لبناني يروي تفاصيل الألم والأمل للنجاة من كورونا
فرنجية يتوجه بنصيحة إلى الجميع بعد تجربته مع كورونا، قائلا: "كوني من غير المدخنين ساعد على شفائي، وفق ما يقوله الأطباء".
يروي اللبناني غصوب فرنجية (50 عاما) شهادة نجاته من فيروس كورونا المستجد بفرح وأمل وحرص على نقل تجربته بإيجابية إلى كل مريض بهذا الفيروس، وإلى كل من يعيش خوفا من الإصابة به.
لا يكتفي بالرئتين.. كورونا يهاجم القلب
ويتحدث عن أيامه مع الفيروس بفرح كبير متذكرا اليوم الأول لأعراض المرض من ارتفاع الحرارة المحدود، مرورا باكتشاف إصابته هو وأفراد عائلته بكورونا، وصولا إلى دخوله المستشفى للعلاج وخروجه منه، بعدما تماثل للشفاء، علما بأنه لا يزال حتى الآن لا يعرف ممن وكيف أصيب بالعدوى.
ويقول فرنجية، وهو يملك محلا للخضراوات في منطقة زغرتا، شمال لبنان، لـ"العين الإخبارية": "في منتصف مارس/آذار بدأت أشعر بارتفاع خفيف بحرارة جسمي، وبعد يومين بدأ ابني يعاني من المشكلة نفسها، ومن ثم زوجتي، وبعدها بدأنا نشعر جميعنا بإرهاق وتعب في أجسادنا".
وتابع: "تواصلنا مع الطبيب وزرناه أنا وابني، حيث أجرى لنا الفحوصات اللازمة وقال إننا نعاني فقط من الرشح العادي، ولكن بعد حوالي 4- 5 أيام بدأت الأعراض تتضاعف وشعرت بالتعب الجسدي، وكذلك النفسي إلى درجة اليأس، بحيث لم تعد تخطر ببالي إلا فكرة أننا مصابون بكورونا، وقرّرت ألا أتابع الأخبار ولا مواقع التواصل الاجتماعي".
وأضاف فرنجية أنه بدأ يشعر بألم في معدته ولم يعد قادرا على تناول الطعام، بينما تلاشت الأعراض التي كانت زوجته وابنه يشعران بها إلى درجة الاختفاء، وقرر زيارة الطبيب مجددا، الذي اتخذ حينها قرارا بإجراء فحص الـPCR الخاص بكورونا له، وهنا كانت النتيجة إيجابية، الأمر الذي أدى إلى خضوع أفراد عائلته للفحص أيضا، وكانت كذلك نتيجته إيجابية، وهي لم تقتصر على ابنه وزوجته اللذين كانا قد شعرا ببعض الأعراض، وإنما تبيّن أيضا أن ابنته (16 عاما) تحمل الفيروس لكنها لم تشعر بأي أعراض، ورغم أن هذه النتيجة التي لا يخفي فرنجية بأنها كانت صادمة، لكنها أشعرته بالراحة في الوقت نفسه، ويقول: "شعرت بارتياح لأنني عرفت سبب الآلام التي كنت أشعر بها".
وتقرّر حينها نقله إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت، التي كانت آنذاك الوحيدة المعتمدة لعلاج مرضى كورونا، فيما طلب من عائلته التزام الحجر المنزلي مع المتابعة الدائمة من قبل الطبيب وغرفة العمليات التابعة لبلدية بلدته زغرتا ووزارة الصحة.
ويتذكّر فرنجية يوم 27 مارس/آذار جيدا، ففي صباح هذا النهار أدخل إلى مستشفى الحريري، وكذلك يتذكر الخوف الذي شعر به عندما أبلغ بنتيجة فحصه وبأنه سينقل إلى هذه المستشفى الحكومي والذي كان لها الانطباع السلبي في لبنان، وتبدّد مع الوقت نتيجة معاملة الفريق الطبي المميزة التي أشعرته بالراحة النفسية والمعنوية إلى درجة أنه بات يشبّهها بفندق 5 نجوم، على مختلف الأصعدة من الاهتمام والعناية إلى الطعام وغيره.
وشدد على أهمية دور الفريق الطبي من الممرضين والأطباء الذي كانوا يهتمون به، قائلا: "لهذا الفريق دور أساسي في راحة المريض النفسية خاصة في ظل وضع كهذا"، ويضيف: "ابتسامتهم التي كنت أراها من وراء الكمامة كانت تعني لي الكثير وتمنحني الأمل، من دون أن ننسى أيضا دور متطوعي الصليب الأحمر الذين يعرضون حياتهم للخطر لنقلنا نحن المرضى إلى المستشفيات"، وهنا يلفت فرنجية إلى أن الطبيب عندما علم بأنه غير مدخّن ويمارس الرياضة باستمرار، شعر بالراحة والفرح، وهو ما عبر له عنه، بحيث إن هذا الأمر سيساعد في شفائه السريع.
ويشرح فرنجية أنه بعدما كان قد خضع للعلاج في المستشفى في منطقة الشمال، طلب منه الأطباء في مستشفى الحريري أن يوقّع على مسؤوليته الموافقة على حصوله على الدواء المتوفر حتى الآن للعلاج من كورونا، وهنا كان اقتراحه بحسب ما يقول لـ"العين الإخبارية": "تأجيل الاعتماد على هذا الدواء خاصة أن الفحوصات أكدت أنه لا مشاكل صحية لديه وتحديدا في الرئتين، مع تأكيد الأطباء بأن المراقبة الدائمة ستحدد عما إذا كانوا سيضطرون للجوء إلى الدواء أم الاكتفاء بالعلاج العادي.
ومع مرور الأيام، والاهتمام والمتابعة الصحية اللازمة، كانت صحّة فرنجية تتحسن، في الوقت الذي كان يحرص فيه يوميا على التواصل بالصوت والصورة مع أهله وعائلته صباحا ومساء، بعدما وفّرت له المستشفى خدمة الإنترنت المجاني، وهو ما ساعده أيضا على التسلية وتمضية الوقت بعيدا عن "الملل"، حتى إن المتابع لصفحة فرنجية على موقع "فيسبوك"، يلاحظ النصائح والأخبار اليومية التي كان يشاركها مع أصدقائه بشكل دوري، كما أنه كان يرفقها بصور مع الفريق الطبي الذي يهتم به، وهي تعكس بشكل واضح الراحة التي كان يشعر بها خلال وجوده في المستشفى.
وبعد 15 يوما من العلاج في المستشفى، كان الخبر المنتظر بالنسبة إلى فرنجية الذي يقول: "حين أبلغوني بأن نتيجة فحصي سلبية شعرت بفرح لا يوصف، خاصة أنني سأعود بخير إلى منزلي وبين أفراد أسرتي"، وتابع: "في اليوم الثاني أعيد الفحص وكانت أيضا النتيجة نفسها، ليكن القرار بعودتي إلى بيتي في 6 أبريل/نيسان وحتى الآن لا يزال موظفو وزارة الصحة على تواصل معي لمتابعة وضعي"، مضيفا: "هذه التجربة علّمتني الكثير، وأحرص دائما على الحديث عنها ليستفيد منها الجميع".
وعما تعلمه من هذه التجربة يقول فرنجية: "في الأيام الأولى لشعوري بالأعراض، وفي ظل الأخبار التي كنا نسمعها من مختلف أنحاء العالم، كان لدينا شعور أن كل من سيصاب بكورونا سيموت، لكن علينا أن نكون واقعيين ويكون لدينا الإيمان والأمل بالشفاء، ولنتذكّر بأن نسبة الوفاة هي حوالي 2%، وبالتالي فلنفكر بالـ98%، ونكمل حياتنا بفرح وأمل".
ويتوجه فرنجية بنصيحة إلى الجميع، قائلا: "فلنحاول ألا نتعب كثيرا ولنبتعد عن التدخين، ومن لا يستطع التوقف عنه فليخفف منه قليلا، لأن كوني من غير المدخنين ساعد على شفائي، وفق ما يقوله الأطباء".
وفيما يتعلق بالإجراءات الوقائية يقول فرنجية: "بعدما أعلن عن الحالات الأولى في لبنان كنت من أول الأشخاص الذين اتخذوا قرارا بإغلاق محالهم في المنطقة، وبدأت فورا أنا وعائلتي باعتماد الإجراءات الوقائية من الكمامة والقفازات وغيرها، حتى إن البعض كان يهزأ مني، والآن تأكدت أن خياراتي كانت صحيحة، بحيث إنني كنت أحمل الفيروس ولا أعلم، وبالتالي باعتمادي على هذه الإجراءات استطعت حماية غيري".
ويضيف: "من هنا لا بد للجميع أن يدرك أهمية هذه الإجراءات؛ لأنه وكما حدث مع ابنتي فهي كانت تحمل الفيروس لكنها لم تكن تشعر بأي أعراض، وبالتالي أي حالة كحالتها قد تنقل العدوى إلى غيرها من دون أن تشعر".
ويذكّر أنه عندما أبلغ بنتيجة الفحص، أول ما قام به هو إبلاغ كل من التقى به في الأيام الأخيرة، ليقوم بالحجر المنزلي لمدة 15 يوما، وهو ما لاقى تجاوبا مع الجميع، ومضت فترة الأسبوعين من دون أن يشعر أي منهم بالأعراض.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xNjAg جزيرة ام اند امز