم.
فمن أجل احتواء الأزمة، أمرت السلطات الصينية بالإغلاق التام لبعض المدن ومددت فترة إجازات العام القمري الجديد، ولكن مع ذلك كان الأثر البشري شديدا حيث بلغ عدد الوفيات ما يزيد على 1000 شخص حتى يوم الثلاثاء الماضي. ويمكن للتداعيات الاقتصادية أن تمتد مع ارتفاع عدد حالات الإفلاس، وزيادة عدد حالات التخلص من العمالة وتدهور مستوى الطلب، وذلك وفقا لما تقوله مؤسسة نومورا في هونج كونج.
انخفضت أسعار اليورو والكرونة السويدية والكرونة النرويجية، في مقابل ذلك ارتفعت أسعار صرف الدولار الأمريكي والين الياباني التي تعد عملات ملاذ آمن وقت الأزمات. وتغيرت الحركة بين الهبوط والصعود مع اختلاف الأنباء حول تفشي الفيروس وآثاره المتوقعة
وقد أفادت "بلومبرج"، في تقرير لها، بأن آلاف الأعمال تعاني من حالة من عدم اليقين وتريد أن تسمع من السلطات المحلية متى يمكنها استئناف أعمالها مجددا. وحتى إذا ما عادت هذه الأعمال لممارسة أعمالها فقد يستغرق الأمر عدة أيام قبل أن تعود لكي يكون كل العاملين بها موجودين في أماكن عملهم، بسبب أن العديد من هؤلاء العاملين الذين غادروا إلى مواطنهم الأصلية في إجازة العام القمري الجديد قد احتجزوا في هذه المواطن بسبب القيود على حركة السفر، وتتوقع الحكومة أن نحو 160 مليون شخص سوف يعودون إلى أعمالهم بين الوقت الحاضر و18 فبراير/شباط، ويبلغ هذا العدد من العاملين ما يساوي إجمالي القوة العاملة الأمريكية.
وسوف يكون الأثر على الاقتصاد الصيني قصير الأجل، ولن يؤثر على خططها للتحسن في المدى الطويل، وطبقا لما ذكره الرئيس الصيني، فإن الصين سوف تقوي من إدارتها للعمليات الاقتصادية، وسوف تراقب عمليات التخلص من العمالة واسعة النطاق، ومن المحتمل أن يتبنى صناع القرار إجراءات أكثر لدعم الاقتصاد، وذلك بعد الإجراء الذي اتخذته السلطات بزيادة مستوى السيولة في وقت سابق.
ومن المنتظر أن تسرع الأقاليم التي لم يصبها الوباء من استئناف النشاط الإنتاجي، كما جاء في مؤتمر لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات تم بثه تلفزيونيا. وسوف تقوم المؤسسات الأكبر بالتعويض عن الإنتاج الذي تم فقده أثناء فترة التوقف عن العمل، كما سيتم التأكد من الوفاء بالأهداف الإقليمية، وتقول الحكومة إنه من العاجل للغاية استعادة الإنتاج الصناعي، وحدوث استقرار في التوقعات.
وتعد بنوك مثل جولدمان ساكس، ويو بي إس من بين هؤلاء الذين قلصوا توقعاتهم بشأن النمو في الصين سواء في الربع الأول من العام أو في العام ككل. وطبقا ل،"بلومبرج" فإن "الجمع بين زيادة حالات الإصابة وإجراءات الوقاية الصارمة سوف يؤدي إلى انخفاض ملموس في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول من العام، وأنه طبقا لبعض التقديرات فإن السيناريو المنتظر هو خطر انزلاق معدل النمو الصيني في الربع الأول من العام ليصل إلى 4.5%، ويأتي هذا في الواقع على خلاف شديد مع بعض التوقعات التي راجت في بداية الأزمة، والتي قالت إن النمو الاقتصادي في الناتج سيقل بمقدار نصف نقطة مئوية فقط ليبلغ نحو 5.5%.
وتمتد موجة المخاطر إلى أبعد من الاقتصاد الصيني، وخاصة في حالة الإنتاج العالمي من السيارات والصناعات الإلكترونية، فشركات يأتي من ضمنها نيسان، وهيونداي وكيا قد قللت بالفعل من معدلات إنتاجها. ووفقا لما هو معلن يوم الثلاثاء الماضي فإن الشركات المصنعة لأجزاء السيارات كانت من أوائل الشركات المعروفة التي أعلنت حالة "القوة القاهرة" في الصين، وهو ما يفيدها في تجنب فرض جزاءات عليها بسبب خرقها للالتزامات في العقود الموقعة معها لكون الظروف خارجة عن إرادتها.
وكانت الاستجابات لتفشي فيروس كورونا تكاد تكون واحدة في العديد من الأسواق، ويمكن القول إن التحركات التي شهدتها هذه الأسواق سواء بالارتفاع أو الانخفاض كانت تجري على إيقاع الأخبار المتداولة حول الفيروس.
ففي أسواق المال في مختلف أرجاء العالم شهدت هذه الأسواق في البداية انخفاضا كبيرا تحت تأثير التوقعات المتعلقة بانخفاض وتيرة النشاط الاقتصادي في الصين والآثار المختلفة التي يمكن أن يتركها على جملة النشاط العالمي، وعرفت العديد من الأسواق بعد ذلك حركة بندولية من الارتفاع والانخفاض بناء على ما ترسمه التوقعات من تضاعف أو تلاشي أثر الفيروس.
وشهدت أسواق السلع الأولية حركة انخفاض واضحة في الأسعار، فقد انخفضت أسعار النحاس إلى أقل مستوى لها في خمسة أعوام كون الصين هي المستهلك الأول في العالم لهذا المعدن، وينطبق نفس الأمر على العديد من السلع الأخرى لاسيما النفط الذي انخفض لأقل من 54 دولارا للبرميل من نوع برنت، وهو أقل سعر له في 13 شهرا، وإن كانت الأسعار هي الأخرى شهدت حركة من الانخفاض والارتفاع مع اختلاف الأنباء، لكن أسعار برميل النفط ظلت تقل بنحو 20% عن الذروة التي بلغتها خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وهبطت أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى أقل مستوى لها في سنوات، حيث انخفضت إلى مستويات قياسية مع تراجع الطلب على الغاز في الصين بفعل تفشي فيروس كورونا ووسط تخمة في المعروض، وكانت الأسعار في واقع الأمر قد بدأت في الانخفاض منذ فترة طويلة نسبيا بسبب الطقس المعتدل في أوروبا وآسيا والمخزونات القياسية من الغاز في أوروبا، وتباطؤ النمو الاقتصادي بسبب حرب التجارة الأمريكية الصينية، لكن فيروس كورونا عمق من هذه المسيرة نحو الانخفاض بشكل واضح.
وشهدت أسواق الذهب في البداية ارتفاعا في أسعاره بسبب كونه ملاذا آمنا وقت الأزمات، إلا أن الأسعار عادت للانخفاض والارتفاع على إيقاع الأنباء المتداولة حول الآثار المنتظرة لفيروس كورونا.
وفي أسواق العملات انخفضت أسعار صرف عملات مثل الرينمبي الصيني والدولار الأسترالي للاعتماد البالغ للصادرات الأسترالية على السوق الصيني، وكذا انخفضت أسعار اليورو والكرونة السويدية والكرونة النرويجية، في مقابل ذلك ارتفعت أسعار صرف الدولار الأمريكي والين الياباني اللتين تعدان عملات ملاذ آمن وقت الأزمات. وتغيرت الحركة بين الهبوط والصعود مع اختلاف الأنباء حول تفشي الفيروس وآثاره المتوقعة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة