سندوتشات كورونا ونقانق كوفيد.. حيلة اقتصادية بين العبقرية والغباء
فقد رائد بنورة وظيفته كمرشد سياحي واتجه إلى تجارة الأغذية بحثا عن الرزق الذي ضاق جراء تداعيات كوفيد-19.
ابتكر بنورة فكرة "شطائر (سندوتشات) كورونا" في محاولة منه لكسب قوت يومه، بعدما تسبب الوباء في انقطاع رزقه.
وفي أحد شوارع بيت لحم بالضفة الغربية، تجد لافتة كبيرة مكتوب عليها باللونين الأحمر والأصفر "شطائر كورونا"، وبالطبع ستلفت انتباهك وسط شوارع خاوية على عروشها بعدما فرض الفيروس سيطرته عليها.
ويروي بنورة كيف جاءته الفكرة، فيقول كانت السادسة صباحا، أيقظت زوجتي وقلت لها: أصبحت أعرف ماذا سأسمي المقصف (المطعم): كورونا.
بين العبقرية والغباء
لكن أول رد فعل لزوجته كان أنها اعتبرت قراره ضربا من الجنون، فاكّد لها أن "هذا الاسم سينتشر بسرعة الفيروس".
وتمسك بنورة بهذا الاسم الذي كان نابعا من تأثره بقول أحد الفلاسفة إن "ثمة خيطا رفيعا بين العبقرية والغباء"، ولكنه أضاف أثناء حديثه "ما زلت لا أعرف إلى أيهما أنا أقرب".
وأضاف أنه لن يغير الاسم حتى بعد زوال الجائحة، مرددًا: "سيأتون إليّ ويقولون: لقد نجونا".
ويُعدّ بنورة في المقصف أنواعا من اللحوم يضيف إليها البصل المشوي وتوابل خاصة، ويلفها بخبز التورتيلا. كذلك تحتوي قائمة الطعام لديه على "نقانق كوفيد -19"، ونقانق اللحم البقري ولحم الضأن.
وعن إمكان تحفظ الزبائن عن الاسم، يقول بنورة "الناس يموتون كما من غيره من الأمراض، ثمة أشخاص يتوفون بسبب السكر أو التبغ، لكنّ ذلك لم يجعلنا نحذف هذه المفردات من قاموسنا".
وبعد وقت قصير من اكتشاف أولى الإصابات بالفيروس في بيت لحم، فرض الإغلاق على المدينة، كما أغلقت كنيسة المهد أبوابها وكذلك الفنادق ومحال التحف الشرقية، وتمّ حظر دخول الحافلات السياحية والتنقل من المدينة إلى الخارج أو العكس.
اليوم، بات مرشدو السياحة في بيت لحم يلاحقون الزوار القلائل إن وجدوا.
وأحصت الضفة الغربية المحتلة حتى الخميس أكثر من 51 ألف إصابة و498 وفاة.
"لم يمر علينا شيء مثل هذا"
في محيط كنيسة المهد، معظم المحال التجارية مقفلة، والمشهد يتناقض تماما مع السنوات الأخيرة عندما كان المكان يعج بالزوار والسياح.
ويقول أشرف كوازبة بينما يقلي الفلافل في مطعم أبو داوود "بالنسبة إلينا، الأشهر الثلاثة الأهم في السنة هي بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول"، في إشارة إلى الحركة النشطة والإقبال السياحي في مثل هذا الوقت إجمالا.
ويضيف "مع حلول عيد الميلاد، يكون كل شيء ممتلئا ونعمل بلا توقف، هذه السنة كل شيء ميت".
وطال الأثر السلبي لتفشي الفيروس الفنادق أيضا.
ويقول مالك فندق سام البندك "يهدّد المصرف بوضع اليد على المبنى. إذا لم تَعُد الحركة السياحية بحلول كانون الثاني/يناير، فسنفقد فندقنا".
أما رئيس بلدية المدينة أنطون سلمان لفرانس برس فلا يتوقع أن يساهم عيد الميلاد هذه السنة في تنشيط المدينة سياحياً.
ويضيف "لم يمرّ علينا شيء من هذا القبيل" حتى في الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2005)، مشيرا الى أن "الوضع خلال الانتفاضتين الأولى والثانية كان صعبا ولكن بقيت للسياحة فرص".
ويلاحظ أن "لا سياحة ولا مواصلات" في زمن الجائحة، إذ أن "كل شيء متوقف" راهناً.
ويكشف سلمان أن نسبة البطالة ارتفعت من 15% إلى 37% منذ انتشار فيروس كورونا في المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 30 ألف نسمة.
في المقصف الأنيق، يأمل بنورة في أن يصمد حتى يعود النشاط السياحي لكنه يعتزم الإبقاء على اسم كورونا حتى ذلك الوقت.
ويقول "سأحتفظ بالاسم لأن الناس سيأتون إلى هنا ويقولون: لقد نجونا".