تداعيات كورونا تضع تجارة الصين في مأزق
الصادرات الصينية تسجل تراجعا، وبلغت الواردات أدنى مستوياتها منذ 4 أعوام، وسط تباطؤ اقتصادي عالمي سببته القيود المفروضة لمكافحة كورونا
سجلت الصادرات الصينية تراجعاً، في حين بلغت الواردات أدنى مستوياتها منذ 4 أعوام، حسب ما كشفت البيانات التجارية الصينية لشهر مايو/أيار الماضي، وسط تباطؤ اقتصادي عالمي سببته القيود المفروضة لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد.
- ترامب يقرع طبول الحرب التجارية ضد أوروبا والصين.. والسر السيارات
- لاستعادة النشاط الاقتصادي.. تخفيف قيود السفر بين الصين وسنغافورة
وانخفضت صادرات الصين، البلد الأول الذي ظهر به منذ ديسمبر/كانون الأول 2019 فيروس كورونا المستجد، بنسبة 3,3% الشهر الماضي بالمقارنة مع العام السابق، بحسب بيانات نشرتها سلطات الجمارك.
وعرفت الصادرات في شهر أبريل/نيسان الماضي ارتفاعاً قوياً بنسبة 3,5% بعد 3 أشهر من التراجع.
ويعزى هذا الارتفاع إلى قفزة ترافقت مع تخفيف تدابير العزل بعد الصعوبات التي واجهها المصدرون في الفصل الأول، نتيجة توقف حركة النقل بسبب تدابير العزل.
واستأنفت الحركة إلى حد كبير مذاك، لكن الشركات تواجه صعوبات في تلقي طلبيات في وقت لا تزال فيه أسواقها الرئيسية في أوروبا وأميركا الشمالية، مشلولة بسبب الوباء.
ورأى المحلل راجيف بيسواس من مكتب "أي إتش أس ماركت" أن الوضع القائم "سيواصل الضغط على الصادرات في يونيو/حزيران وفي يوليو/تموز".
ويضيف "لكن يجب أن تنتعش الصادرات خلال الفصل الثاني"، تزامناً مع رفع العزل في أوروبا "وخلال فترة الميلاد"، التي عادة ما ترتفع فيها الطلبيات.
ويبقى الارتفاع على السلع الطبية، التي تعد الصين المزود الرئيسي لها، مرتفعاً جداً في الخارج.
وصدرت الصين إلى العالم 70,6 مليار قناع بين مارس/آذارومايو/أيار 2020، وفق أرقام كشفت عنها بكين الأحد، خلال مؤتمر صحفي للسلطات مخصص للوباء.
ويتوقع المحللون في الأثناء أن ينخفض الطلب على هذه السلع مع تحسن الوضع الصحي في العالم.
انتعاش بطيء
وعلى جهة الواردات، فقد انخفضت من جديد في مايو/أيار الماضي بنسبة 16,7% مقارنة مع نفس الشهر العام الماضي، مقابل 14,2% في أبريل/نيسان.
وهذا أسوأ تراجع للواردات تسجله الصين من يناير/كانون الثاني 2016.
وهذا التراجع الذي يسجل للشهر الخامس على التوالي، أعلى بكثير مما توقعه محللون لوكالة بلومبرج، حيث كانوا ينتظرون تسجيل تراجع بنسبة 7,8%.
ورأى بيسواس أن ذلك "يشكل انعكاساً لبطئ الانتعاش" في الصين، فيما ثاني أكبر اقتصاد في العالم متوقف منذ أواخر يناير/كانون الثاني بسبب الوباء.
وتعتبر الاقتصادية إيريس بانغ من مصرف "آي أن جي" أن الشركات أيضاً بدون شك خفضت وارادتها نظراً للغموض المحيط بالطلب.
وسط هذا التراجع التجاري، تسعى المدن الصينية إلى استحداث تدابير من شأنها رفع الطلب المحلي، فقد أعلنت بكين الأسبوع الماضي منح قسائم شرائية قيمتها 12,2 مليار يوان (1,6 مليار يورو) لدعم القدرة الشرائية للسكان، وفق وكالة أنباء الصين الجديدة.
وكنتيجة طبيعية لتراجع الواردات، ارتفع الفائض التجاري للصين في مايو/أيار الماضي حتى 62,9 مليار دولار، في حين بلغ 45,3 مليار الشهر الفائت.
كما ارتفع الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة بنسبة 3,7%، ليبلغ 27,9 مليار دولار في مايو/أيار، مقارنة مع العام الماضي.
وارتفعت حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين في الأشهر الأخيرة على خلفية الوباء وقضايا أخرى. ووسط تضرر البلدين من الوباء، يشكك اقتصاديون بإمكانيتهما تلبية تعهداتهما التي وافقا عليها في اتفاق تجاري جزئي أبرم في يناير/كانون الثاني 2020.
وفي خطوة غير مسبوقة، لم تحدد الصين الشهر الماضي هدفا للنمو لهذا العام.
وبرر رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ ذلك مع افتتاح الدورة السنوية للبرلمان الصيني بالقول إن "بلدنا يواجه بعض العوامل التي يصعب التنبؤ بها"، بسبب وباء كوفيد-19 والظروف العالمية.
وأعلن لي عن تدابير قيمتها 2000 مليار يوان (256 مليار يورو)، مثل رفع عجز الموازنة والاقتراض الحكومي، بهدف دعم سوق العمل.
وللمرة الأولى في تاريخه، تراجع الاقتصاد الصيني بنسبة 6,8% في الفصل الأول بفعل تفشي الفيروس.
زيادة احتياطيات النقد الأجنبي
وعلى العكس، فقد ارتفعت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي على غير المتوقع بسبب تغيرات في أسعار الأصول، رغم تراجع اليوان بفعل المخاوف حيال تصاعد في التوترات الصينية الأمريكية، في حين تقول الهيئات التنظيمية إن الإمكانيات الاقتصادية للبلد تكفل الاستقرار في المستقبل.
وزاد احتياطي النقد الأجنبي الصيني - الأضخم في العالم - 10.233 مليار دولار في مايو/أيار إلى 3.102 تريليون دولار، حسبما أظهرته بيانات البنك المركزي اليوم الأحد.
وقالت إدارة الصرف الأجنبي الصينية في بيان إن الزيادة المفاجئة ترجع إلى تغيرات في أسعار الصرف والأصول، لكنها لم تذكر تفاصيل.
تسارعت التدفقات الأجنبية على الأسهم والسندات الصينية في الآونة الأخيرة مع مراهنة المستثمرين على انتعاش اقتصادي. وساعدت قيود صارمة على حركة رؤوس الأموال في سيطرة الصين على نزوح الأموال على مدى العام المنصرم رغم صدمة تفشي فيروس كورونا وحرب التجارة الممتدة من الولايات المتحدة وتباطؤ النمو الاقتصادي.
انخفض اليوان 1% مقابل الدولار في مايو/أيار، في حين تراجع الدولار 0.78% في نفس الشهر أمام سلة عملات رئيسية أخرى.
وبلغ احتياطي الذهب لدى الصين 62.64 مليون أوقية (أونصة) في نهاية مايو/أيار الماضي، دون تغير عن نهاية أبريل/نيسان السابق له.
وزادت قيمة احتياطيات الذهب الصينية إلى 108.29 مليار دولار في نهاية مايو/أيار الماضي من 106.67 مليار في نهاية أبريل/نيسان 2020، انسجاما مع ارتفاع في سعر المعدن المقوم بالدولار.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز