بمستشفيات كورونا.. زوجان مصريان يرصدان كيف تتعافى إيطاليا من الوباء
وكالة الحماية المدنية في إيطاليا قالت إن إجمالي عدد الوفيات منذ ظهور الوباء في 21 فبراير بلغ 30201 حالة وفاة
يقضي الطبيب المصري علي يوسف المقيم في إيطاليا وزوجته الدكتورة نسرين جمال ساعات طويلة في العمل بين غرف العمليات وأسرة المرضى، ضمن نظام صحي ضخم يكافح من أجل إبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد، وعودة الحياة في البلاد لطبيعتها بشكل تدريجي.
وقالت وكالة الحماية المدنية في إيطاليا إن إجمالي عدد الوفيات منذ ظهور الوباء في 21 فبراير/شباط بلغ 30201 حالة وفاة، وهي ثالث أعلى حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا.
وارتفع عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس إلى 215858، وهي أيضاً ثالث أعلى حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة وإسبانيا، وتراجع عدد المسجلين حالياً بوصفهم حاملين للمرض في إيطاليا إلى 89624.
تأثير كورونا سيمتد طويلا
يعمل الدكتور علي يوسف، استشاري النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي ببولونيا عاصمة مقاطعة إيمليا بشمال إيطاليا، وزوجته الطبيبة نسرين جمال وسط ظروف استثنائية صعبة منذ ظهور الفيروس وتفشي الوباء بالبلاد.
ويؤكد يوسف لـ"العين الإخبارية" أن فيروس كورونا في انحسار بإيطاليا سواء على مستوى الإصابات أو الوفيات، لكنه توقع ألا تعود الحياة إلى طبيعتها بشكل كامل قبل اكتشاف علاج ولقاح للوباء.
وبدأت الحكومة الإيطالية في رفع بعض القيود بحذر، بينما أبقت الكثير منها قيد التطبيق، بعد شهرين تقريباً من إصدار أوامر للإيطاليين بالتزام منازلهم، لوقف تفشي الوباء.
ويرى "يوسف" أن "التباعد الاجتماعي سيبقى جزءاً من الحياة اليومية، وتأثير الفيروس سيبقى طويلا".
ورغم ما وصفه البعض بـ"انهيار" النظام الصحي في إيطاليا مع عدم قدرته على استيعاب المزيد من حالات كورونا، فإن الطبيب المصري أشاد بصموده وكفاءته، حيث يعمل بتناغم يسري على الجميع، دون تفرقة بين غني أو فقير، مشيراً إلى زيادة مرتبات العاملين في الرعاية الصحية نحو ألف يورو، في بعض المقاطعات الإيطالية.
كورونا يفرض آليات عمل جديدة
وضمن شواهده على تقدير المجتمع لدور الأطقم الطبية في المواجهة، يقول يوسف إن الكثير من المحال التجارية والسوبر ماركت تنظم عملية دخول الأطباء والعاملين الصحيين جميعاً دون انتظار، أو الوقوف في طوابير مثل باقي المواطنين.
وحرصت مطاعم عديدة أيضاً على توصيل وجبات الطعام للعاملين في المستشفيات مجانا دون أي دعاية لهم.
حياة الطبيب المصري الاجتماعية اختلفت بشكل كبير بعد تفشي كورونا، موضحاً: "انحسرت الحياة بين المستشفى لتأدية دورنا وواجبنا في علاج المرضى والمنزل بعد أن توقفت الحياة الاجتماعية تقريبا، وجميع الزيارات العائلية".
وقال إن أزمة كورونا فرضت إيقاع وآليات عمل مختلفة، مع ارتفاع أعداد المصابين، حيث تم إلغاء جميع العمليات غير الطارئة، مع إيقاف العمل في العيادات الخاصة.
فضلاً عن مشاركة جميع الأطباء من تخصصات مختلفة بينها أمراض النساء والتوليد في علاج حالات كورونا، وذلك تحت إشراف أطباء مؤهلين في الأمراض المعدية والباطنة والصدرية.
ويضيف: "تحسباً لموجة جديدة من الإصابات تمت زيادة عدد أسرة العناية المركزة، وإغلاق الأقسام التي لا يوجد بها طوارئ".
ويشير "يوسف" إلى قلة عدد الحالات المصابة بكورونا من السيدات الحوامل في المستشفى الذي يعمل به، منوهاً بأن فرص انتقال عدوى الإصابة من الأم الحامل للجنين تبدو معدومة، وبناء على الدلائل العلمية الحالية فلا يوجد دليل علمي حتى الآن على مضاعفات على الأجنة.
انخفاض لافت لمعدل انتشار العدوى
وعلى خط مواجهة آخر، تعمل الطبيبة المصرية في تخصص الأمراض الباطنة نسرين جمال، في المستشفى الجامعي لمدينة مودينا، على حدود إقليم لومبارديا شمالي إيطاليا، وهو ضمن الأقاليم التي ضربها الفيروس بقوة.
ترى "جمال" أن قرار الحكومة بتخفيف الإجراءات الاحترازية جاء بعد انخفاض معدل انتشار العدوى بشكل لافت من شخص ينقل العدوى لـ4، في بعض المناطق، إلى شخص ينقل العدوى لأقل من واحد صحيح، فيما أصبح المعدل حالياً 0.5% - 0.7%، وبدون تلك المعلومة لم يكن بإمكان الحكومة اتخاذ قرار تخفيف القيود.
وفي هذا الصدد، أكدت أن إيطاليا سجلت أقل عدد حالات جديدة ووفيات بـ"كوفيد-19" منذ شهرين.
وتحسبا لظهور موجة ثانية من الإصابة بالفيروس تترافق مع تخفيف القيود، أشارت "جمال" إلى أن بعض المقاطعات الإيطالية مثل بولونيا فرضت منذ 4 مايو/أيار الجاري ارتداء الكمامة، وذلك في الأماكن العامة، ووسائل المواصلات.
فضلاً عن فتح المتنزهات والحدائق العامة بشرط الحفاظ على التباعد الجسدي، مع السماح بإقامة الجنازات من جديد، بشرط حضور 15 شخصاً فقط من أهالي المتوفى.
كما أشارت إلى عودة الأعمال التجارية بشكل تدريجي، والسماح برجوع 4 ملايين ونصف موظف لأعمالهم بتعليمات مشددة والتزام صارم بالإجراءات الوقائية، فيما ستبقى المتاجر الكبرى ودور السينما والمدارس مغلقة.
80 % من مرضى الفيروس بعزل منزلي
وتكشف الطبيبة المصرية عن أن 80% من مصابي كورونا بإيطاليا في عزل منزلي، وتوضح: "العلاج الأساسي في المستشفيات يعتمد على أدوية القصور في التنفس والالتهاب الرئوي المصاحب، واستخدام مضادات الفيروسات مثل أفيجان، غير المسموح بتداوله في الصيدليات، فضلا عن استخدام بلازما المتعافين للعلاج".
وتضيف: "كثيرة هي دروس كورونا، إذ تعلمت من التجربة أن الوقاية خير كثيراً من العلاج؛ لمواجهة المرض، كما اكتشفنا مع الوقت أن الحل الوحيد في انحسار المرض هو الابتعاد عن التجمعات، والبعد عن الاختلاط أو الاجتماعيات، لا سيما مع عدم وجود دواء فعال آمن حتى الآن".